عامٌ من العطاء
د. عبدالجليل عبدالله الخليفة
إنّ البحث عن عملٍ مناسب ومستقبلٍ مشرق، حلمٌ يداعب كلّ شاب وشابة، فكيف يتم تحقيق هذا الحلم الجميل؟ وكيف يمكن لأصحاب الخبرة والكفاءة استثمار طاقاتهم لتقديم الحلول المناسبة والفعالة لتطوير هذا الجيل الشاب وتأهيله ليأخذ مكانه الطبيعي في سوق العمل؟
تلبية لهذا النداء ورغبةً في تحقيق هذه المهمة العظيمة، اجتمعت ثلةٌ من رجال الأحساء في إحدى ليالي عام 2022، وقد عقدوا العزم على تأسيس جمعيةٍ غير ربحية تهتم بكفاءات الأحساء وترعاهم حتى يشتدّ عودهم وينمو عطاؤهم في تنمية وطننا الحبيب. إنهم فتيةٌ آمنوا بالعمل ومفعوله السحري في حياة الأفراد والمجتمعات، فأيّ فردٍ يعمل تاجرًا أو حرفيًا أو طبيبًا أو مهندسًا أو معلِّمًا أو أية مهنةٍ شريفة، هو قصة نجاح ومسيرة كفاح وصخرة تحدي ونبراس نور. هؤلاء الفتية قرّروا وحققوا، فقد أسّسوا جمعية كفاءات الأحساء لتنمية الطاقات البشرية التي صدر قرار ترخيصها رقم 05015 من المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي في 15/2/1444.
لم تكن الرؤية جليةً واضحةً منذ اليوم الأوّل، لذا اجتمعت الجمعية العمومية يومًا كاملًا واستعانت بمدرّب التنمية البشرية المهندس الرائع إسماعيل السماعيل، حيث قامت مجموعات متفرقة بعصفٍ ذهني دام عدة ساعات، حتى تكلّل هذا العمل بالنجاح، فاتضحت الأمور وتمّ التوافق على رؤية الجمعية ورسالتها وقيمها.
رؤية الجمعية:
الجمعية جهةٌ موثوقةٌ تساهم في تأهيل وتطوير الطاقات البشرية الشابة وتمكينهم في ميدان العمل.
رسالة الجمعية:
جمعيةٌ رائدةٌ تستثمر الشراكات والدراسات والموارد المتاحة لتأهيل وتطوير الكفاءات البشرية للمساهمة في التنمية الوطنية.
قيم الجمعية:
المصداقية، الكفاءة، التميز، المسؤولية، التطوير، الشراكة.
عامٌ من العطاء:
كانت المائة يوم الأولى من تأسيس الجمعية حافلةٌ بالعمل الجاد والدؤوب، فقد تم تعيين المدير التنفيذي وهو الأستاذ علي محمد البحراني وتم تأسيس مقر الجمعية في مدينة المبرز بالأحساء وتجهيزه وإكمال المتطلبات الرسمية لإكمال تسجيل الجمعية وفتح حسابها البنكي وبقية الإجراءات القانونية المهمة. وكانت اجتماعات مجلس الإدارة والجهاز التنفيذي متواصلة لوضع الخطوط العريضة لبرنامج ونشاط الجمعية وخطتها الإستراتيجية. وقد ارتأى مجلس الإدارة تأسيس لجانٍ متعددة، منها: لجنة المراجعة الداخلية والحوكمة ولجنة الدراسات والمعلومات ولجنة العلاقات العامة والإعلام ولجنة برامج التأهيل والتمكين ولجنة تشجيع العمل الحرّ.
الشراكات المجتمعية:
إن التعاون بين الجهات ذات الاهتمام المشترك من سمات الأمم المتطورة والمجتمعات الناجحة. لذا عقدت جمعية كفاءات الأحساء الكثير من الشراكات مع الجمعيات والمؤسسات والمعاهد التدريبية، حيث بلغت عدد الشراكات المجتمعية التي عقدتها الجمعية أحد عشر شراكة فاعلة وذلك رغبةً في تحقيق أهداف جميع الأطراف المشاركة ضمن خططٍ مدروسة وبرامج مشتركة تستفيد من موارد الأطراف المشاركة وفرصها المتاحة.
برامج وأنشطة الجمعية:
إنّ عطاء الجمعية يشمل أربع مسارات مهمة تتوافق مع حاجة المتقدّم للعمل والظروف المحيطة به ككفاءته ومستواه التعليمي وملاءمة تخصصه مع سوق العمل والفرص المتاحة. وهذه المسارات الأربعة هي:
المسار الأول: التأهيل والتمكين
من الأكيد أن جمعية كفاءات الأحساء لا تستطيع صنع الفرص الوظيفية فذلك مسؤولية أطراف أخرى كالشركات والمؤسسات وغيرهم، لذا كان تركيز جمعية كفاءات الأحساء على تأهيل طالب الوظيفة وتطوير كفاءته وإبرازها في سيرةٍ ذاتية مكتوبة بجدارة، ومقابلة شخصية مبهرة. وقد عملت الجمعية طيلة هذا العام على إعداد وتقديم برامج عديدة لتأهيل وتمكين الكفاءات عبر ورش عمل تتناول جوانب مهمة فنية وذاتية ومنها كيفية كتابة السيرة الذاتية والاستعداد للمقابلة الشخصية – الانتماء والارتباط الوظيفي – كيفية التسجيل في بوابات العمل – كيفية الحصول على الشهادات الاحترافية، وغيرهم. وقد حققت الجمعية نجاحًا كبيرًا في جذب المؤهلين والراغبين في حضور هذه الندوات وورش العمل التي زادت على ثلاثة عشر برنامج وورشة عمل، واستفاد منها أكثر من 824 شخص بين شاب وشابة.
المسار الثاني: تشجيع العمل الحر
إنّ مجتمع الأحساء زاخرٌ بالكفاءات الفنية والحرفية التي يمكن أن تتطوّر الى أعمال حرّة تتسع تدريجيًا لتواكب التطوّر والنمو الاقتصادي وتلبي حاجات الوطن من الكفاءات المحلية. كما وإن العمل الحرّ (خاصة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة) كفيلٌ بتوفير الكثير من الفرص الوظيفية التي تؤمِّن حياةً طيبةً كريمةً للعاملين فيها. لذا توجهت الجمعية لعقد ورش عمل فنية للأبناء والبنات لتعليم المهارات الحرفية والفنية مثل إصلاح الهواتف المحمولة، والبحث عن الراغبين في التدريب الفني كالسباكة والكهرباء وغيرهما لدى المؤسسات ذات التخصص وتوجيهها ضمن برامج تدريبية تمتد لعدة أشهر في أختصاصات فنية مطلوبة للسوق المحلي. وقد نجحت الجمعية في حالات معينة لتوجيه بعض الأفراد ضمن فترةٍ قصيرة لتحقيق اكتفاءٍ ذاتي ونمو سريع يبشر بالخير الكثير. وقد سعت الجمعية الى مد أواصر التعاون مع الجمعيات الخيرية لخدمة أبناء مستفيديها في مجال العمل الحر بما يحقق لهم الدخل الثابت والحياة الكريمة.
المسار الثالث: التدريب المنتهي بالتوظيف
عقدت الجمعية شراكات مع مجموعة من المعاهد المتخصصة والمعتمدة وذلك للاستفادة من الفرص المتاحة من بعض الشركات التي توفر فرصًا تدريبية لدى هذه المعاهد التدريبية في تخصصات فنية معينة تمتد الى تسعة شهور، يلتحق بعدها المتدرب بوظيفة رسمية في الشركة. وتنوي جمعية كفاءات الأحساء مواصلة المتابعة الحثيثة مع معاهد التدريب لضمان جودة التدريب واستمرارية المتدرب في برنامجه لدى المعاهد وبعد التحاقه بسوق العمل في صفوف الشركة. وجمعية كفاءات الأحساء تشكر هذه المعاهد التدريبية وتشد على أيديهم وتسأل الله أن تكون هذه البرامج خطوةً متقدمة في تأهيل وتمكين الشباب لكسب حرف فنية تفتح لهم آفاقًا مستقبلية واعدة.
المسار الرابع: التوظيف المباشر
بدأت جمعية كفاءات الأحساء في تأسيس قاعدة بيانات لطالبي العمل ومؤهلاتهم ضمن ما سمته “بنك كفاءات” استعدادًا للاستفادة منها في مخاطبة الشركات والمؤسسات التي تعلن عن وظائف متاحة لديها، حيث ستقوم الجمعية بتقديم خدمةٍ مجانية للمؤسسات والشركات وأصحاب الأعمال تشمل البحث في “بنك كفاءات” عن المؤهلين للوظيفة المعينة وتجهيز بياناتهم في سير ذاتية معدة بامتياز وإعدادهم للمقابلات الشخصية، ومن ثمّ تقديمهم للشركات للمنافسة على الشواغر المناسبة. لقد بدأت الجمعية خطواتها الأولى في هذه المهمة الصعبة ونسأل الله العون والتوفيق والتسديد لتكون هذه الخطوة الرائدة معلمًا متميزًا لجمعية كفاءات الأحساء تخدم فيه جميع أبناء وبنات الأحساء شمالها وجنوبها، شرقها وغربها، دون تمييز او استثناء.
معًا نحقق المزيد:
إن جمعية كفاءات الأحساء غير ربحية وتعتمد على تطوّع الكفاءات والخبرات وعلى تبرعات أهل الخير في المجتمع والوطن وتمد يديها لكلّ من يرغب في المساهمة الفنية أو المادية، حيث يمكنكم التواصل معنا على عنوان الجمعية المذكور هنا، راجين أن نعمل معًا لتحقيق آمال الجيل الجديد في الحصول على وظائف تلبي طموحاتهم الكبيرة.
أخيرًا نتقدم بالشكر والعرفان للمركز الوطني للقطاع غير الربحي على دعمه للجمعية وللجمعية العمومية ولمجلس الإدارة الذين ساهموا في تأسيس وإدارة الجمعية ولداعمي الجمعية من أهل الخير والعطاء ولكل الخبرات التي قدمت عطاءها الرائع في ورش العمل وللجهاز التنفيذي الذي عمل من وراء الستار لتنفيذ هذه البرامج ولكلّ من استفاد من برامج الجمعية طيلة هذا العام، سائلين العلي القدير أن يتقبل هذا العمل، و الحمد لله رب العالمين.