أقلام

طوعة

طالب المطاوعة

اسم يهز كياني. ما إن يمر اسمها في أيام عاشوراء إلا وتلوح بمخيلتي شخصية إمرأة عظيمة خلّدها التاريخ، ولا أدري هل خلّدها التاريخ أم هي من خلّد التاريخ، ولا شك ولا ريب هي من خلّدت التاريخ بموقفها وشهامتها وقيمها وولائها للرسول ص وآهل بيته الكرام.

فما إن تقف على كلماتها الخالدة لمسلم بن عقيل رسول الحسين بن علي عليهما السلام”شربت الماي، أنصرف ، لايحل لك الوقوف على باب داري”، إلا وتقرأ في كلماتها العفة والشرف والتقوى والورع.

وعندما علمت بأنه من آل بيت رسول الله وأنه طريد الطغمة والزمرة الجائرة، لم تتوان بأن آوته وضيّفته سواد تلك الليلة.

وعندما علم وشعر ولدها باهتمام خاص من أمه على تلك الغرفة، وسألها من بالدار؟ أخذت منه وعليه العهود والمواثيق بأن لا يخبر أحداً، لكنها الدنيا وزينتها، إذ سمع من والي الكوفة بالجائزة لمن يخبر عنه، فسارع بنقل الخبر إليه.

وهنا ينتابني موقف ومفارقة بين الأم وولدها، علّنا نأخذ من ذلك الموقف درساً وعبرة.

الموقف. أنّ طوعه رحمها الله ثبتت على الإيمان والولاية لمحمد وآله. أما ولدها فزلّت قدمه وانحرف وانصرف عن الحق إلى الدنيا وزخرفها.

أمّا المفارقة كانت في تلك الأم المؤمنة والمحبة لرسول الله وأهل بيته، هي نفسها تلك الأم التي ولدت وأرضعت وربّت ذلك الولد، فهي ابتغت الشفاعة عند رسول الله ص يوم القيامة وَجنّات عرضها السموات والأرضين أعدّت للمتقين، وهو أبتغى العار والشنار، فبات التاريخ يذكرها بالخير ويذكره بالشر.

والدرس هنا، كيف لأم نقية تقية تنجب ولداّ شيطاناً وعلى غير أهل الحق!؟.

ومن هنا ندرك حقيقة أنّ العلاقة النسبية ليست بالشرط أن تكون علاقة إيمانية. كما هو الحال في موقف أبناء نبي الله يعقوب وموقفهم مع أخيهم نبي الله يوسف ع، فكيف لأخوة ينوون القتل لأخيهم ويرمونه في غياهب الجب!!!؟ وهم أبناء نبي من أنبياء الله.

ويستفاد من ذلك. عندما نرى أبناً أو بنتاً لأب وأم صالحين، لا ينبغي أن ننظر لهما بأنهما قصّرا وأخطئا في التربية، وننسب لهما ما يصح وما لا يصح، فهل سنجد تربية خير وأفضل من تربية الأنبياء؟.

فكل ما علينا أن ندعوا لأبنائهم بالخير والصلاح، والتوفيق والهداية بيد الله عزّ وجلّ

إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ ۚ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ (56)

يقول تعالى لرسوله، صلوات الله وسلامه عليه: إنك يا محمد (إنك لا تهدي من أحببت) أي: ليس إليك ذلك، إنما عليك البلاغ والله يهدي من يشاء ، وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة ، كما قال تعالى: (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء)، وأن نحسن الظن ببعض الآباء والأمهات، ونتعاطى معهم على أساس الأخوة الإيمانية، ونحفظ لهم حقوق الأخوة والإنسانية. فدور الوالدين التربية والتنشئة الحسنة، والتوفيق والهداية بيد الله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى