المعارك المالية ثاني سبب لانفصال الأزواج
عدنان الغزال : الدمام
تعد التعاملات المالية بين الزوجين أحد أهم الأسباب المؤثرة على استقرار العلاقة سلبًا وإيجابًا، فقد أكدت دراسات عديدة منها دراسة نشرت على موقع Ramsey Solutions، خلُصت إلى أن المعارك المالية بين الزوجين تأتي كثاني سبب للانفصال، ومن هنا جاءت أهمية الحديث عن هذا الموضوع الحاضر في جميع مراحل العلاقة منذ ابتدائها وحتى انتهائها.
مخالفة شرعية أو نظامية
أبان المشرف العام على مركز الطمأنينة للإرشاد الأسري، المستشار الأسري أحمد الدريويش، أن كثير من مشكلات الزوجين المالية، تنشأ وتتأثر بالجوانب الاجتماعية والنفسية، فالمهر الواجب على الرجل دفعه للمرأة؛ لم تحدد النصوص الشرعية ولا التنظيمية مقدراه أو كيفية تقديمه، وإنما تُرك لعرف المجتمع، وما يُعتقد أنه مرضي للمرأة، والزوج الذي يرفض دفع قيمة ما طلبته زوجته في مطعم -مثلًا- بحجة أنه غير ملزم به، لا نقول هنا إن الزوج ارتكب مخالفة شرعية أو نظامية تُدِينه، ولكنه من الجانب النفسي لدى الزوجة والاجتماعي لدى المجتمع يأخذ حكمًا آخرًا، لذا فالالتزام بالحقوق والواجبات فقط لا يكفي لحصول المحبة والمودة بين الزوجين، وإنما يلزم لتحقيقها التعاون والفضل والزيادة على الواجب.
درء الخلافات
شدد الدريويش على وضع الأمور في نصابها الصحيح وبيان مسؤولية ودور كل طرف تجاه الآخر، ودرء الخلافات في المستقبل وتخفيف آثارها إن وقعت، واتخاذ بعض القرارات التي قد تكون مصيرية كالخلع الذي تُلزم فيه الزوجة بدفع عوضٍ نظير فسخ العلاقة، أو كعدول شاب عن خطبة فتاة لتباين الوضع الاقتصادي بين الأسرتين، مبينًا أن معرفة سبب الخلاف يسهل علاجه وتصحيحه والوقاية منه مستقبلًا، فهناك أسباب متعلقة بنقص المعرفة والجهل بالأحكام، وأسباب مرتبطة بالسمات الشخصية كالبخل وضعف الشخصية، وأسباب تتعلق بالدوافع النفسية كاختلاف الأولويات، وأسباب سلوكية كالتبذير والعشوائية في الصرف، وأسباب اجتماعية تكمن في العادات والتقاليد وتأثير الأهل والأصدقاء، وأسباب اقتصادية كتغير الوضع المالي للأسرة للأفضل أو الأسوأ، وأسباب قانونية وهي الأشد حدةً بين بقية الأسباب لعواقبها التي قد تصل للعقوبات النظامية، وأخيرًا الأسباب الأخلاقية كالكذب والتحايل.
الاستقلال المالي التام
أضاف أن الاستقلال المالي التام بين الزوجين؛ يُفقد بينهما روح العلاقة، ويضعف مسؤوليتهما المشتركة، فاستقلال الزوجة الموظفة بتأمين جميع متطلباتها الخاصة يضعف احتياجها للزوج، ويضعف التزام الزوج تجاهها والعكس مع الزوج، والأصل أن يكون القدر المشترك هو الأكبر والقدر المستقل هو الأقل، ويستثنى من ذلك الأصول المالية والاستثمارات التجارية وما في حكمها فالأولى أن تكون مستقلة، مشيرًا إلى ضرورة الوقاية من الخلافات المالية، من خلال إخلاص النية واحتساب الأجر، فصدقة الأهل أعظم الصدقات، وتبدأ الوقاية قبل الزواج بالاختيار الصحيح، والالتزام بالحقوق والواجبات يأتي أولاً، ثم يحدد ما هو الفضل والزيادة، ووضع خطط للأهداف المالية يحدد ملامح الطريق، ورفع مستوى الوعي المالي من خلال دورات إدارة ميزانية الأسرة وغيرها، وقد يكون من الأسلم عدم الدخول في مشتركات مالية، ويتأكد ذلك في بداية العلاقة.
نظام الأحوال الشخصية
قال الدريويش: إن الأصل تحكيم الشرع في كافة المعاملات المالية، ومن ذلك بيان ما هو واجب وما دون الواجب، فيعرف كل طرف ما له وما عليه درءًا لوقوع الخلاف، وأهم ما يمكن الاحتكام إليه؛ نظام الأحوال الشخصية الصادر عن وزارة العدل الذي سنّ القواعد والتنظيمات وحدد الإجراءات المتبعة في جميع المعاملات الأسرية بما لا يدع مجالًا للشك والاجتهاد، والتنازل عن بعض الحقوق لا يكون إلا بالتراضي أو الإبراء، وغالبًا يكون التنازل لتحقيق مصلحة أو درء مفسدة للمتنازل، وأن كل التعاملات المالية بين الزوجين خارج إطار الواجب تخضع للسياسات واللوائح المنظمة لها كأي علاقة تربط أطراف خارج العلاقة الزوجية، بالإضافة إلى توثيق المعاملات المالية لا يتنافى مع وجود الثقة، وأن الزواج لا أثر له على مال الزوجين، فلكل منهما ذمة مالية مستقلة، وهذا يتضمن حق المسؤولية والتصرف، وأن ما يعطيه الزوج لزوجته من مال أو عين فقد أصبح ملكًا لها، وللزوجة الأخذ من مال زوجها للحاجة إذا كان مقصرًا، ولا يحق للزوجة الصرف من مال زوجها إلا بإذنه.