أمير الصالح
في مشهد تمثيلي معبر من إحدى حلقات مسلسل “درب الزلق” الشهير قالت نبوية (وكانت تلعب دور المرأة الأجنبية ) للأستاذ قحطه (مثل دور الرجل الخليجي) نورت بلدك يا بيه. وتتطور أحداث دراما الموقف في شكل ملفت ومتسارع ليشتعل قلب السيد قحطه هيامًا وحبًا في ” نبوية”. أجاد السيد قحطه الممثل لدور الإنسان العاطفي الساذج البسيط إتقان دوره، وتقدم للزواج من السيدة نبوية، وعلل قحطه ذلك القرار أمام أبناء أخته (حسين وسعد أبناء بن عاقول) وصديقه (بوصالح) بانه أحب نبوية لأنها قالت له: نورت البلد يا سي قحطه.
هذه الدراما تتكرر في عصرنا الحاضر بشكل كبير ومتزايد في منطقتنا الخليجية في ظل وجود فراغ عاطفي صرف لدى بعض الرجال وبعض النساء ممن لا يحسبون عواقب الأمور ولا يقيمون الأمور بميزان العقل الرصين، ويغفلون النظرة المستقبلية لما قد تؤول إليه الأحداث. نسبة لا يستهان بها من شباب وكهول منطقة الخليج يكون فيها الإنسان عاطفي وتفاعله وردود أفعاله وقرارته لحظية impulsive ومزاجية. ومن لديهم خبرة وتمرس في الذكاء العاطفي من الأجانب والأجنبيات سواء كانوا من بلاد العرب أو من غير العرب سيطروا ويسيطرون بشكل كبير على ثقة وتعلق شطر كبير من أبناء المجتمع المحلي بهم سواء في قطاع الأعمال أو المال أو الترفيه أو التسويق أو الإعلام أو المقاولات.
في عالم اليوم حيث نسمع بتجدد قصة قحطة ونبوية النسخة المطورة بشكل واسع وبأنماط سردية أكثر تعقيدًا حيث التغنج والدلع والغناء والرقص والميوعة والتبرج. تتجدد الأزمات الاجتماعية الناتجة عن تلكم العلاقات الطارئة في جسم بعض المجتمعات، في الوقت الذي نسمع عن زيادة الطلاق والخلع بين صفوف الأزواج المحليين، نسمع قرار ارتباط البعض ممن وقع في شباك نبوية الدلوعة وأسرت قلبه المتيم بها. وحديثًا كثير من فتيات السناب والتيك توك والفيس بوك الأجانب والمحليين تقمصن دور نبوية من أجل استمالة بعض شباب وكهول الخليج العربي بناء على الفقر العاطفي والعاطفة الساذجة لديهم. فتم ويتم استدراج بعض العاطفيين منهم بمقولة مثل ( أحبك / أنت مميز / تشرفنا زيارة في بلادنا / أنت ذكي ومذوق …. إلخ ) إلى مهالك أو ارتباطات وصداقات مشبوهة، وهذه العلاقة في المحصلة قد تؤدي إلى مهلكة مالية ونفسية وبدنية ورحلة استنزاف عاطفي للضحية. لسنا ضد الزواج الشرعي من الأجنبيات العفيفات الطاهرات المؤمنات الصالحات الفاتنات، إلا أن هذا لا يمنعنا من التواصي بالحق مع أبناء مجتمعنا ووطنا وأقليمنا لكيلا يُستدرج أحدهم تحت إغراءات وإيحاءات إغرائية ومقاطع شهوانية إلى ما لا يحمد عقباه بسبب نقص منسوب العقلنة لديه وارتفاع تسبة فقر العاطفة عنده.
ونوجز القول هنا بإيراد بعض أساليب رفع مستوى الحصانة العاطفية لدى أبناء المجتمع للفائدة:
١- الابتعاد عن مواطن الشبهة ومواطن فخاخ الإغراء والإغواء والرذيلة سواء في العالم الافتراضي أو الواقعي.
٢- إتقان استخدام العقل الواعي وتوظيف المشاعر لخلق الاتزان.
٣- اليقظة عند الاستجابة أو التفاعل بشكل عقلائي راشد لأي إطراء أو ذم يرد أليك من الجنس الآخر في مكان العمل أو الشارع أو الهاتف أو المكتب.
٤- عدم الهروب إلى إحضان الفراغ العاطفي عند مواجهة المسؤوليات.
٥- الابتعاد عن أصحاب السوء، فالإنسان يتأثر برفاقه ممن يزينون له خوض غمار تجارب سيئة (وكونوا مع الصادقين).
٦- تفعيل التفكير التحليلي، ولا سيما عند عقد أي فعل أو إطلاق أي تصريح، أو التجاوب مع أية مكالمة هاتفية، أو الانضمام مع أي مغرد ينم عن استدراج عاطفي لك.
٧- تطوير وإشباع آليات حسن التجانس بين الزوجة والزوج في مرحلة ما قبل الزواج وداخل المجتمع الواحد.
٨- ينتقد البعض آليات اختيار الزوجة/ الزوج في مجتمعه المحافظ، ولكن لا يطرح بديل للآليات تشمل الأعراف والقيم والشريعة والحشمة.
٩- إعادة وتجديد هيكلة صياغة القوالب السلوكية المحتشمة بأنماط متعددة تنم عن الوعي وتحجب السقوط في الرذائل.
١٠- تنبيه الرجل (رمزه قحطه) بعقل فطن لعواقب الأمور لما بعد التحامه بامرأة مائعة تعرف عليها عبر العالم الافتراضي (رمزها نبوية) على ذريته وامتداده وانصهارهم وتفرعهم.
قد تكون هناك نقاط أخرى، ولكن أكتفي بهذا القدر.
إن تفعيل تلكم النقاط أو نقاط أخرى يراها أبناء المجتمع أمر ملح وضروري، للحفاظ على نسيج المجتمع من التفكك والتبعثر وتكاثر أعداد أنموذج “نبوية ” في المجتمع، وعنوسة أعداد أنموذج “صويلحة”.
ملاحظة: شخصيًا قرأت سورة الفاتحة وأهديت ثوابها إلى روح من رحل من أبطال مسلسل درب الزلق، ولا سيما الممثل المرحوم علي النفيسي والممثل المميز حسين عبدالرضا والممثل خالد النفيسي والآخرين.
