لبنى بوخمسين :هدفي إظهار المرأة الأحسائية بكل جمالها وقوتها للتعبيرعن نفسها
هاني الحجي : الأحساء
استطاعت الفنانة (لبنى بوخمسين) أن تحقق نجاحًا في دور شخصية (أم أحمد) في مسلسل (خيوط المعازيب) رغم أنه يعد أول ظهور إعلامي لها على الشاشة بعد خبرة بلغت خمسة غشر عامًا على خشبة المسرح ،وذكرت بوخمسين في حديثها أن الفنان إبراهيم الحساوي رشحها للدور حسب تصوره للشخصية، وعندما قرأت القصة تقبلت الشخصية، واعتبرت أن التجربة كانت جدًا جميلة، حتى بعد أن تغير المخرج، وطلب منها تغيير الشخصية تمسكت بها، ولم يكن من الصعب تقمص هذه الشخصية لأنها جزء منها. ومن الممكن أن تكون المرأة الأحسائية في مسلسل آخر هي المحور والقضية الرئيسة، وتؤكد أن لديها عزيمة وإصرار، وصمود عجيب لمواصلة طريقها والتركيز على هدفها، وهو إظهار المرأة الأحسائية بكل جمالها وقوتها وحريتها للتعبير عن نفسها.
رشحني الفنان إبراهيم الحساوي للدور
وكان لنا حوار مع بو خمسين حول تجربتها في خيوط المعازيب:
حديثنا بإيجاز عن بداية العمل في مسلسل (خيوط المعازيب) كيف تم اختيارك للدور ؟
البداية كانت عام ( ٢٠١٨م) عندما أخبرنا الفنان إبراهيم الحساوي أن هناك تجارب أداء لمسلسل أحسائي، ولم يكن لدينا تصور للشخصيات، أو عن المسلسل إلا جزئية واحدة فقط، وهو أن فكرة المسلسل ستدور حول قصص مستوحاة من الحقيقة، وسيكون من الزمن الماضي في فترة الستينات، ورشحني الفنان إبراهيم الحساوي أنا وأختي للعمل، ولكن أختي لم تكمل حيث لم يناسبها التوقيت، أما أنا فقدمت ما طلب مني في تجارب الأداء، وقد كانت لدي تجربة سابقة في المسرح لعدة سنوات فتم اختياري بشكل سريع لأكون ضمن فريق التمثيل.
تم اختياري لتمثيل الشخصية بناءً على العمر والشكل ونبرة الصوت
كيف تم اختيارك لشخصية (أم أحمد) وما سر نجاح ( لبنى) في تقمص الشخصية لدرجة الواقعية؟
تم إرسال قصة الشخصية (أم أحمد) لعمل (برومو المسلسل)، وكان ذلك عام ( ٢٠١٩م) قبل أزمة كورونا، وبدأنا بمشاهد بسيطة لنقدمها للتلفزيون السعودي. وكانت شخصية ( أم أحمد) بالنسبة لي جميلة جدًا، وتم اختياري لتمثيل الشخصية بناءً على العمر والشكل ونبرة الصوت، وأسلوب الكلام، وقد رشحني للدور الفنان إبراهيم الحساوي حسب تصوره للشخصية حيث رآني مناسبة لها تمامًا، وعندما قرأت القصة تقبلت الشخصية، وأحببت تمثيل (ستايل) المرأة الكهلة ذات الكلمات التراثية القديمة، وبنيت (الكركتر) من وصف الشخصية المكتوب، ومن خبرتي في التعامل مع كبيرات السن في العائلة، فاقتبست منهن طريقة ارتداء الملابس، وطريقة الكلام والحركة، وقدمت (البرومو)، وكان دور الفنان عبد المحسن النمر دور مختلف (في البرومو)، ولم تكن شخصية المعزب، ودو الفنان إبراهيم الحساوي (المعزب)، وتختلف عن شخصيته في العمل، كان لدي مشهد أو مشهدان جميلان.
ثم تم التواصل معي وطلبوا تجربة أداء جديدة بسبب تغير المخرج الذي من الممكن أن يغير الشخصيات، ولكني تمسكت بأداء دور شخصية (أم أحمد)، وقد أحببتها وكنت طوال سنوات التوقف الثلاث أعد نفسي لهذه الشخصية، ودورها في القصة، وفي البداية كانت لدينا القصة فقط دون السيناريو والحوار الكامل فلم يكتب المسلسل بعد.
وقد أحببت الشخصية فقد كانت متعددة المواقف، وكثيرة المتغيرات وقدمت الكثير للمجتمع ،حتى بعد أن تغير المخرج، وطلب مني تغير الشخصية تمسكت بها، وقدمت تجربة الأداء مرة أخرى. وقد أحضرت عدة الخياطة، وجلست وأديت المشهد، و أبدى المخرج (الشلاحي) إعجابه الشديد بالأداء، واقتنع أني مناسبة للشخصية تمامًا، وبعد أن اتفقنا على اختيار أدوار الشخصيات انتقلنا لفترة تجهيز القرية وبنائها، وكانت فترة انتظار لانطلاق بداية مشوار التصوير.
لم يكن من الصعب علي تقمص هذه الشخصية لأنها جزء مني
هل ساهمت البيئة وهويتك الأحسائية في إنضاج الشخصية دراميًا وفنيًا ؟
نعم لم أكن أشعر بأني في بيئة غريبة، أو في مجتمع لا أعرفه، بل كنت أشعر بأني في بلدي.
في الحقيقة لست من سكان الأحساء، ولا من مواليدها، ولذلك شعرت هنا كأني في بيت جدي الأول، وأنا قد عشت الدور حيث أني تشربت الدور مما سمعته وأبصرته منهم، وقد نبشت الذاكرة واستخرجت ما بداخلها من قصص وذكريات ومسموعات ومقروءات، واختزلتها في هذه الشخصية. ولم يكن من الصعب علي تقمص هذه الشخصية لأنها جزء مني، فلم أتقمصها بل استحضرتها، وقد عشتها مع كبيرات السن في هذا الزمن وأنا أحفظ تفاصيلهن فكان من السهل علي إطلاق العنان لهذه الشخصية والسماح لها بالخروج من داخلي.
شخصية (أم أحمد) حقيقية في الأحساء وهي شخصية عصامية
إلى أي مدى كانت شخصية أم أحمد مقتبسة من الواقع الأحسائي؟
كانت هناك شخصية حقيقية في الأحساء لها أثر في المجتمع وهي شخصية عصامية ودعمت الأطفال في فترة من الزمن وغيرت محور الخياطة من الأطفال إلى النساء اللواتي أخذن يعملن في خياطة البشوت بدلًا من الأطفال الذين يجب أن يذهبوا للمدرسة، وهكذا كان لها يد في تغيير المجتمع الأحسائي من حولها. ولذلك أعجبت بالقضية التي تبنتها (أم أحمد) بسبب وفاة ولدها والتنمر الذي واجهه، وكان هذا حافز لها لإنقاذ الأطفال من السيطرة والتسخير الذي يمارس ضدهم. وقد كانت السخرة منتشرة في الأحساء وهي تسخير الطفل للمعزب فترة التعاقد.
قدمت تجارب الأداء للمخرج عبد العزيز الشلاحي وكان معجبًا بالشخصية. وبعدها تحول التعاقد من التلفزيون السعودي لقناة mbs. وتأخر ظهور المسلسل لمعوقات كثيرة
ما هو سبب تأخر ظهور المسلسل حيث كان التجهيز والإعداد جار له منذ عام ( ٢٠١٨ م) ، فلماذا لم يعرض ويخرج إلى الساحة إلا الآن؟
وافق التلفزيون السعودي على دعم المسلسل، وعلى كونه أربعة أجزاء، وعلى أنه سيكون بنفس طريقة (العاصوف) حيث يتغير الزمن، ولم نكد نبدأ حتى حلت أزمة كورونا، وتوقف كل شيء. فقد (علق) –بكسر اللام- الفنان إبراهيم الحساوي في (دبي) لمدة سبعين يومًا- بسب كورونا- ولم يستطع العودة، وتغيرت الخطة كلها إلى أجل غير معلوم. هذه هي بدايات العمل، وسبب تأخر ظهوره وتنفيذه المعوقات كانت كثيرة، وتم استئناف العمل من جديد بعد انتهاء أزمة كورونا، وبدأ الناس يمارسون أعمالهم من جديد وعادت الحياة.
تعد هذه أول تجربة درامية تلفزيونية لأن خبرتي السابقة كانت مسرحية
في الانتقال من المسرح إلى الدراما، هل وجدت لبنى نفسها في الدراما كما في المسرح؟ وماذا عن اختلاف وتباين بيئة العمل بينهما؟
تعد هذه أول تجربة درامية تلفزيونية لأن خبرتي السابقة كانت مسرحية، وقد درست فن الدراما أكاديميًا من سبعة عشر عامًا في فترة دراستي بأمريكا، ودرست فن المسرح في الكويت والمملكة العربية السعودية.
كانت التجربة جداً جميلة، وممتعة لأبعد الحدود، وقد تخللتها الصعوبات والمعوقات ولكن من يشكل له الأمر هاجسًا وحبًا فسوف يضحي ويستمتع به.
كانت هناك أثناء التصوير ثمة صعوبات كالتأخير، والجو الحار، وأجواء مختلفة، ومزارع نخيل، وكان التصوير صعب في اللوكيشن، ولكن بسبب رغبتنا في العمل فكل عسير يسهل، وكان هاجسنا أن نحصل على النتيجة النهائية، وقد ساعدنا تعاون النجوم، وسهل لنا الأداء صبر المخرجين علينا كممثلين في التجربة الأولى، والاحتواء ووضوح الشرح، والتعليمات من الممثلين إبراهيم الحساوي وعبد المحسن النمر والممثلة ريم ارحمه، والمخرج، حتى المصورين ومسؤول الإضاءة، فهم يتكاتفون معنا إذا تعبنا، أو لم نستطع أن (نتماوه) مع مزاج المسلسل، ولكن في الوقت ذاته كانوا يحرصون على أداء مهمتهم، وهو تقديمنا للناس بصورة تليق بهم كأبطال، وليس كتمثيل رتيب، ولذلك كان هناك تعاون أرتقى بالتجربة ،والتجربة كلها بالإجمال كانت جميلة جدًا. وقد كنت أذهب لعملي وأعود ثم أتوجه للطريق السريع حتى أصل إلى اللوكيشن، وأقوم بتصوير عشرة مشاهد ثم أعود للدوام مرة أخرى، وقد بذلت جهدًا بين الوظيفة والتمثيل ولكن حبي للمسلسل وخوض هذه التجربة حفزاني.
ردود أفعال الجمهور كانت جدا محفزة
كيف وجدتِ ردود الأفعال من قبل الجمهور وعائلتك وخروجك على الشاشة كفنانة لأول مرة ؟
ردود أفعال الجمهور كانت جدًا محفزة وكنت متأكدة من الحصول على هذه النتيجة، وقد استغرب من حولي من تأكدي هذا، وأن الكل سيعجب بهذه الشخصية، وبتفاصيلها الدقيقة التي اشتغلت عليها سنوات عديدة، فلدي قناعة أني عندما أنفذ عملًا بشكل صحيح فإنه سيلاقي الإعجاب. ووجدت فعلًا الإعجاب والانبهار من الناس.
عائلتي كانت سباقة وكنت أنا المبادرة الأولى في التمثيل التلفزيوني، ولدينا في العائلة نخب ظهرت، وبرزت وأنتجت وتم تكريمها، وكل هؤلاء حصلت منهم على الدعم والقبول وتوجيه الفتاة للوصول إلى الشيء الذي تهواه ما دامت تسير في الطريق الصحيح.
كان استحسان الناس عجيبًا ومستوى الإعجاب والقبول والفخر الذي أعيشه حاليًا، ولم أكن أتوقع أن أرى هذه النتيجة من الحلقة الأولى، ومن الظهور الأول من الكبار قبل الصغار، خصوصًا الكبار الذين عادة ما يقاومون التغيير، ولكن نسبة إعجاب الجماهير كبار السن أعلى من سواهم، لأن الصغار لم يعيشوا تلك الفترة ويشاهدون بيئة جديدة ولهجة غير مطروقة في التلفزيون، بصورة مختلفة فجذب الحنين والشوق، والوله كبار السن لهذه المرحلة والحقبة الزمنية التي عاشوها في طفولتهم ومراهقتهم وشبابهم. وقد كانوا يتابعون المشاهد بضحكة وسعادة، وكان الناس يسلمون علي في الأماكن العامة بسبب حبهم لهذه الشخصية، أما نسبة المعارضين فكانت بسيطة، ولم أكن أهتم لهم لأن لدي عزيمة وإصرار، وصمود عجيب لمواصلة طريقي والتركيز على هدفي، وهو إظهار المرأة الأحسائية بكل جمالها وقوتها وحريتها للتعبير عن نفسها، وأن لديها مساحة لتنطلق وتنجح حتى في مجال التمثيل.
بالتأكيد سأعيد التجربة وليست العبرة بعدد التجارب
هل ستكررين التجربة في العمل الدرامي مرة ثانية لو عرض عليك؟
بالتأكيد سأعيد التجربة وليست العبرة بعدد التجارب، ولكني أميل للانتقاء والظهور في دور جميل ومميز، وقد وفقت في هذه الشخصية والبيئة والمساعدين والداعمين. وأنا واثقة من إكمال مشواري ومن نجاحي الذي سيكون أقوى من هذا النجاح، وعندما نصل لقبول شرائح من الناس ف(لبنى بوخمسين) ستصل للوطن العربي جميعه.
ليست لدي أدنى مشكلة في بذل مجهود متعب في مقابل قطف ثمرة الجهد كما قطفتها في مسلسل خيوط المعازيب، ولدي إدراك ووعي وتوسع كافية لخوض هذه التجربة وأنا صامدة دون أدنى تردد أو شعور بالتخاذل والتراجع.
لن أستمر في الشخصية ذاتها
وهل ستقدمين نفس الشخصية أم ستبحثين عن شخصية أخرى؟
لن أستمر في الشخصية ذاتها لأن ذلك ممل، ولكن سوف أقدم الشخصية ذاتها لو كانت هناك أجزاء قادمة للمسلسل، وليس في ذهني حاليًا شخصية معينة أود تقديمها، وبالمجمل أحب تقديم أدوار شخصيات تحمل رسالة واضحة أو معينة للمجتمع أو لنفسها.
قد تكون المرأة الأحسائية في مسلسل آخر هي المحور والقضية
كيف وجدتِ خروج المرأة الاحسائية على الشاشة، وهل ستكون مقدمة لخروج فنانات قادمات؟
قدمنا نماذج الأحسائيات وعددنا قليل وقدمنا نماذج معينة بسيطة جدًا ومحصورة في نطاق الشخصية التي يؤدونها، ولا ندعي أننا قدمنا نماذج قوية، إضافة إلى أن تلك الشخصيات كانت متواجدة في هذه البيئة وقدمناها بهذا الشكل، ومن الممكن أن تكون المرأة الأحسائية في مسلسل آخر هي المحور والقضية الرئيسة فيكون الأداء واضحًا ويكون التركيز أكثر على الشخصية، ولكن في هذا العمل الذي هو منظومة متكاملة ولكل منهم قضيته المختلفة، ومنعطفاته في الحياة، ويتصادمون فيها جميعًا مع بعضهم البعض النماذج التي قدمناها بسيطة جداً، ولم يكن التركيز عليها، أو على قوتها ووعيها بل كانت تعيش حياة معتادة.