مواجهة المكروه والقدر
صالح المرهون
لاشك ولا ريب أن من الأمور الطبيعية جدًا في الحياة أن يصيب الإنسان مكروه ما أو يبتلى ببلاء ما، أي مكروه أو بلاء تختلف درجته ونوعه من مكروه إلى آخر أو بلاء إلى آخر، ومهما حاول الإنسان الابتعاد عن المكروه أو البلاء فإنه إذا كان مقدرًا له أن يصيبه سيصيبه، ولو كان في بروج مشيدة، ومثال على ذلك ماحصل في تركيا وسوريا من زلزال هذا من المكروهات والبلاء، والكلام هنا في تصرف الإنسان إزاء هذا المكروه أو البلاء وكيف يواجهه بسلوك أو تصرف صحيح، وإذا كان هناك احتمال أن يقع له ذلك المكروه، فماهي الأساليب الصحيحة التي يمكن أن تبعد عنه ذلك؟
أقول أولًا: أنه لايكلف الله نفسًا إلا وسعها، فالحزن في هذه الحالة أمر طبيعي عند عامة الناس، والله لا يكلف الإنسان بألا يحزن على المكروهات، ولكن المبالغة في الحزن بحيث لا يرى الإنسان ربه، فيرى فقط خسارته ولا ينظر إلى ما وعد الله، فهذا محرم، وكذلك محاولة اتقاء المكروهات هو إجراء صحيح، وقد وهب الله الإنسان العقل والظروف التي تساعده على اتقاء المكاره، وأولها الدعاء والتوجه إلى الله بقلب سليم، والبقية خاضعة للظرف ولإعمال الإنسان قدرته العقلية، والحزن مسألة طبيعية في تكوين الإنسان كما قلنا، ولكن العصيان هو المحرم، وإصابة الإنسان بمكروه قد يدفعه لسلوك بعض الأفعال التي تخفف عنه أو ترفع عنه ذلك، ولكن هذه الأفعال قد تكون غير مشروعة فتكون محرمة، إذن الدخول في مواضع من السلوك والبيئة تساعد الإنسان على العصيان إذا تعرض لمكروه معين أو ابتلاء معين هو المحرم، والقنوط من رحمة الله عند التعرض للمكروه محرم، إذن الأمر واضح، وما للإنسان واضح، وما عليه أن يفعله ويرضي الله عنه به أسهل عملًا وأجنى ثمرًا من غيره في الدنيا والآخرة، وليعلم الإنسان أن الرضا بالواقع عنصر مهم لحياة الإنسان، بل وخيار ضروري له بالنسبة للخيارات المتاحة، وهو الأكثر نفعًا له، والقدر المقصود هنا هو قدر ديني تشريعي، وقدر تكويني بتدبير من الله تعالى،
اللهم لا تبتلينا وأبعدنا عن كل مكروه انك سميع مجيب.