العلاقة المعقدة بين كبر السن والمظهر والصحة
المترجم: عدنان احمد الحاجي
دراسة قادتها جولي أوبر ألين Julie Ober Allen، الأستاذ المساعد في الإرشاد الصحي بجامعة أوكلاهوما، وجدت أن 59% من الراشدين (≥ 20 سنة، بحسب التعريف) في استطلاع ممثل على المستوى الوطني للأمريكيين الذين يتراوح سنهم بين 50 إلى 80 عامًا يعتقدون أنهم يبدون أصغر سنًا من آخرين في نفس سنهم. أفاد هؤلاء المشاركون عن تجارب أكثر إيجابية تتعلق بالسن، مثل استفادة الناس من نصائحهم وحكمتهم التي راكموها عبر السنين وامتلاكهم شعورًا قويًا لإدراك الغاية [ الشعور بإدراك الغاية يرتبط بوجود العزم على إنجاز شيء ذي معنى بالنسبة للشخص نفسه ويحدث فرقًا إيجابيًا للآخرين(1)]. ولكن أولئك الذين أفادوا بالشعور بأنهم يبدون أكبر سنًا من غيرهم ممن هم في نفس السن أحسوا بتفاعلات أكثر سلبية. أثبتت الدراسة التي أجرتها ألين أن التمييز [بالمعني السلبي للتمييز] على أساس السن(2)، أو التنميط والتحيز (ضد) على أساس سن الشخص، يمكن أن يكون مصدرًا للضغط (للإجهاد) النفسي المزمن(3)ومضرًا بالصحة.
“هذا النوع من التمييز على أساس السن هو شكل من أشكال التمييز الذي يتمظهر غالبًا في شكل اعتداءات صغيرة (مكروية microaggression)(4)؛ كما تقول ألين. قولك لشخص كبير في السن بأنه يبدو على ما يرام بالنظر إلى تقدمه في السن [مما يعني أن هذه العبارة هي زلة لسان وليست مجاملة. وتعني حرفيًا حالتك لا تبدو سيئة جدًا مع تقدمك في السن] أو افتراضك أنه لا يستطيع تشغيل الأدوات التكنولوجية [الهواتف النقالة والأدوات الكهربية المستخدمة في المنازل الأخرى، مثلًا] يمكن أن يؤدي ذلك إلى سلوكيات الكر أو الفر(5) كرد فعل على الإجهاد النفسي الذي تعرض له. “في بعض الأحيان ينخرطون في سلوكيات التكيف(6) للتعامل مع الإجهاد النفسي، كتناول قطعة حلوى أو تدخين سيجارة، على سبيل المثال، وهي سلوكيات مرتبطة بمخرجات صحية سلبية.” [المترجم: ومن مخرجات الصجة السلبية التدهور الوظيفي البدني والعقلي – عدم قدرته على الاعتماد على نفسه في الاعتناء بنفسه وتسيير أموره اليومية].
في هذه الدراسة، يستكشف فريق ألين كيف يوظف الناس المظهر كبديل لكبر السن. كلما زادت السمات الجسدية التي يمتلكها شخص من الأشخاص والتي تقرنه بالقوالب النمطية التقليدية للشيخوخة، مثل الشعر الأبيض أو تجاعيد البشرة(7)، كلما زاد احتمال تنميطه أو التمييز ضده من قبل الآخرين. وتقترح الدراسة أن هذا التوجه منبثق من اهتمام الثقافة الأمريكية بالشباب ومعايير معينة للجمال .
“سألنا أشخاصًا عن الوقت الذي ضيعوه والطاقة التي صرفوها في محاولة الظهور بمظهر أصغر سنًا مما هم عليه [بمظهر شبابي]. وهو ما يعتبر سؤالًا تصعب الإجابة عليه لأنه قد يثير بعض تلك الصور النمطية،” كما قالت. “أخبرنا 35٪ من المشاركين أنهم استثمروا الوقت والمال في هذه المساعي. ومن المثير للاهتمام أن هؤلاء الأشخاص أفادوا بتجارب أكثر إيجابية وتجارب أكثر سلبية عن الشيخوخة في المجتمع بأسره . ربما أولئك الذين حاولوا ونجحوا في الظهور بمظهر شبابي أكثر لم يواجهوا إلَّا قدراً بسيطًا من التمييز ضدهم أو لم يواجهوا أي تمييز على الإطلاق. ومع ذلك، ربما شعر هؤلاء الناس أيضًا بمزيد من القلق وعدم الارتياح بسبب مظهرهم المتقدم في السن [مظهر الشيخوخة].
تشير ألين إلى أن التمييز على أساس السن، بخلاف العنصرية(8) أو التمييز ضد الإناث(9)، كثيرًا ما تم تجاهله ولم يجد الاهتمام المطلوب وأصبح أكثر قبولًا في المجتمع. تثبت دراسة ألين أن الرجال والنساء على حد سواء قد أفادوا بتعرضهم للتمييز على أساس السن بنفس القدر، وأن كبار السن من جميع الخلفيات العرقية والإثنية وفي جميع أنحاء الولايات المتحدة قد تعرضوا لهذا النوع من التمييز.
“من الناحية النمطية، يتحدث الناس عن كون النساء أكثر تأثراً بالتمييز على أساس السن؛ وقالت ألين “لكن الأرقام الإحصائية لا تدعم ذلك الإدعاء”. “من المحتمل أن تكون التجربة المعاشة للرجال مختلفة عما هي عليه بالنسبة للنساء، لكن تبقى النساء متأثرات بهذا النوع من التمييز”.
في نهاية المطاف، نتائج دراسة ألين واضحة: الذين يعتبرون أنفسهم أنهم يبدون أصغر سنًا (شبابًا) لديهم تجارب أكثر إيجابية ويشعرون بمخرجات أفضل في مجال الصحة العقلية والبدنية. بالإضافة إلى ذلك، فإن الذين يبدون أكثر شبابًا يبلغون عن نسبة أقل من حوادث التمييز على أساس السن. ومع ذلك، قد لا يكون المظهر الشبابي هو المظهر الوحيد الذي يجب على الأمريكيين المتقدمين في السن التركيز عليه.
“يجب أن نركز على السلوكيات الصحية، والتي للكثير منها تبعات ايجابية على الشيخوخة والمظهر. فلو مارست تمارين رياضية وحافظت على وزن صحي ولا تدخن، فسوف تبدو شبابًا مع تقدمك في السن. وقالت إن المظهر يصبح في الأساس نتيجة ثانوية. “وبالانخراط في سلوكيات صحية، ستتمتع بأكثر صحة وبجودة حياة أفضل، ولا تصاب بتدهور وظيفي. مما يساعدك على القيام بوظائفك اليومية بنفسك.”
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://jthowlett.medium.com/the-importance-of-having-a-sense-of-purpose-in-what-you-do-25f4ed69ade1
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/تفرقة_عمرية
3- https://ar.wikipedia.org/wiki/إجهاد_مزمن
4- “العدوان المكروي microaggression هو مصطلح يُستخدم لوصف الاعتداءات اللفظية أو السلوكية اليومية المُنتشرة سواء المُتعمّد منها أو غير المُتعمّد التي من شأن الطرف المهمش أو الموصوم الموجه إليه هذه الاعتداء أنزيفهمها على أنها مواقف عدائية مُهينة أو سلبية موجهة إليه.” مقتبس بتصرف من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/عدوان_مصغر
5- https://ar.wikipedia.org/wiki/استجابة_الكر_أو_الفر
6- “المسايرة أو المجاراة أو التأقلم (coping) في علم النفس هي بذل مجهود عقلي بصورة واعية لحل مشكلة شخصية أو مشكلة تفاعلية إجتماعية، أو احتواء موقف للتقليل من التوتر أو الضغط المصاحب لهذا الموقف، وتتوقف فاعلية المسايرة على نوع التوتر وشدته، كما تتوقف على الاختلافات بين الأفراد والظروف المحيطة. تُسمي آليات المسايرة النفسية عادة بأسماء مختلفة مثل إستراتيجيات المسايرة، أو مهارات المسايرة. (يرجي عدم الخلط بينها وبين الدفاعات النفسية المستخدمة بصورة لاواعية لحماية الأنا).”. مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/مسايرة_(علم_نفس)
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/تجاعيد
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/عنصرية
9- https://ar.wikipedia.org/wiki/تحيز_جنسي
المصدر الرئيس
https://www.ou.edu/news/articles/2024/february/from-wrinkles-to-wisdom-new-research-explores-the-complex-relationship-between-age-appearance-and-health