نبضات قلبك قد تحرف احساسك بسرعة مرور الزمن
المترجم: عدنان أحمد الحاجي
بقلم انطون بنز وديزي يوحاس
قد يمتد أو يتقلص إحساسنا بالزمن مع إيقاع كل نبضة من نبضات القلب
في البداية يمر سريعًا بلا توقف – ثم يبدو واقفًا ساكنًا. احساسنا بالزمن ليس ثابتًا على الإطلاق. تشير دراستان جديدتان إلى أن دقات القلب قد تجعل اللحظات العابرة تمر بطيئةً جدًا أو سريعة جدًا .
التجربتان، بقيادة مجموعتين بحثيتين منفصلتين، كشفتا عن نتائج تكاملية (تكمل الواحدة منهما الأخرى) . بجمعها معًا تؤكد هذه النتائج أن نشاط القلب يؤثر في إحساسنا بسرعة مرور الزمن . تقول الباحثة في علم الأعصاب المعرفي(1) إيرينا أرسلانوفا Irena Arslanova من جامعة لندن ، وهي المؤلف الرئيس لإحدى الدراستين: “هذا يثبت أنه لا يمكن الأخذ في الاعتبار [الاحساس بالزمن] بمعزل عن الجسد”.
في أبريل 2023، ذكرت أرسلانوفا وزملاؤها في الورقة التي نشروها في دورية البيولوجيا المعاصرة Current Biology أن الإحساس بالزمن يتغير تمددًا أو تقلصًا مع كل نبضة من نبضات القلب(2). في تجربتهم الأولى، تعلم 28 شخصًا التمييز بين الفترة الزمنية لمثيرين بصريين (صور مرئية) أو مثيريين سمعيين (نغمات صوتية) على سبيل المثال، نظر المشاركون في هذه الدراسة إلى صورتين أو سمعوا نغمتين مختلفتين. عُرضت صورة أو صوت لمدة 200 مللي ثانية، والصورة الأخرى أو الصوت الآخر عُرض لمدة 400 مللي ثانية.
بعد ذلك، رأى المشاركون مثيرًا جديدًا – نغمة أو صورة أخرى – وكان عليهم تقدير ما إذا شعروا بزمن ما عُرض عليهم أقصر أو أطول ، مسنخدمين ما عرض عليهم من الصورة والصوت في التجربة السابقة (200 مللي ثانية) كمرجع. ولكن كان هناك تطور آخر. تمت مطابقة هذه الأصوات والصور الجديدة مع لحظة معينة في إيقاع معدل نبضات قلب أحد الأشخاص: عندما ينقبض القلب أو ينبسط ضمن نبضات القلب.
أثناء انقباض القلب، أحس المشاركون أن المدة الزمنية كانت أقصر مما كانت عليه في الواقع. وأثناء الانبساط ، كان العكس هو الصحيح. أصبح لدى الباحثين انطباع أن المبالغة في تقدير الزمن والاستهانة في تقديره عادة ما يبطل أحدهما مفعول الآخر. تقول أرسلانوفا: “إحدى طرق تفسير هذه الظاهرة هي: رمش العيون (اغماض وفتح العينين التلقائية اللإرادية) ، لكن الرؤية تبقى ثابتة. فقط عندما تسيطر حالة على أخرى [من حالات المبالغة أو الاستهانة في تقدير الزمن، أو في الحالة الأخرى إذا ما زاد وقت إغماض العين على وقت فتحها أو العكس] سيحدث الانحراف في تقدير الزمن العابر “.
وفقًا لأرسلانوفا وزملائها، يمكن تفسير هذه الظاهرة بحقيقة أن مستشعرات الضغط في جدران الأوعية الدموية ترسل إشارات إلى الدماغ. ونتيجةً لذلك، ينخفض نشاط المستشعر بين دقات القلب، مما يمنح الدماغ قدرة أكبر على معالجة المعلومات الواردة. هذه الزيادة في التأثير النفسي والفسيولوجي الناتج مباشرة من إثارة لواحدة أو أكثر من الحواس الخمس يمكن أن تجعل الزمن أطول.
في تجربة ثانية ، كررت المجموعة تجربتها وعرضت هذه المرة على 39 شخصًا صورًا لوجوه يمكن قراءة المشاعر من ملامحها. وجد الباحثون مرة أخرى أن نشاط القلب يحرف الاحساس بالزمن على مستوى المللي ثانية – وأن حالة الاستثارة المتزايدة ، التي تثيرها صور الوجوه العاطفية [التي يمكن قراءة المشاعر من ملامحها] يبدو أنها تجعل الاحساس أن الزمن يمر بشكل أسرع.
في موازاة ذلك ، نشرت مجموعة من جامعة كورنيل نتائج مشابهة(3، 4) في دورية علم النفس الفسيولوجي Psychophysiology في مارس 2023. ركز الباحثون على التباين في الإحساس بمرور الزمن بين كل نبضة من نضبات القلب. اكتشفوا أنه عندما تكون هذه الفترة أطول ، يصبح الزمن أبطأ. عندما تكون الفترة بين نبضتين من نبضات القلب أقل ، يبدو أن الإحساس أن الزمن يتحرك بشكل أسرع. أطلق الفريق على هذه الانحرافات الزمنية الدقيقة (الصغيرة) “تجاعيد الاحساس بالزمن (التجاعيد الزمانية)”(3، 4).
الباحثون من كلتا المجموعتين يحذرون من أن هذه النتائج لا تخبرنا بالضرورة عن الطريقة التي نحس بها بأحداث وفعاليات معينة – مثل مرور الزمن بسرعة عندما نكون مسرورين أو يتباطأ حين نشعر بالملل. تتأثر هذه الأحاسيس بعدد من العوامل ، بما في ذلك حالة المشاعر ومدى الانتباه. تحدث أيضًا على نطاق زمني مختلف تمامًا عن نطاق التجاعيد الزمانية التي يبلغ طولها مللي ثانية.
ولكن ، كما يوضح باحث علم الأعصاب المعرفي آدم أندرسون من جامعة كورنيل ، تسلط نتائج الدراسة الجديدة الضوء على كيف تؤثر نبضات القلب في الاحساس بمرور الزمن. ويقول: “الزمن متكون من أجزاء من الميللي ثانية”. “ربما تحكي هذه اللحظات الزمانية القصيرة جدًا سردية كبيرة.
يضيف أندرسون، وهو أحد مؤلفي الدراسة التي نشرت في مارس 2023 ، يحظى مدى علاقة الجسم بالدماغ(5) باهتمام متزايد من قبل باحثي علم الأعصاب. يقول: “الناس مرتاحون لفكرة أن الدماغ يمكن أن يؤثر فيما يفعله القلب”. لكن عكس هذه العلاقة [القلب يؤثر في الإحساس بالزمن] يُعتبر اكتشافًا غير مسبوق . “فكرة أن دماغك قد يستمع إلى ايقعات نبضات قلبك ليؤثر في شيء أساسي كإحساسك بمرور الزمن وجدناها فكرة مثيرة للاهتمام جدًا.”
مصادر من داهل وخارج النص
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_الأعصاب_المعرفي
2-
https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0960982223001744
3- “عندما كان طول نبضة القلب التي تسبق صوت النغمة أقصر ، كان الاحساس بالنغمة على أنها أطول. عندما كانت نبضة القلب السابقة أطول ، بدت مدة الصوت أقصر. ” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://onlinelibrary.wiley.com/doi/abs/10.1111/psyp.14270
4- https://adnan-alhajji.blogspot.com/2023/03/6-2023-68-2023-wrinkles-in-time.html?m=1
5- https://blogs.scientificamerican.com/observations/weve-lost-touch-with-our-bodies/
المصدر الرئيس
https://www.scientificamerican.com/article/the-heart-can-sway-our-perception-of-time