كورونا .. وحرب الخليج (الحلقة الرابع)
رباب حسين النمر
تحولت مدارس الدمام إلى فنادق ومراكز ومخيمات لاستقبال الأسر الكويتية، فمنذ أن بدأت أزمة الخليج تعطلت المدارس وتمددت العطلة، وامتلأ كل فصل بأنين قهر ضياع الوطن بدلًا عن أصوات الشرح والنقاش.
وتحولت ردهات المدارس إلى ديوانيات حزينة يلتقي عندها الرجال المنكوبين، ومجالس تلتقي فيها النساء المنكوبات والمجهول يلف الجميع وكل الاستفهامات لا تجد إجابة.
أصبحت الدمام تشبه الثكنة العسكرية، الجنود الأمريكان يملؤون الأسواق، يتجولون بملابسهم العسكرية، وينشرون ثقافة اللباس وقصات الشعر التي افتتن بها الشباب، فبدؤوا يقلدونها، وبدأت القصات الأمريكية تغزو رؤوس الشباب وتنتشر بينهم، وبدأت القبعات والزي المبرقع والمرقش بأيقونات الجيوش يظهر بين ألبسة الشباب والفتيات.
جماعات من أفراد الجيش الأمريكي نساء ورجالًا يجوبون الأسواق والمنتزهات بلباسهم المرقط وبزاتهم الجيشية، وقبعات الجيش والكاوبوي، وقصات الشعر الحربية، تلاحقهم العيون، ولا سيما عيون الشباب والفتيات التي تفتتن بكل ما هو غربي وآت من وراء الحدود، وأمزجتهم التي تهوى تقليد الصرعات وكل لباس غريب أو موضة جديدة، فتنتشر بين أوساطهم حتى تتشكل ظاهرة ملفتة، تغزو العقول والأدمغة والثقافات لفترة زمنية قد تطول وقد تقصر حتى تحل محلها موضة جديدة تأتي على مظاهرها وتكتسحها، لتحتل أفكار الشباب وتسيطر على مظهرهم.
صافرات الإنذار تزغرد بصوتها المخيف في شوارع الدمام، تخترق بفحيحها المزعج كل الطرقات والأزقة، تدق زجاج النوافذ والأبواب الموصدة، وتصم طبلات آذاننا بخبر خطر قادم، ينسحب الناس إلى الداخل، إلى الملاجيء التي جهزوها، يضعون أيديهم على قلوبهم، تصفر وجوههم، ويحتضنون صغارهم إلى صدورهم. ترتفع أيديهم إلى الله طالبين السلامة، وتتمتم شفاههم بالشهادتين.
يتبع..