كل الألعاب مفيدة إلَّا أن لعب الأطفال الصغار المستقل يحصنهم من تدهور صحتهم العقلية مستقبلًا
بقلم: جيزيل جالوستيان
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
راجعه الدكتور حجي ابراهيم الزويد
اللعب المحفوف بالمخاطر، كتسلق الأشجار، يساعد في تحصين الأطفال من الإصابة بالرهاب ويحد من الاصابة بالقلق في مستقبل حياتهم،وذلك من خلال الرفع من ثقتهم بالنفس(1) للتعامل مع حالات الأزمات التي قد يتعرضون لها.
القلق والاكتئاب بين الأطفال في سن المدرسة والمراهقين في الولايات المتحدة بلغ أعلى معدلاته على الإطلاق. من المحزن أن الصحة النفسيةللأطفال والمراهقين قد أٌعلنت كحالة طوارئ وطنية في عام 2021. على الرغم من أنه يُعتقد أن أسبابًا كثيرة قد تساهم في هذا التدهور فيالصحة العقلية، إلا أن دراسة جديدة أجراها ثلاثة باحثين بارزين متخصصين في تطور الطفل(2) تشير إلى “لعب الطفل” المستقل [أي لعبالطفل لوحده في حضور أحد والديه أو كليهما(3)] لتحصين الأطفال من تدهور صحته العقلية.
تشير النتائج، التي نُشرت في مجلة طب الأطفال(4)، إلى أن الزيادة المضطردة في اضطرابات الصحة العقلية تُعزى إلى عقود منالانخفاض في فرص لعب الأطفال والمراهقين وتجوالهم (من مكان إلى آخر) وانخراطهم في أنشطة غير خاضعة للإشراف أو المراقبة المباشرةمن قبل أحد الوالدين. على الرغم من حسن الظن، فإن رغبة الوالدين لتوجيه وحماية الأطفال والمراهقين قد حرمتهم من الاستقلالية التييحتاجونها لتعزيز صحتهم العقلية، مما أدى إلى مستويات قياسية من القلق والاكتئاب والانتحار بين فئة الشباب.
“أولياء الأمور اليوم يتلقون بانتظام رسائل عن الأخطار التي قد تحدق بالأطفال غير الخاضعين للإشراف والمراقبة وتؤثر سلبًا في مستوىتحصيلهم الدراسي العالي في المدرسة. لكنهم لا يسمعون سوى القليل من الرسائل التشجيعية التي مفادها أنه إذا كان للأطفال أن يكبروابشخصيات ناضجة وقادرين على ضبط انفعالاتهم والتغلب على مشكلاتهم الحياتية، فإنهم يحتاجون إلى فرص مضطردة في الازدياد منالنشاط المستقل (أي يترك الطفل ليمارس نشاطه بنفسه في حضور أحد والديه لكن بدون تدخل) ، بما في ذلك اللعب لوحده [المترجم: اللعبالمستقل هو نوع من التعلم يكتسبه الطفل عندما يُسمح له باستكشاف اهتماماته وأفكاره دون إخباره بما يجب عليه فعله(5)] والمساهماتالهادفة في الحياة الأسرية والمجتمعية، وهي تعتبر علامات على تزايد ثقة الأسرة والمجتمع بالطفل حتى يشعر أنه أصبح مسؤولًا وقادرًا علىهذه المساهمات. والأطفال بحاجة إلى الشعور بأنهم قادرون على التعامل بفعالية مع العالم الحقيقي، لا فقط محدودون بعالم المدرسة ،”كما قال ديفيد بيوركلوند David . Bjorklund، المؤلف المشارك والبرفسور في قسم علم النفس في كلية العلوم في جامعة فلوريدا أتلانتيك.
بينت الدراسة أيضًا أن استقلالية الأطفال في انخراطهم في الأنشطة التي تنطوي على درجة معينة من المخاطر والمسؤولية الشخصية بعيدًاعن أولياء أمورهم قد تراجعت أيضًا خلال العقود الماضية. اللعب المحفوف بالمخاطر، كتسلق الأشجار، يفيد في تحصين الأطفال منالإصابة بالرهاب ويحد من الاصابة بالقلق في مستقبل حياتهم، وذلك من خلال الرفع من مستوى ثقتهم بأنفسهم للتعامل مع الأزمات التيقد يتعرضون لها.
من بين القيود العديدة التي تؤثر سلبًا في نشاط الأطفال المستقل هذه الأيام والتي حُددت في هذه الدراسة، زيادة طول الفترات التييقضيها الأطفال في المدرسة وفي عمل الواجبات المدرسية في البيت. بين عامي 1950 و 2010، زاد متوسط طول العام الدراسي فيالولايات المتحدة بمقدار خمسة أسابيع. الواجبات المنزلية، التي كانت نادرة أو غير موجودة في المدارس الابتدائية في السابق، أصبحت الآنطبيعية ومتعارفة حتى في رياض الأطفال. علاوة على ذلك ، بحلول عام 2014 ، بلغ متوسط الفترة الزمنية التي يقضيها الطفل في الفُسح(بما فيها الفُسح المقترنة بفترة الغداء) للمدارس الابتدائية 26.9 دقيقة فقط في اليوم، وبعض المدارس لم تسمح بأي فسحة / استراحة علىالإطلاق.
“صنف النشاط المستقل الرئيس، خاصة للأطفال الصغار” هو اللعب.“ كما قال بيوركلوند. تشير الأبحاث، وكذلك الملاحظة اليومية، إلى أناللعب هو مصدر مباشر لسعادة الأطفال.“
بعكس الأزمات الأخرى، كأزمة جائحة كوفيد-19، فإن هذا التراجع في النشاط المستقل، والذي بسببه تسللت الينا تدريجيًا مشكلة صحةالأطفال العقلية خلال العقود الماضية، لذلك بالكاد لاحظها الكثير منا “، كما قال بيوركلوند. “علاوة على ذلك، وبعكس الأزمات الصحيةالأخرى ، فإن هذه الأزمة ليست نتيجة لفيروس شديد العدوى، بل نتيجة للنوايا الحسنة المبالغ فيها كثيرًا – وهي نوايا هدفها تحصينالأطفال من المخاطر وتوفير فرص أفضل للتعليم كما يعتقد الكثير من الناس، داخل وخارج أوقات المدارس”.
لإجراء هذه الدراسة، بيوركلوند والمؤلفون المشاركون بيتر غراي Gray، المؤلف الرئيس وبرفسور باحث في قسم علم النفس في كلية بوسطن؛وديفيد لانسي Lancy، برفسور فخري في كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة ولاية يوتا، لخصوا عقود من الانخفاض الكبير فيفرص انخراط الأطفال في أنشطة مستقلين عن أولياء أمورهم؛ والانخفاض الكبير في الصحة العقلية للشباب خلال نفس العقود؛ وتأثيرالنشاط المستقل في سعادة الأطفال؛ وتأثيرات النشاط المستقل الإيجابية في بناء المرونة النفسية على الأمد الطويل.
وتختتم الورقة بالإشارة إلى أن الاهتمام بسلامة الأطفال وقيمة إرشادات أولياء الأمور التي تحتاج أن تُعزز بالاقرار بأن الأطفال يحتاجونمع نموهم إلى فرص متزايدة لإدارة أنشطتهم وفعالياتهم بشكل مستقل [لوحدهم]. تقترح الورقة طرقًا يمكن من خلالها تحقيق ذلك في عالماليوم والطرق التي يمكن أن يساعد بها أطباء الأطفال وأطباء الأسرة وواضعو التشريعات / السياسات العامة في تعزيز مثل هذا التغيير.
مصادر من داخل وخارج النص
1-“ هي الحالة التي يكون فيها الفرد مؤمناً بنفسه وبقدراته وبحكمه على الأشياء. هو شعور بالرضا عن النفس رغم ما بها من عيوب، فهيحالة تعتمد على الطريقة التي يُفكر بها الشخص بنفسه وبقدراتها ويعرف نقاط قوته ونقاط ضعفه ويحمل نظرة ايجابية ويستطيع تقبل النقد“ مقتبس بتصرف من نص ورد على هذا اعنوان؛
https://www.meemapps.com/term/self-confidence
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/تطور_الطفل
3- https://papromiseforchildren.com/featured-articles/the-importance-of-independent-play/
4- https://www.jpeds.com/article/S0022-3476(23)00111-7/fulltext
5- https://carrotsareorange.com/self-directed-play/
المصدر الرئيس:
https://www.fau.edu/newsdesk/articles/child-play-independence-study