أقلام

كيف يعيش الشباب في ظل التحديات

صالح المرهون

وفي ظل أجواء هذه التحديات الكبرى كان أحد الشباب يدرس في إحدى البلاد الإسلامية فانسحب من الجامعة، وحين سئل لماذا انسحبت؟ قال: في الواقع خشيت على ديني، فلم أكن قادرًا على أن أحفظ ديني في أجواء تلك الجامعة، ثم نقل بعض القضايا والحوادث، وقال: كان أمامي خيار واحد، إما أن أفقد ديني أو أترك الجامعة، فتركها حفاظًا على دينه وتحول إلى خط آخر، فوفقه الله سبحانه وتعالى في خياره الجديد،

إذن كيف ينجو الشباب الذي يعيش ضمن هذه التحديات الكبرى؟ ولا يتحول إلى ما يشبه ذلك الشباب الذي يخدعه الشيطان

( كمثل الشيطان إذ قال للإنسان اكفر فلما كفر قال إني بريئ منك إني أخاف الله رب العالمين)

إنكم تعرفون ماهي بداية هذا الرجل أو هذا الشباب، لقد كانت بدايته الشهوة، فربما يسقط الإنسان في لحظة واحدة، فهو يحتاج إلى طاقة معنوية هائلة تحفظه من الضغوط والمغريات.

إننا نجد في قضية سيد الشهداء الإمام الحسين(ع) مصدرًا عظيمًا من مصادر الطاقة، كما أن الشمس تعطي طاقة لهذا الكون، فلا تشبيه، ولا يمكن لنا أن نمثل الشمس المادية المحدودة بتلك الطاقة الكبرى التي تعطيها قضية سيد الشهداء(ع).

كتب أحد المفكرين في بلاد الغرب: لقد تتبعنا وضع الجاليات التي جاءت إلى بلاد الغرب – طبعًا الآن الأمة تعيش أجواء الغرب والحضارة الغربية والانفتاح-

فوجدنا أن معظم الجاليات ذابت تحت وطأت الحضارة الغربية والانفتاح وأجوائها الحاكمة- إنها حضارة مقتدرة عملاقة من الناحية المادية وفيها جميع المغريات- ويقول المفكر: ولكن هناك طائفة واحدة لم تذب في خضم الحضارة الغربية، ربما ذاب أفراد منها ولكن كخط عام وكأمة، قاوموا الذوبان والمغريات في أجواء الغرب، وهم شيعة أهل البيت(ع)، ثم تساءل هذا المفكر: ماهي العوامل التي تقف وراء ذلك؟

يجيب نفسه أن هناك عاملين:

العامل الأول: الإمام الحسين(ع) فهو قوة هائلة لاتقهر، ونحن نعرف كثيرًا من الشباب الذين كانوا يحملون الروح الحسينية عاشوا في

محيطات الغرب ولكنهم لم يذوبوا فيها، بل تحولوا إلى حملة للواء أهل البيت(ع) في تلك البلاد البعيدة، فربما لأول مرة في تاريخ الكون

في بعض المناطق يرفع علم الدين وعلم لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله(صلى) ببركة هؤلاء الذين يحملون هذه الروح الحسينية،

العامل الثاني: المرجعية الدينية، وهذا العامل يحتاج إلى تفصيل لا مجال له،

وهي طاقة تحمل الامتحان،

أحد الأفراد الذين انكشف لهم الطريق وقد كان في خط آخر، فبعد بحوث وجهود انكشفت له معالم طريق أهل البيت(ع) واهتدى، كان قد خاض في بحوث ودراسات العلماء ومفكريهم فتبينت له معالم الحقيقة، ولكن نحن نعرف أن عملية التحول من خط إلى آخر تكون شاقة وصعبة جدًا، إن هذه الحالة تشبه كلمة الحر( رضوان الله عليه) التي قالها يوم عاشوراء:( إني أخير نفسي بين الجنة والنار)، نعم نحن أيضًا نجد أنفسنا في كثير من المواقف على مفترق طريقين، فنخير أنفسنا بين الجنة والنار، وهو خيار صعب جدًا، وأحيانا على الإنسان أن يفقد جميع مصالحه، فمن تتوافر له القدرة على اتخاذ قرار يضحي بجميع مصالحة؟ كما ضحى سيد الشهداء(ع)، إن هذا يمكن أن يحدث بسهولة باللفظ ولكنه في الواقع من أصعب المشكلات.

إذن قرار ذلك الرجل الذي تحول عن خطه إلى خط أهل البيت(ع) كان شاقًا وصعبًا، فكيف يتخلى عن كل تاريخه وينفصل عن كل ماضيه، يقول الرجل: جئت وأنا في غاية التردد وأسأل نفسي مذا أعمل؟ ثم دخلت حرم الإمام الحسين(ع) وجلست في إحدى الزوايا، فجأة التفت إلى ضريح الإمام الحسين( ع)، وإذا بي أشعر بطاقة هائلة تدب في أوصالي وقررت في تلك اللحظة أن أعلن انتمائي لأهل البيت(ع) وأعلن انتماءه فعلًا.

اللهم أرزقنا ولاية محمد وآل محمد عليه وعليهم الصلاة والسلام.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى