تربية الطليعة المؤمنة الواعية
تقرير المحاضرة: عبد المنعم الحليمي
الشيخ عبد الجليل البن سعد. ٢ محرم ١٤٤٥ هج
● قال أمير المؤمنين (عليه السلام): ” الناس ثلاثة: عالم رباني، ومتعلم على سبيل نجاة، وهمج رعاع ينعقون مع كل ناعق يميلون مع كل ريح، لم يستضيئوا بنور العلم ولم يلجأوا إلى ركن وثيق “.
نهج البلاغة: الحكمة: 147.
●البحث يتموضع في الجهود وأدوار الإصلاح والتصحيح التربوي.حيث أن المسلك التربوي منه مايرجى أن ينتج طلائع ومنه ما لا يرجى ذلك..
وتتوزع المادة البحثية في عدة محاور:
أ_ مادة تعريفية بالأطاريح التربوية:
اليوم هناك أطاريح تربوية مابين إفراط وتفريط.
الأول: الأطاريح التربوية الحداثية التفريطية بالكيان البشري..
الثاني: الأطاريح التربوية المفرطة والتي تتواجد حتى في المجال الإسلامي.
و الأطاريح المفرطة تعتمد المثل الأخلاقية والتي تهدف إلى جعل الأمة مصبوغة بلون واحد.. وهذه لها إنموذجان:
1_ تمثلها بعض الحركات التنظيمية المندثرة التي يعاد إحياء ثقافتها ومناهجها التربوية.
2_ أطروحات تأملية صدرها بعض المفكرين، والتي منها أطروحة التخلق بالفكر..
ب_ المادة النقدية:
1_ هذه الأطاريح البشرية تقدم بنظرة المثل، وهذه النظرة خصوصيتها أنها لاتقبل القسمة ولا التجزئة المجتمعية، وهذه تمثل خطأ تاريخي، لأن أول من قدم هذه الرؤية هو أفلاطون في كتابه(الجمهورية).. وأفلاطون لكون نظرته ورؤيته مثالية ليست قابلة للتحقق في الواقع لذا تراجع عنه قبل وفاته، ووقع في هذا الخطأ الشيوعية وسقطت لأنها أرادت المجتمع لون واحد، واللافت أن الخطأ يتكرر وتقع فيه بعض العقول الإسلامية..
فاصل معرفي: مقولة( الخطأ) مسألة تحتاج الى وقفة تأملية حيث أن الخطأ منه ما يرجع الى القوة العاقلة(الإدارك العقلي)، ومنه ما يرجع الى القوة الواهمة(الوهم)، وهو أمر مشكل حيث انه يتكرر كالوعكة الصحية، ويصاب بالخطأ الناشئ عن القوة الواهمة حتى النخب المجتمعية من مفكرين وإداريين في مؤسسات وأباء في أسرهم…
كما يتكرر الاصابة ببعض الامراض المعدية رغم معرفة الانسان باسباب العدوى.
ج_ المنهاج التربوي العلوي
الحديث العلوي الذي صدر به البحث.(الناس ثلاثة عالم رباني ومتعلم على سبيل نجاة وهمج رعاع.)، هذه الكلمة لأمير المؤمنين.ع. هي فوق الأطاريح والنظريات:
1_الناس : التعبير بالناس في الروايات له خصوصيته، حيث أن التعبير بالناس ليس إسم بل عنوان. هذا العنوان قد يتسع ويضيق بحسب واقع الناس ومجتمعهم.. ولذا ورد أيضا في الروايات ان الناس تسعة.، فلذا بفضل حديث أمير المؤمنين.ع. يتكشف لنا عن أن المجتمع لايمكن ان يخلو من الأضداد كما هناك همج رعاع هناك متعلم على سبيل نجاة وعالم رباني
2_ عالم رباني: هذه الفقرة العلوية تستبطن منهاج تربوي يصنع طلائعية حيث أن العلمائية الربانية تكون كالمغناطيس الجاذب، بخلاف تلك المناهج البشرية التي سبق ذكرها وهي غير منتجة للطلائعية بسبب دافعيتها و مبعديتها وعدم جاذبيتها، فلذا تقديم النماذج الصحيحة عناصر جاذبة وعملية تربوية تصحيحية للسلوك الخاطئ..
ولذا القرآن الكريم قدم جاذبية الرسول الأعظم.ص. من خلال خلق فقال تعالى: (وَإِنَّكَ لَعَلَىٰ خُلُقٍ عَظِيمٍ).سورة القلم.آية ٤
فاصل معرفي: وقفة مع الدكتور صادق جواد اللواتي العماني في بيانه لمعنى قوله تعالى وانك لعلى خلق عظيم، من أنها لا تعني تنظيم الرسول.ص. لعلاقاته مع الناس أو طبيعة الفعل و الممارسة والسلوك النبوي مع الناس، وانما تعني النظافة الباطنية..
_ وهذا الفهم لايوافق عليه وهناك عدة مداخل للمناقشة معه:
أولا: إطلاق لفظة الخلق والأخلاق لغويا، لاتشير الى المعنى المذكور للدكتور صادق، بل على معناها المتداول أصوب حيث الخلق والأخلاق سلوك وفعل وممارسة، فاللفظة مسبوكة لغويا قبل ان يقدم الدكتور صادق رؤيته التي يفترض ان يكون فيها للمعنى اللغوي وليس العكس..
ثانيا: سياق الآية يتحدث عن شهادة إلهية محرجة للمشركين ببيان أن أخلاق النبي.ص. تجاوزت في سموها حتى مع أعداءه ولم يستطع أي من المشركين تسجيل مؤاخذة على النبي.ص. في ذلك، ولذا يكون البيان الذي طرحه الدكتور مفرغا للآية من محتوها المتشرق.
ثالثا_ من أين للدكتور التفكيك بين الباطن والظاهر، حيث أن النظافة الباطنية تكشفها النظافة الظاهرية وهي المعبرة عنه بلا اي امكان للتفكيك بينهم.
د_ القسر الفكري: مبدأ مرفوض فليس بالضرورة أن يكون كل الناس علماء ومفكرين ومتخصصين فهناك سبيل للنجاة وهو (التدين بالعلم) متعلم على سبيل نجاة، أي معرفة الحجة بيني وبين الله تعالى..
_فتقليد العالم الحجة هو تدين بالعلم.
_ صون المنابر والمنصات الإعلامية من المهرجين او من يخلط الطين بالعجين ، فهذه مجتمعات و حسينيات متدينة بالعلم..
و_ منطق الوثوق: الفقرة العلوية (ولم يلجأوا الى ركن وثيق)،تفتح نافذة لمن لايمتلك مقدرة نقد العلم ولكن يمكنه امتلاك منطق الوثوق، كمثال لذلك عندما تصادفك الكثير من المقاطع لمتحدثين في الشؤون الطبية ولا يلتفت اليهم لعدم الوثوق بهم والإلتجاء الى أطباء متخصصين في مراكز صحية معتمدة ، فهذا منطق وثوق يتوجب استخدامه وتفعيله في المجال الديني وذلك مع موضوعة العالم الرباني الذي تكتمل فيه الشرائط، والتي منها شرط العدالة بحد مرتفع يفوق العدالة الاعتيادية التي يتوجب توفرها في إمام الجماعة..
_الركن الوثيق: كما أن العالم الرباني ركن وثيق فالإمام المعصوم.ع. هو الركن الوثيق الأول والأسمى والأجلى، الذي يؤخذ منه الدين والنظريات التربوية الصانعة للطلائعية، التي كما أعطاها أمير المؤمنين.ع. كذلك أعطاها الإمام الحسين.ع..
التربويات الحسينية الصانعة للطلائعية:
_الإمام الحسين.ع. في مسيرته وتحركه لم يضع شروط للإنضمام إليه برؤية تلك الأطاريح التربوية البشرية المتشددة على الناس في أخلاقياتهم وتدينهم..
_ فالإمام الحسين.ع. لم يشترط للإنضمام إليه أن يكون المنظم طاهرا مطهرا من الأساس، لماذا..؟؟؟
[الدين ليس مشروع للطاهرين فقط بل مشروع وباب للمتطهرين أيضا]..