العلاّق يُحاضر عن جماليات النص الشعري ووعي المتلقي
محمود المؤمن: الظهران
في مساء يوم الجمعة الماضية، أقام ملتقى ابن المقرب الأدبي بالدمام ومركز إثراء بالظهران أمسية بعنوان: (النص الشعري بين جماليات الكتابة ووعي الثقافة)، للشاعر والناقد العراقي الدكتور علي جعفر العلاق، ضمن برنامج (مجاز) الثقافي المشترك بين الملتقى والمركز، وقد أدار الحوار الشاعر حسن الربيح، الذي شنَّف الأسماع بمقدمة رائعة قدَّم بعدها الضيف للشروع في إلقاء محاضرته .
وبدأ العلَّاق حديثه بشكره الجزيل للحاضرين، و أكَّد بأن الشاعر مكافأته ليست الجوائز بل هي اللحظة التي يلتقي فيها بمُتلقٍّ نابهٍ و فطنٍ يتلقى القصيدة بمحبة ويرحل معها في عالم مليء بالتأمل، واعتبر نفسه محظوظا بوجود محبين جعلوا من حلمه حقيقة.
ودعا الدكتور العلاّق لكي تتحول المحاضرة إلى مهمة مشتركة بين المحاضر والمتلقي، وحلَّقَ بهم إلى فضاءات أدبية مليئة بمجموعة كبيرة من الأسماء الشعرية المهمة كرائد قصيدة النثر الفرنسي بودلير وروبورت شولر وكمال أبوديب وسعدي يوسف وعبدالرزاق عبدالواحد.
و طعَّمَ الأجواء بالاستشهادات الشعرية التي تصب في مجرى المحاضرة، وآنس الأذهان ببعض القصص، كقصته في السيارة مع ابن قريته الذي كان فؤاده أفرغ من فؤاد أم موسى، و كذلك القصة الطريفة للشاعر محمد سعيد الحبوبي مع الرجل الريفي.
كانت الأمسية مقسّمة إلى جولتين تناول في الجولة الأولى: (جماليات الكتابة في النص الشعري)، و ركزَّ على مفردة (النص) بالخصوص، ولم يقل القصيدة؛ لأن النص أشمل، فقد يكون جملة وقد يكون مقالا وقد يكون قصيدة وربما أصبح كتاباً، بل و هناك ما هو أعمق من ذلك، فقد يكون الفيلم السينمائي نصًا شعريًا كما عبر عن ذلك روبورت شولر في كتابه “السيمياء و التأويل”.
وأكّد بأن نصوص المتنبي وامرئ القيس لو كانت بسيطة وليس لها قراءات متعددة بعدد الأذهان لما خَلُدت إلى يومنا هذا، كما صرَّح بأن النص المتخم بالإرهاق الجمالي نص عديم القيمة.
و كان رأيه في قصيدة النثر بأنها نص شعري من الطراز الرفيع، وهي ليست سهلة كما يظن الكثير! ولكن السؤال المهم هل كل نص جميل يُسمى قصيدة نثر؟ وهل المنظومات الفقهية والنحوية تُصنف بأنها شعر؟ وهل يستطيع الشاعر الذي ولد من الفراغ و لم يطلع على العروض و التراث أن يكتب شيئاً يستفز المتلقي ويصدمه بالدهشة، لابد للشاعر الحقيقي أن نشم في عظامه رائحة الأسلاف.
و قد تناول في الجولة الثانية: (وعي المتلقي) قائلًا: لابد للمتلقي أن يكون لديه الحدُّ المعقول من المعرفة لأساسيات الشعر، وأن تكون لديه ملكة الذوق والتذوق التي تعتبر الحاضنة الجيدة للوعي السليم.
و قد أكّد على نقاء النوع الشعري أكثر من مرة، والذي يقصد به أن يتفرد كل نوع من الشعر بمزاياه، سواء كان عموديًا أو تفعيلة أو نثراً، فلا تكون القصيدة هجينة بنوعين أو أكثر . كما دعا لفك الاشتباكات بين الأنواع الشعرية التي عبَّر عنها بـ(داحس و الغبراء).
و قبل أن يختم الضيف الكبير محاضرته ألقى نصين شنّف بهما الأسماع: “ما الذي يجعل الموت مختلفاً؟”، و”اتخيلُني في مهبِ نشيدٍ تردده الريح”.
وختمت الأمسية التي شهدت حضورًا جماهيريا نخبويا بتكريم الضيف الكريم بدرع تذكارية من رئيس الملتقى الأستاذ أحمد اللويم ومسؤل مكتبة إثراء الأستاذ عبدالله الحواس ، لتُلتقط بعدها الصور التذكارية .