“يسارعون الخيرات”… حسن النمر القدوة
علي حسين العبدالله النمر
حسن النمر؛ اسم عرفه جيلين أو أكثر في حاضرة الدمام والأحساء والقطيف وغيرها، فكان موطن الثقة والمصداقية بروح المبادرة في الخيرات بكل نواحيها الاجتماعية والدينية والاقتصادية وغيرها.
ففي الوقت الذي أسس مأتم حسن النمر الذي أصبح – ماتم النمر في الدمام فيما بعد- خدمة للدين وجامعاً للمؤمنين في وقت مبكر من تواجد أهل الاحساء في الدمام كان أيضاً العضو الفعال في خدمة المؤمنين بل والمجتمع بكل دوائرهم حتى أنه مثلهم عضواً في الغرفة التجارية والصناعية بالمنطقة خدمة للوطن و اقتصاده.
مكتبه ومجلسه العامر في الدمام كان مفتوحًا للجميع، ومقصدًا لأبناء المنطقة بكافة أطيافهم وتنوعهم المناطقي والمذهبي، لم يقصده طالب حاجة أو صاحب إلا و وجد الصدر الرحب بل كان المعين ولو بالمشورة الصادقة يشهد بذلك كل من قصده، بل كان هو رحمه الله المبادر في كثير الأحيان لقضاء حاجاتهم بما أنعم الله عليه من واسع فضله.
فلئن كان سيد القوم خادمهم فلقد ساد حسن النمر” الرجل المؤمن القوى سيداً في مجتمع قومه بخدماته الجليلة و أخلاقه الجميلة
فمن تأسيس المساجد وَتهيئتها للعبادة إلى دعم وإسناد الجمعيات الخيرية القائمة على شؤون الفقراء والايتام، ورحابة الصدر والأريحية لإصلاح ذات البين وبذل الجاه لقضاء حاجاتهم و الواسطة لإنجاز ما أمكنه إنجازه مما يهمهم ويفرج هموهم ويسعدهم.
فلقد كان بحق “مسارعا في الخيرات..
ويذكر لنا الله عز وجل في كتابه الكريم صفات أسرة نبي الله زكريا و ابنه يحيى و وزوجته صلوات الله و سلامه على نبينا و آله و عليهم اجمعين بثلاث صفات من الصفات البارزة لهذه الأسرة كما يذكر تفسير الامثل فقال: “إنهم كانوا يسارعون في الخيرات ويدعوننا رغبا ورهبا وكانوا لنا خاشعين”
والخشوع هو الخضوع المقرون بالاحترام والأدب، وكذلك الخوف المشفوع بالإحساس بالمسؤولية.
إن ذكر هذه الصفات الثلاث ربما تكون إشارة إلى أن هؤلاء عندما يصلون إلى النعمة فلا يبتلون بالغفلة والغرور كما في الأشخاص الماديين من ضعفاء الإيمان، فهؤلاء لا ينسون الضعفاء المحتاجين على كل حال، *ويسارعون في الخيرات، ويتوجهون إلى الله سبحانه في حال الفقر والغنى، والمرض والصحة، وأخيرا فإنهم لا يبتلون بالكبر والغرور عند إقبال النعمة، بل كانوا خاشعين خاضعين أبدا.”
ومع ذلك كله كان الفقيد -رحمه الله – ملتزما و منضبطا بضوابط الشريعة الشرعية السمحاء في تعاملاته وجميع اموره العامة و الخاصة في كل نواحيها و موجها للقاصر وآخذا بيد المقصر الى الالتزام بها وتدل على ذلك علاقاته الواسعة و القديمة بالمرجعيات الدينية التي عاصرها و مراسلاته الموثقة القديمة و ما فيها استفتاءات تدل على هذا الحس الراقي من المسؤولية الدينية و الاجتماعية بلا تفريط ولا افراط في حدود الدين و احكامه في زمن يقل فيه الملتزم
رحمك الله يا خالي العزيز الغالي.
والله لقد احزننا فقدك لكن عزائنا انك وفدت على من تحب و تتولى بزاد التقوى الذي عرفناك به، فلئن عرف المؤمنون في الأحساء أباك المرحوم الحاج “محمد الحسين النمر”، الرجل المؤمن الذي يسعى في خدمة المؤمنين بل و المجتمع كافة، فقد عرفناك رجلاً مؤمناً قوياً شجاعًا سنداً للضعيف خادمًا للمؤمنين واصلا لرحمك متواضعا وملتزما بضوابط الشرع الحنيف.
كان سلوكك الايماني الذي عرفناه عنك و قدمته لنا قدوة
وما شهد به كل من عرفك يا خالي الغالي، أنك كنت تقدم ما تقدمه لله لا ترجو جزاء و لا شكورا من أحداً إلا رضا الله ورسوله وأهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين الذي لا أشك أنك التقيتهم في دار الحق والحقيقة وبشروك بما يبشر به المؤمنين الذين سبقوا و تسابقوا بالخيرات فحصدت شفاعتهم سلام الله نتيجة ما قدمت أضعافًا مضاعفة ان شاء الله تعالى.