الطبيعة والتنشئة كلاهما يؤثران في استساغة الطعام . فيما يلي 7 طرق لاستساغة أطعمة لم تكن مستساغة
المترجم: عدنان احمد الحاجي
بقلم نيكولاس آرتشر، باحث، علوم تقييمات المستهلكين للخواص الحسية للطعام من ناحية المنظر والطعم والنكهة والملمس، وأستريد بولمان باحثة رئيسة، مجموعة الصحة العامة ، هيئة البحوث الاسترالية CSIRO
ماهي العوامل المحدِّدَة “لمذاق الطعام”؟
التذوق هو نظام مركب نشأ وتطور معنا من ولادتنا لمساعدتنا في التعامل مع البيئة [البيت / العائلة والمجتمع]. فهو يساعدنا على اختيار الأطعمة ذات القيمة الغذائية ورفض أي شيء قد يسبب ضررًا من الناحية الصحية.
الأطعمة متكونة من عناصر ومركبات كيميائية مختلفة، بما فيها العناصر الغذائية (مثل البروتينات والسكريات والدهون) والنكهات التي تحس بها المستشعرات في الفم والأنف. هذه المستشعرات تجعل الشخص يستشعر بنكهة الطعام. على الرغم من أن الطعم هو ما تستشعره براعم التذوق على اللسان، فإن النكهة هي مزيج من رائحة الشيء وطعمه. جنبًا إلى جنب مع ملمس / نسيج الغذاء texture [والملمس هنا هو الاحساس بالغذاء في الفم أو نسيج الطعام (1)] ومظهر الطعام وصوت مضغه [مقرمش، مثلًا]، كل تلك الاحساسات تؤثر في تفضيلات الشخص. الغذائية [التفضيلات الغذائية هي التقييمات النوعية التي يعبر عنها الناس تجاه الأطعمة ومدى إعجابهم بها ايجابًا أو سلبًا(2)] .
مقطع فيديو: نكهة الطعام هي الانطباع العام الذي يحس به الشخص حين يتناول الطعام.: https://youtu.be/MZn2PMUWO-Y
هناك العديد من العوامل التي تؤثر في تفضيلات الطعام، منها عامل السن (العمر) والعوامل الوراثية والبيئية الأخرى [البيت والأسرة والمجتمع الذي يعيش فيه وغير ذلك]. كل منا يعيش ضمن عالم أحاسيسه الخاص به، مما يعني أن لكل شخص احساسه الخاص لا يشاركه فيه غيره أثناء تناوله الطعام(3).
تتغير تفضيلات الطعام أيضًا مع التقدم في السن. وجدت دراسات أن الأطفال الصغار لديهم تفضيلات طبيعية للطعمين الحلو والمالح ولا يستسيغون الطعم المر(4). ومع تقدمهم في السن، تنمو قدراتهم على استساغة الأطعمة المرة.
تثبت الأدلة أن البكتيريا الموجودة في اللعاب يمكن أن تفرز أيضًا إنزيمات تؤثر في مذاق الطعام. على سبيل المثال، ثبت أن اللعاب هم ما يسبب إفراز روائح الكبريت الكريهة في القرنبيط. كلما زاد إفراز الكبريت في الفم، قل احتمال استساغة الطفل لطعم القرنبيط (5).
الطبيعة مقابل التنشئة
تلعب كل من الوراثيات (الجيتكس genetics) والبيئة التي ينشأ فيها الشخص، بما فيها العائلة والمجتمع، دورًا حاسمًا في تحديد التفضيلات الغذائية. تقدر دراسات أُجريت على توائم أن الوراثيات لها تأثير معتدل المستوى في تفضيلات الطعام (تتراوح بين 32% و54%، بحسب نوع الطعام) عند الأطفال بسن (ثلاث سنوات)(6) والمراهقين (ببسن يتراوح بين 18 – 19 سنة)(7) والراشدين (بسن يتراوح بين 18 – 79)(8)
ومع ذلك، نظرًا لأن بيئتنا الثقافية والأطعمة التي نأكلها تشكل أيضًا تفضيلاتنا، فإن هذه التفضيلات تأتي عن طريق الاكتساب (التنشئة) إلى حد كبير(4).
يحصل معظم هذا الاكتساب (التنشئة٩ أثناء مرحلة الطفولة، في المنزل مع العائلة وفي الأماكن الأخرى التي نتناول فيها الطعام. هذا الاكتساب لا يأتي عن طريق التعليم من الكتب المدرسية. إنه اكتساب يحصل من خلال التجربة الفعلية (أي الأكل)(9)، وهو ما يؤدي عادةً إلى زيادة في استساغة الطعام – أو من خلال مشاهدة ما يفعله الآخرون (والإقتداء بهم / تقليدهم)، مما قد يؤدي إلى اقترانات (تأثيرات) إيجابية أو سلبية.
بينت الدراسات(10) كيف يتغير تأثير العوامل البيئية (التنشئة) في تفضيلات الطعام بين مرحلة الطفولة ومرحلة البلوغ. بالنسبة للأطفال، العامل الرئيس هو عامل بيئة منزل (العائلة)، وهو ما يعتبر منطقيًا لأن الأطفال أكثر احتمالًا للتأثر بالأطعمة التي تُحضر ويتناولونها في البيت. العوامل البيئية التي تؤثر في الراشدين والمراهقين هي أكثر تباينًا مما كانت في مرحلة الطفولة.
عملية التعود على استساغة الطعم
تعد القهوة من الأمثلة الجيدة على الأطعمة المرة التي “يستسيغها” الناس من ناحية المذاق،كلما زادوا عمرًا. القدرة على التغلب على كراهية هذا الشراب المر ترجع إلى حد كبير إلى التالي:
السياق الاجتماعي (أو البيئة الاجتماعية الثقافية(11)) الذي تُشرب فيه القهوة. على سبيل المثال، في العديد من الدول قد تكون مرتبطة بالعبور إلى مرحلة الرشد [المترجم: اتظر مثلًا طقوس العبور(12)].
يجد الكثير من الناس أن التأثيرات الفسيولوجية للمركبات الكيميائية المكونة للقهوة (الكافيين) مرغوبة.
ولكن ماذا عن التعود على استساغة مذاق الأطعمة التي ليس لها مثل هذه التأثيرات المرغوبة، ولكنها مفيدة، مثل الكرنب (الملفوف) أو الأسماك السمينة؟ فهل يمكن الممكن استساغة وقبول مثل هذه الأطعمة؟
فيما يلي بعض الاستراتيجيات التي يمكن أن تساعد على كيف تُستساغ الأطعمة التي لا تُستساغ في الوقت الراهن:
1.كل، وعاود الأكل مرارًا وتكرارًا. فهناك حاجة إلى كمية بسيطة فقط لتكوين الرغبة في مذاق معين بمرور الزمن. قد يأخذ من 10 إلى 15 محاولة أو أكثر قبل أن تبدأ في “استساغة” هذا الطعام.
2.تناول الطعام المر (الذي لا تستسيغه)(11) مع أطعمة أو مكونات غذائية أخرى تحتوي على الملح أو السكر التي يمكن أن تغطي (تطغى على) الطعم المر. على سبيل المثال، بإمكانك أكل الجرجير المر مع صلصة السلطة الحلوة [المترجم: أو مع التمر].
3.كُلْ ما لا تستسيغه من الطعام مرارًا وتكرارًا في بيئة إيجابية. قد يعني ذلك أن تتناوله بعد ممارسة تمرين رياضي مفضل لديك أو مع أشخاص تستحسن مرافقتهم. أو كبديل لذلك، تناوله مع أطعمة تستسيغها بالفعل؛ إذا كان نوعًا معينًا من خضروات، فحاول أن تأكله بالبروتين المفضل لديك.
4.كُلْ الطعام الذي لا تستسيغ طعمه حين تكون جائعًا. ففي حالة الجوع، ستكون أكثر استعدادًا لقبول طعم قد لا تستسيغه وأنت شبعان .
5.ذكّر نفسك لماذا ترغب في أن تستسيغ وتستمتع بهذا الطعام [مع أنك لا تستسيغه]. ربما أردت ذلك بغرض التعود على نظام غذائي جديد لأسباب صحية، أو لأنك سافرت / انتقلت إلى دولة أخرى وتجد صعوبة في استساغة مذاق الطعام المحلي هناك. السبب الذي ترغب في أن تستسيغ مذاق الطعام الذي لم تكن تستسيغه من شأنه أن يساعدك في تحفيز نفسك على الاقدام على تجربته.
6.ابدأ في تجربة الطعام من مرحلة الطفولة (إن أمكن). فمن الأسهل على الأطفال أن يستسيغوا الأطعمة الجديدة لأن أذواقهم لم تترسخ (تستقر) بعد.
7.تذكر: كلما زاد عدد الأطعمة التي تستسيغها، كلما كانت استساغة أطعمة أخرى أكثر سهولة.
8.اتباع نظام غذائي متوازن ومتنوع ضروري لصحة جيدة. قد يصبح الأكل الانتقائي [أكل أصناف محددة وقليلة من الطعام] مشكلة إذا أدى إلى نقص في الفيتامينات وفي المعادن – خاصة إذا تجنب الشخص مجموعات الأطعمة بأكملها، مثل مجموعة الخضروات. وفي الوقت نفسه، فإن تناول الكثير من الأطعمة اللذيذة ولكنها الغنية بالطاقة [الغنية بالسكريات والدهون وقليلة المحتوى المائي] قد يزيد من احتمال الإصابة بأمراض مزمنة، بما فيها السمنة.
إن معرفتك بكيف نشأت تفضيلاتك الغذائية، وكيف تطورت، هي خطوتك الأولى في مسار أكلك الصحي.
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://ar.wikipedia.org/wiki/شعور_الفم
2- https://www.sciencedirect.com/topics/medicine-and-dentistry/food-preference
3- https://theconversation.com/curious-kids-why-do-some-people-find-some-foods-yummy-but-others-find-the-same-foods-yucky-77671
4- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/24452237/
5- https://www.acs.org/pressroom/presspacs/2021/acs-presspac-september
6- https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S000291652305027X?via%3Dihub
7- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/27385609/
8- https://www.cambridge.org/core/journals/twin-research-and-human-genetics/article/dietary-patterns-and-heritability-of-food-choice-in-a-uk-female-twin-
9- https://www.cabidigitallibrary.org/doi/10.1079/9780851990323.0093
10- https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S000291652305027X?
11-البيئة الاجتماعية social environment أو السياق الاجتماعي social context أو السياق الاجتماعي الثقافي sociocultural context تعني البيئة المادية والاجتماعية المباشرة التي يعيش ضمنها الناس وتشمل الثقافة التي يتعلم الشخص أو يعيش فيها، والناس والمؤسسات التي يتفاعلون ويتعاملون معهم. وقد يكون التفاعل شخصيًا أو عبر وسائل التواصل.” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:
https://en.wikipedia.org/wiki/Social_environment
11- https://www.sciencedirect.com/science/article/abs/pii/S0950329302001106
12- https://www.sciencedirect.com/science/article/pii/S0195666315003438?ref=pdf_download&fr=RR-2&rr=82a5fd5069821f63
المصدر الرئيس
https://theconversation.com/taste-depends-on-nature-and-nurture-here-are-7-ways-you-can-learn-to-enjoy-foods-you-dont-like-215999