المترجم: عدنان احمد الحاجي
ترتبط صحتنا العقلية بصحة القلب والأوعية الدموية بطريقة معقدة. أثبتت دراسة حديثة أجراها معهد ماكس بلانك للعلوم المعرفية والدماغية البشرية في لايبزيغ بألمانيا، التلازم الطردي السلبي بين ارتفاع ضغط الدم الانقباضي وبين أعراض الاكتئاب [مما يعني أنه كلما ارتفع الضغط الانقباضي انخفضت أعراض الاكتئاب]؛ بينما تلازم ضغط الدم العالي تلازمًا طرديًا ايجابيًا مع أعراض الاكتئاب وسلبيًا مع العافية (الصحة العامة)(1) وسلبيًا مع نشاط الدماغ المتعلق بالمشاعر [ يعني كلما ارتفع الضغط العالي ارتفعت أعراض الإكتئاب وانخفض مستوى العافية (الصحة العامة)(1) وانخفض نشاط الدماغ المتعلق بالمشاعر]،
العديد من الدراسات ذكرت بالفعل عن وجود صلة بين الصحة العقلية وارتفاع ضغط الدم، وكانت النتائج غير حاسمة بل كانت متناقضة. في هذه الدراسة، أجرى الباحثون من معهد ماكس بلانك للعلوم المعرفية والدماغية البشرية تحليلًا عميقًا للعلاقة بين الصحة العقلية وارتفاع ضغط الدم، باستخدام بيانات علوم نفسية وبيانات التصوير العصبي بالرنين المغناطيسي المستفيضة من كبار سن. تقول لينا شاري Lina Schaare، المؤلفة الأولى للدراسة: “للحصول على إجابات صارمة إحصائيا، استخدمنا في هذه الدراسة حجم عينة كبير جدًا من بنك المملكة المتحدة الحيوي UK Biobank فيها أكثر من نصف مليون شخص من كبار السن”.
من ناحية أخرى، أثبت الباحثون أن ارتفاع ضغط الدم الانقباضي مقترن بأعراض اكتئاب أقل وزيادة في مستوى العافية (الصحة العامة) وانخفاض في نشاط الدماغ المرتبط بالمشاعر. ضغط الدم الانقباضي هو حين تنقبض عضلة القلب وتضخ الدم في الأوعية الدموية. بالنسبة لضغط الدم من 120 إلى 80 ملم زئبق، ضغط الدم الأول (120) هو ضغط الدم الانقباضي، وضغط الدم الثاني (80) هو ضغط الدم الانبساطي، أي الضغط ضد الأوعية الدموية عندما تسترخي عضلة القلب. من ناحية أخرى، وُجد تلازم بين ارتفاع ضغط الدم وبين ازدياد في أعراض الاكتئاب وانخفاض في مستوى العافية. ووجد الباحثون أيضًا أن احتمالية ارتفاع ضغط الدم ترتبط بتدهور الصحة العقلية، حتى قبل سنوات من التشخيص الفعلي بارتفاع ضغط الدم.
أخذ هذه النتائج معًا – التي قد تبدو للوهلة الأولى أنها نتائج متناقضة – زودنا بقرائن مهمة عن كيف يمكن للعوامل النفسية أن تؤدي إلى تعقيد علاج ارتفاع ضغط الدم. “لاحظنا في العيادة، أن المصابين بضغط الدم العالي غالبًا ما يشعرون بالتعب والإرهاق وحينئذ لا يتناولون أدوية لعلاج ارتفاع ضغط دمهم وذلك لأنه يؤثر أيضًا في مزاجهم،” كما يوضح أرنو ڤيلرينغر Arno Villringer، الذي يرأس قسم طب الأعصاب في معهد ماكس بلانك. وهو واحد من مؤلفي الدراسة. “من ناحية أخرى، نعتقد أنه بالنسبة للذين يشعرون بالعافية بشكل مؤقت مع ارتفاع ضغط الدم، فإن التعلم المعزز [التعلم عن طريق المحاولات – التجربة والخطأ – حتى يصل الى السلوك المثالي المطاوب، بحسب التعريف(2)] يؤدي في نهاية المطاف في ظهور أعراض ارتفاع ضغط الدم الدائم. وذلك لأن عتبة حساسية الألم تزداد [يعني يصبح الشخص أسرع في إحساسه بالألم] أيضًا مع ارتفاع ضغط الدم. وهذا لا ينطبق “فقط على الألم البدني، بل أيضًا على الألم الاجتماعي social pain (الألم النفسي ،مثلًا بسبب الرفض الاجتماعي أو سوء العلاقة مع الآخر أو فقد عزيز] أو مع ارتفاع الضغط النفسي. لذا فهم يتحملون الألم أو الضغط النفسي في حينه، ثم بعد عشر سنوات يُشخصون بإصابتهم بارتفاع ضغط الدم”.
ويعتقد الباحثون أن هذه النتائج تضع أساسًا لأفكار جديدة عن العلاقة بين الصحة العقلية وأسباب ارتفاع ضغط الدم. بالنسبة لأمراض الاكتئاب وارتفاع ضغط الدم المنتشرة على نطاق واسع، فإن مثل هذا التغيير في المنظور قد يمكّن من اتباع نهج جديد للعلاج والوقاية تركز على العلاقة التفاعلية بين الصحة العقلية والبدنية.
مصادر من داخل وخارج النص
1- “رفاه / عافية well-being هو مصطلح عام لحالة فرد أو جماعة، من النواحي الاجتماعية والاقتصادية والنفسية والروحية أو الطبية. مستوى عال من الرفاهية يعني أن أحوال الفرد أو الجماعة إيجابية، بينما يرتبط انخفاض الرفاه مع الأحداث السلبية” مقتبس من نص ورد على عذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/رفاه
2- https://www.synopsys.com/ai/what-is-reinforcement-learning.html#:~
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/عتبة_الألم
المصدر الرئيس
https://www.mpg.de/20163652/0413-nepf-how-high-blood-pressure-affects-mental-health-149575-x
