المصابون بالتوحد أقل احتمالًا للاستسلام لتأثير المتفرج، هذا ما توصل إليه الثنائي البحثي الأب وابنه من جامعة يورك
المترجم : عدنان احمد الحاجي
يقول باحثون من كلية شوليتش لإدارة الأعمال وكلية الصحة إنه على الرغم من أن ما يصل إلى 90 في المائة من المصابين بالتوحد عاطلون عن العمل (بطالة) أو موظفون زائدون عن الحاجة [ما يُعرف بـ البطالة المقنعة(1)] ، فإن الدراسة التي نشروها تشير إلى فوائد وجود موظفين من المصابين باضطرابات نمائية، كالتوحد، في مكان العمل [المؤسسات والشركات وغيرها].
تنص إحدى نظريات علم النفس المعتمدة على أن احتمال تدخُل معظم الناس في الحالات والأوضاع العصيبة، التي تحتاج الى التدخل، يضعُف إذا كان هناك آخرون موجودين في الساحة، [المترجم: وهو ما يُعرف بتأثير المتفرج – حيث يبدو الناس اتكاليين وغير معنيين أو غير أباليين بما يحدث أمام أعينهم(2)]، وينطبق “تأثير المتفرج” هذا أيضًا على أماكن العمل [في الشركات والمؤسسات وغيرها] . ومع ذلك، تبين البحوث الجديدة التي أجرتها جامعة يورك أن المصابين بالتوحد أقل احتمالًا للتأثر بهذه العدوى الاجتماعية(3) من الأشخاص الطبيعيين [غير المصابين بالتوحد]. كشفت نتائج الدراسة أن من غير المرجح أن يظل المصابون بالتوحد صامتين حين يشاهدون سلوكًا مشينًا [غير اخلاقي أو غير قانوني أوغير مهني] أو حتى حين يشاهدون أخطاء ترتكب يوميًا أمام ناظريهم في مكان العمل، مما يشير إلى الجوانب الإيجابية للتوحد وكيف يمكن للمؤسسات والشركات الاستفادة من توظيف المزيد من هؤلاء المصابين بالتوحد.
“تُثبت دراستنا(4) أن الموظفين المصابين بالتوحد سيتدخلون على الأرجح فقط وفقط إذا رأوا شيئًا خاطئًا [ تصرفًا خاطئًا أو خلاف القانون أو خلاف المطلوب أو غير مهني أو غير أخلاقي]، بغض النظر عن عدد الأشخاص الحاضرين [المترجم: أي أنهم لا يتأثرون بما يُسمى بتأثير المتفرج كما يتأثر به الناس غير المصابين بالتوحد ] . الحالات التي قد لا يتدخلون فيها هي الحالات التي عرفوا على الأرجح مدى تأثير الآخرين كسبب في عدم تدخلهم، بينما كان الموظفون غير المصابين بالتوحد أكثر تقاعسًا عن ادراك أهمية التدخل،” كما يقول المؤلف الرئيس لورن هارتمان Lorne Hartman، من كلية شوليش لإدارة الأعمال:.
لورن وابنه براكستون هارتمان Braxton Hartman، وهو طالب دراسات عليا في كلية الصحة في جامعة يورك، والذي كان أحد المشاركين في الدراسة، كانا متحمسين لدراسة هذه القضية ليس فقط من حيث تجربتهم الأكاديمية، ولكن أيضًا بسبب تجربتهم الشخصية – حيث أن براكستون هو نفسه مصاب بالتوحد، وكان مدافعًا عامًا عن هذه القضية منذ أن كان سنه 12 عامًا.
“أحد الدوافع هنا هو أن الكثير من الأدبيات الحالية [الأوراق العلمية المنشورة] في التوحد تأتي من ذهنية العجز [المترجم: ذهنية العجز deficit mindset هي حين يكون التركيز على المشكلة التي يعاني منها المصاب لا على الامكانيات التي يحملها، بحسب التعريف (2)]. هذا النوع من الذهنية يقول ببساطة أن هذه الاختلافات في التوحد هي حصرًا نوع من السلبيات. يقول براكستون، الذي تركز أبحاثه أيضًا على التوحد: “نريد إعادة صياغة تلك العبارة ونتساءل: ما هي البدائل التي قد تتحول بها بعض هذه الاختلافات في الواقع إلي ايجابيات لا فقط مجرد سلبيات؟” “أحد المجالات الأساسية التي يعتبرها الناس عجزًا فيما يتعلق بالتوحد هو العجز من حيث التفاعل الاجتماعي. أردنا أن ندرس فيما إذا كان هذا في الواقع أمرًا إيجابيًا إلى الحد الذي يجعل المصابين بالتوحد غير متأثرين بالآخرين [لا يستسلمون إلى تأثير المتفرج] عندما يتعلق الأمر بالممارسات غير السوية (غير الطبيعية) أو غير الأخلاقية في مكان العمل.
لدى لورن خلفية في علم النفس الإكلينيكي ويتناول مجال بحثه الرئيس السلوك غير الأخلاقي في المؤسسات / الشركات.
“ولكن الأهم من ذلك كله في كل هذه الحالات أن هناك المئات، وربما الآلاف، من الذين ربما لم يكونوا متورطين بالفعل في ارتكاب مخالفات في مكان العمل، ولكن كان ينبغي عليهم أن يكونوا على دراية بإنها لا زالت قائمة”، كما يقول، ملخصًا نتائج بحثه السابق. “لذا فإن وجود أشخاص على استعداد لفضح / لكشف هذه المخالفات، إذا جاز التعبير، يُعد أمرًا بالغ الأهمية بالنسبة للمؤسسات / الشركات.”
نُشرت الدراسة (3) في عدد أكتوبر من مجلة أبحاث التوحد Autism Research وتمت بالتعاون مع باحثين من جامعة تورنتو. طُلب من المشاركين في البحث – وهم موظفون، 33 منهم مصاب بالتوحد و34 غير مصاب بالتوحد – إبداء رأيهم في سيناريوهات افتراضية انطوت على أشياء بدءًا من عدم الكفاءة إلى عدم المساواة وحتى المخاوف المتعلقة بالجودة.
على الرغم من أن النتائج أولية وهناك حاجة إلى مزيد من البحوث، يقول الباحثون إن بحثهم له تبعات عملية مهمة، خاصة بالنظر إلى أن معدلات البطالة والبطالة المقنعة للمصابين بالتوحد قد تصل إلى 90 في المائة، وحتى لو كانوا حاصلين على تعليم عالٍ ، فإن هذه الإحصائية قد تتراجع إلى 70 في المائة فقط.
“نحن ننظر إلى هذه القضية من زاويتين. “نتطلع إلى مساعدة المؤسسات والشركات على أن تكون أكثر أخلاقية وكفاءة، ولكن أيضًا نتطلع إلى مساعدة أشخاص من المصابين مثلي بالتوحد – في البحث عن وظيفة عمل براتب مجزٍ وذلك بالمساعدة في تغيير الفهم المجتمعي للتوحد”.
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/بطالة_مقنعة
2- “تأثير المتفرج أو لامبالاة المتفرج هي ظاهرة نفسية اجتماعية تشير إلى امتناع الشخص عن تقديم أي مساعدة للضحية إذا كان هناك حاضرون آخرون. احتمال المساعدة يرتبط عكسياً مع عدد المتفرجين. أي أنه كلما زاد عدد المتفرجين، كلما نقصت نسبة احتمال أن يُقدم أحدهم المساعدة. هناك عدة عوامل لتفسير ظاهرة لامبالاة المتفرج ومنها: الغموض.” مقتبس ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/تأثير_المتفرج
3- https://www.achievementnetwork.org/anetblog/eduspeak/deficit-mindset
4- https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/aur.3012
المصدر الرئيس
People with autism less likely to succumb to bystander effect, York U father-son research duo finds