مستوحى من المحار وعلم الفلك ابتكر باحث في علم الأحياء نوعًا جديدًا من الميكروسكوبات
بقلم: سارة رياردون
ترجمة: عدنان أحمد الحاجي
بإمكان الجهاز الجديد أن يأخذ صورًا مكبرة و واضحة باستخدام عينات معلقة في أي نوع من أنواع السوائل، أي شخص يمتلك تلسكوبًا ربما قد حاول أن ينظر من الطرف الخطأ ليعرف ما إذا كان يعمل من الطرف المعاكس – أي كما يعمل الميكروسكوب. لافساد متعة حبكة قصة هذا الاكتشاف: هذا التلسكوب لا يعمل لو استخدم من الطرف الخطأ.
فقد توصل فريق من الباحثين مستلهمين من عيون مخلوق بحري غريبة إلى طريقة لتصميم هذا الميكروسكوب الجديد. بقلب المرايا والعدسات المستخدمة في أنواع معينة من التلسكوبات على الوجه الآخر، فقد ابتكروا نوعًا جديدًا من الميكروسكوبات الذي يمكن استخدامه لتصوير عينات عائمة على أي نوع من أنواع السوائل – حتى داخل الأعضاء organs الشفافة – التي لا تزال تحتفظ بضوء كافٍ تسمح بتكبير عالٍ لصور العينة. يمكن أن يساعد تصميم الميكروسكوب الباحثين على الحصول على تكبير عالٍ لصور العينة بدرجة كافية لدراسة البنيويات الدقيقة مثل المحاور العصبية axons الطويلة الرفيعة التي تربط بين الخلايا العصبية في الدماغ أو أفراد البروتينات أو جزيئات الحمض النووي الريبي داخل الخلايا.
يقول كيماني تويسان Kimani Touissant مهندس كهربائي في جامعة براون: إن التصميم يمكن أن يكون مفيدًا في عمله، حيث يستخدم الليزر لنقش أنماطًا في مواد هلامية تحاكي الكولاجين وتعمل كسقالات للخلايا.
عند التكبير العالي جدًا، يمكن للضوء المسلط على عينة أن ينتشر حولها، مما يؤدي إلى تشويش الصورة وتعتيمها. للتغلب على هذه المشكلة، قام الباحثون الذين يستخدمون المجاهر التقليدية التي تستخدم العدسات بتغطية العينة بطبقة رقيقة من الزيت أو الماء، ثم غمسوا عدسة الجهاز في سائل، مما حد من درجة تشتت الضوء. لكن هذه التقنية تتطلب أن يكون للأجهزة عدسات مختلفة لأنواع مختلفة من السوائل، مما يجعلها عملية مكلفة وصعبة وتحد من طرق تحضير العينات.
فابيان ڤويجت Voigt، باحث في علم الأحياء الجزيئية في جامعة هارفارد ومخترع التصميم الجديد كان يقرأ كتابًا عن الرؤية عند الحيوانات حين وقع نظره على حالة غريبة لعيون الأسقلوب (المحار المروحي). بعكس معظم الحيوانات، التي تتميز أعينها بشبكية عين ترسل صورًا إلى الدماغ ، فلدى الأسقلوب أوشحة مملؤة بمئات من البقع الزرقاء الصغيرة، كل منها يحتوي على مرآة منحنية خلفه. عندما يمر الضوء عبر عدسة كل عين، تعكس المرآة الداخلية الضوء مرة أخرى على المستقبلات الضوئية للأسقلوب لتكوين صورة تسمح بعد ذلك له بالاستجابة للمثيرات في بيئته.
باحث في علم الفلك هاوٍ منذ أن كان مراهقًا، أدرك ڤويجت Voigt أن تصميم عين الإسقلوب يشبه نوعًا من التلسكوبات اخترع قبل ما يقرب من 100 سنة يسمى تلسكوب شميدت Schmidt telescope. تلسكوب كبلر Kepler الفضائي، الذي يدور حول الأرض، يستخدم تصميم مرآة منحنية مماثلة لتكبير الضوء البعيد الآتي من الكواكب الخارجة عن المجموعة الشمسية. أدرك ڤويجت أنه بتقليص المرآة واستخدام الليزر كمصدر للضوء وملء الفراغ بين المرآة والمجس بسائل للحد من تشتت الضوء، يمكن تكييف التصميم ليلائم المجهر من الداخل.
لذلك، صنع ڤويجت وزملاؤه نموذجًا أوليًا بناءً على تلك المواصفات. يدخل الضوء من الأعلى ويمر عبر لوحة منحنية تصحح انحناء المرآة، ثم يرتد عن المرآة ليصطدم بالعينة ويكبرها. يقول ڤويجت تتمكن المرآة المنحنية من تكبير الصورة إلى حد كبير كما تكبرها العدسة. هذا الجهاز يسمح للباحثين بفحص العينات المعلقة في أي نوع من أنواع السوائل، مما يبسط عملية تحضير العينة. يقول ڤويجت إن التصميم يمكن أن يكون مفيدًا بشكل خاص للباحثين الذين يدرسون الأعضاء organs أو حتى الكائنات الحية بأكملها، مثل الفئران أو الأجنة، التي أُزيلت صبغتها بطريقة صناعية حتى تكون شفافة تمامًا.
اختبر الباحثون نموذج جهازهم الأولي وذلمك بتسليط الليزر على عينات شفافة، بما فيها عضلات ذيل الشرغوف (صغير الضفدع، مثلًا) ، ودماغ الفأر، وجنين دجاجة كامل. كانت هذه الصور، التي نشرها الباحثون الشهر الماضي في مجلة نتشر بايوتكنولوجي(1) Nature Biotechnology، واضحة مثل الصور التي حصلوا عليه من.التليسكوبات الضوئية التقليدية، على الرغم من استخدام تصميم أبسط، وتوفير المزيد من المرونة في طريقة تحضير العينات من قبل الباحثين.
قد يكون تصميم المرآة مفيدًا للباحثين الذين يهدفون إلى تتبع مسار محاور الفأر العصبية acons التي تنتشر في جميع أنحاء الدماغ ، كما يقول آدم غلاسر Adam Glaser، المهندس في معهد ألين Allen للديناميكيات العصبية الذي يعمل على رسم خرائط الدماغ. يمكن أن يبلغ طول المحاور العصبية عشرات المليمترات ولكن عرضها يبلغ فقط نانومتر واحد، مما يجعل رسم خرائط دماغ فأر بأكمله مهمة شاقة. كما أنها مكلفة أيضًا لو استخدمت المجاهر (الميكروسكوبات) المتاحة تجاريًا، والتي تتطلب استخدام عدسات عديدة، كما أنها صعبة في التشغيل. على النقيض من ذلك ، قد يكون التصميم الجديد أسهل في الاستخدام لأنه لا يتطلب سوى مرآة واحدة ، ولأنه يتمكن من التصوير من خلال أي نوع من أنواع السوائل، فإنه يسمح للباحثين بأن يكونوا أكثر مرونة في طريقة تحضير عينات الدماغ.
يضيف غلاسر أن المجهر الجديد يمكن أن يساعد الباحثين أيضًا في دراسة جزيئات الحمض النووي الريبي داخل الخلايا العصبية التي يمكن أن تكشف عن الجينات التي تنتجها كل خلية. يقول: “استعارة الفكرة من علم الفلك كانت بالفعل طريقة رائعة وفاعلة ومبتكرة لانجاز مهام علمية لم تكن ممكنة قبل ذلك”.
مصادر من داخل النص
1- https://www.nature.com/articles/s41587-023-01717-8
المصدر الرئيس
https://www.science.org/content/article/inspired-sea-and-sky-biologist-invents-new-kind-microscope