وانتهى معرض الرياض الدولي للكتاب 2023م
عبدالله بن علي الرستم
وها هي أيام معرض الكتاب قد تصرّمت، ولياليه قد انقضت، ورجع عشّاق القراءة والكتب لمكتباتهم المنزلية بحمل بعير، أو ما يزيد، وذلك بعد تجوالهم المتردد بين أروقة دور النشر العربية وغير العربية، والذي أقيمت فعاليّاته في صرحٍ عريق طالما قصده الناس قبل عقدين من الزمن حينما كانت المعارض تقيمها الجامعات، ذلك الصرح الشامخ هو جامعة الملك سعود.
انقضت أيام معرض الكتاب، وكلٌ له وجهة نظر حيال هذه الفعالية التي تُعد من الفعاليات المهمة على مستوى الوطن، ومن الطبيعي أن تكون وجهات نظر مختلفة ومتعددة، فذاك له رأيه في مواقف السيارات، وآخر في طريقة العرض وتقسيم دور النشر، وآخر حيال الفعاليات المقامة، وجماعة شخصت أبصارها تجاه الإصدارات الحديثة، وأصدقاء سجلوا ذكرياتهم من خلال تجوالهم المتردد للمعرض، وأولئك فرحون بمقتنياتهم من الكتب التي يبحثون عنها، وبعضهم مستاءٌ من الازدحام وغلاء الأسعار، …الخ، إلا أن الكل يتفق أن هذه الفعاليّة مهمة مهما اختلفت الآراء.
ويبقى معرض الرياض الدولي للكتاب، إحدى الفعاليات المهمة التي تستنفر المثقفين وعشّاق القراءة من شرق الوطن وغربه، وجنوبه وشماله، حيث يقصدونه زرافات، وبشكل متكرر، وإن سجّلوا استياءهم حيال جزئية في هذا الحدث الضخم، فهذه حالة طبيعية أن فعالية بهذا الحجم لها معجبون وآخرون يتمنون أشياء لم تتحقق. ولعلّي أسجّل وجهة نظري في نقاط حول المعرض، أوجزها على النحو التالي:
1- كثرة دور النشر التي تلبّي رغبات شرائح متعددة من مثقفي وطننا الذي يحتضن هذه التعددية الثقافية.
2- وفرة العناوين المعروضة لدى دور النشر، وتنوّعها في كثير من مجالات المعرفة.
3- الاستعداد التام لهذا الحدث الكبير، من جميع النواحي (أمنياً، تنظيمياً، المكان، المواقف، الكوادر العاملة).
3- البرنامج الثقافي (وإن كان الوقتُ لم يسعفني لحضور فعالية واحدة، إلا أنه لا شك لبّى رغبات البعض).
4- كان المعتاد – وهو ما يفضله كثير من الناس – أن تكون دور النشر الخاصة بكتاب الطفل في قسم خاص للحفاظ على أجواء المعرض، نظراً لما يثيره بعض الأطفال من عفوية في السلوك.
5- كذلك يفضّل البعض أن تكون دور النشر مقسّمة حسب الدول، باعتبار أن بعض القرّاء يتعامل مع مؤلفين من دولة معيّنة، إما لعدم إلمامه ببعض المؤلفين أو لأمر يساهم في جمع مقتنياته من دور نشر محددة لدولة ما.
6- لا أنسى في تسجيلي لهذه النقاط التعامل الراقي من قبل الأخوة العاملين في التنظيم، سواءً في النقل الترددي، أو الاستقبال، أو نقاط التفتيش، أو متابعة روّاد المعرض، وما يعلو محيّاهم من ابتسامة عريضة ولغة ترحيب متكررة طوال الأيام العشرة، وتعاملهم الإيجابي تجاه بعض متجاوزي الأنظمة بغير قصد.
7- سيارات النقل التردد وما أبداه قادتها من تعاون وأريحية، وما قدمته هذه الخدمة من أثر إيجابي على مرتادي المعرض في تسهيل تنقلهم من المواقف البعيدة وتقريبهم إلى بوابة المعرض والعكس.
8- لا يزال أمل الكثير من مرتادي المعرض منصباً على انخفاض الأسعار التي جعلت جزءاً من المثقفين والقُرّاء الإحجام عن الحضور أو الحضور دون الشراء أو عدم تكرار الزيارة، نتيجة ارتفاع سعر الكتاب.
9- نتمنى من الجهات المعنية أن تقدم ورش عملٍ ذات صلة بالمعرض قبل إقامة الفعالية بأسبوع على الأقل، بتوجيه الإرشادات في كيفية انتقاء الكتاب، وطريقة البحث، كذلك حول وضع ميزانية للشراء وما يتعلق بذلك، ولتكن تلك الورش افتراضية (عن بُعد) أو (حضوري) أو بكليهما.
10- كان ضيف الشرف هذه السنة، من نصيب دولة شقيقة وجارة عزيزة على الكل، وهي (دولة عُمان) وما أكثر ما يكنّه الشعب السعودي من احترام ومحبّة لهذه الدولة التي تألّقت بحضورها البهيّ، وما عرضته من إصدارات تعكس ثقافة البلد.
11- وأخيراً، الشكر كل الشكر للقائمين على إدارة هذه الفعالية المهمة، التي توحي لنا بأن الثقافة والكتاب الورقي لا زالا يحظيان بعناية رسمية وشعبية.
وعلى الرغم من انتهاء المعرض، فإن الشوق يحدو الكثير للمعرض المقبل، وما يرجوه الكثير من تطوّر ملحوظ في إقامة هذه الفعالية المتكررة.