حلقة ١: مبادرة “شكرًا لجيران المسجد” سلسلة: ترك الأثر
أمير الصالح
( وَنَكْتُبُ ما قَدَّمُوا وَآثارَهُمْ وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْناهُ فِي إِمامٍ مُبِينٍ) سورة يس، آية 12، صفحة 440.
لكل منا حلم بأن يترك أثرًا كبيرًا ونافعًا في حياته وقبل رحيله وبعد رحيله، لينتفع به بني البشر في جميع بقاع الأرض، أو في محيطه وداخل أسرته في الحد الأدنى. في هذه الحلقة سأتعرض لمفهوم اختلقته وأسميته استثمار الأثر impact investment .
لأقرب الصورة وأقدح الفكرة وأشخص الآلية.
في عالم دراسة استثمار الشركات يتم التطرق لعدة مفاهيم تدل على أنسنة الأثر للمنتج وللشركة، ولعل مفهوم IRIS المتضمن
١ – Impact Reporting تقرير الأثر
٢- investment standards استثمار الممارسات
يقودنا هذا وذاك لمفهوم أوسع، هو Global Reporting initiative عولمة المبادرة الإيجابية.
في محيطنا الاجتماعي يتقدم بعض المبادرين بتبني بعض الأعمال أو اقتراح وتفعيل بعض الأفكار مع إدراك بسيط أو عميق منهم للعائد الاجتماعي من تلك المبادرة الهادفة.
تسويق الفكرة عبر الإعلام المرئي والمسموع بشكل خلاق وذكي يحقق أصداء واسعة لها ويحفز الآخرين على اقتفاء تطبيقها.
في عالم الإعلام الناضج والواعي يسعى البعض
في تبني مبادرة الإبلاغ عالميًا للأفكار التطبيقية النيرة والنافعة التي انطلقت داخل مجتمعاتهم وإهدائها للإنسانية كافة عبر رسائل تصويرية في تطبيق تك توك مثلًا، أو عبر مقالات مكتوبة، أو مقاطع فيديو على اليوتيوب.
على سبيل المثال، حديثًا قرأنا رسالة واتس آب مفادها أن امرأة كورية تبنت فكرة توزيع هدايا رمزية بسيطة مصحوبة برسالة اعتذار مكتوبة، عما قد يبدر من ابنها الرضيع وبلسان ابنها البالغ أربعة شهور قبل انطلاق رحلة جوية عبر المحيط الهادي. فكان لتلك المبادرة أثر جميل في نفوس القراء حول العالم وحب اقتداء الآخرين بتطبيق هكذا أنموذج. وفعليًا عشنا تجربة مماثلة قبل ثلاثين سنة في مدينة طوكيو بتوزيع رسالة اعتذار موجهة لجيران مكان إنشاءات عن الإزعاج المصاحب لأعمال البناء، مع هدية هي صندوق شوكولاته صغير من مقاول متعهد لإنشاء مبنى لصالح وزارة الخارجية اليابانية في حي Azabu Juban بالقرب من برج طوكيو الشهير، حيث كنت أقطن يومذاك.
يوم أمس شاهدت بأحد مساجد شرق مدينة الدمام، مبادرة جميلة وخلاقة، هي حفل تكريم جيران مسجد المصطفى. وكانت المبادرة جديدة وذات أثر جميل وعميق ونافع في نفوس الجيران، لما لمسوه من ثناء وإطراء من إمام المسجد لحسن تعاونهم وتعميق جسور التواصل معهم، وحث رواد المسجد باحترام أنظمة المرور وقواعد السلامة عند وقوف سياراتهم. وكان لذلك أثر جميل ولفتة محترمة، وحفظ لحقوق جيران المسجد، وتأصيل لحسن الجوار. وأتمنى أن تتبنى إدارات المساجد حول العالم ذات المبادرة لمد جسور الود مع جيران المساجد. فهل من صدى لذلك؟!
في عالم الأمل وبث الروح الإيجابية، نهلل ونصفق للأشخاص الأكارم ممن يبادرون في خلق وصنع وتفعيل المبادرات النافعة. ونهيب بهم ونشد أزرهم ونتطلع ألا يكسر عزيمتهم وجود انتهازيين ممن يخنقون المبادرات النافعة. ومن الحكمة بمكان توثيق العمل الاجتماعي والجماعي، والسعي لغرس روح المبادرة داخل المجتمع الواحد. وإن لم يفلح المبادر في ذلك فعليه إعادة طرح مبادراته في مجتمع ثانٍ أكثر تقبلًا واحتضانًا ووفاء ورعاية للمبادرات النافعة والخلاقة التي تسعى لتجذير الخير بين بني المجتمع والإنسانية جمعاء.