حديث في أدب الطفل (٢)
رباب حسين النمر
تخفف قصة اليوم التوترات الانفعالية التي يمر بها الطفل من خلال القصة لأن هذه الانفعالات تضر به إذا لم يفرغها ثم يعالجها بطريقة سليمة.
فللأدب إضافة إلى الوظيفة الإمتاعية وظيفة نفسية تدخل السرور على قلب الطفل وتدعوه للتفاؤل وتهبه متنفسًا.
ولنضرب على ذلك مثالًا بقصة (كم أحب صديقتي) للكاتبة مارغو ملا تجليان ..
(كم أكره صديقتي نائلة..
حين حجزت لها كرسيا في الحافلة رفضت أن تجلس قربي واختارت كرسيًا آخر بعيدًا عني.
حين كانت نائلة تكتب انكسر قلمها، قدمت لها قلمي من غير أن تسألني
لا لم تأخذ قلمي بل أخذت قلم سعيد الذي كان يجلس في مقعد بعيد).
هذه الفقرة أتاحت للطفلة أن تتحدث بصدق عن مشاعر كرهها لصديقتها وأن تذكر مواقف تسببت في هذه المشاعر بكل تفاصيلها..
(ذهبت لأمي وسألت عن السبب.
قالت لي ماما: لماذا لا تسألينها يا ابنتي أليس ذلك بأفضل من التعجب؟
قلت لأمي: لا لا لن أفعل أفضل الموت على أن أسأل) وكذلك الحوار أعطى للطفل متنفسًا ببث همومه إلى أمه ومساعدتها له باقتراح قد يوصله إلى حل مناسب.
المحور الثاني: أدب الأطفال واللغة
اللغة هي القالب الجذاب والجميل الذي تتشكل فيه المعاني والأفكار. وهي كالوعاء الشفاف الذي تتقولب فيه تلك الأفكار فتبدو للمتلقي من خلاله.
ولذا فإن أي أديب يريد أن يؤثر خطابه الأدبي على المتلقي فسوف تتكئ نصوصه جماليًا على شبكة من المجاز لأنه هو العنصر السحري الذي يكسب النص حلاوة وإشعاعًا وتأثيرًا ،وهو الذي يوفر عنصري الجذب والتأثير في النص. والمجاز يتمثل في التشبيهات والاستعارات والكنايات فيشكل قطعة جمالية مع مختلل للفنون البلاغية.
يقول أزاهر محيي الدين (مختص بأدب الطفل):(أدب الطفل عمل إبداعي، وطريقة إيصاله للطفل عمل تربوي إبداعي لانه يتطلب تفهمًا كاملًا لنفسية الطفل وإمكاناته).
ولذا على كاتب الطفل أن يستوعب نفسية الطفل أثناء كتابة نصوصه حيث يقوم بعمل إبداعي، ويرتقي لمستوى فهم الطفل من ناحية اللغة.
الطفل في مرحلة الطفولة يعد مبتدئًا من الناحية اللغوية وفي طور التشكل اللغوي، ولذلك لا يستطيع أن يفهم المجاز المعقد والمتشابك، ولذلك يراعي الكاتب مستوى فهم الطفل للمجاز ويقدم له الجرعة المناسبة من المجاز وفي سياق يفهمه، واضعًا في حسبانه الفئة العمرية التي ينتمي إليها المعنيون بالخطاب سواء كانوا في مرحلة الطفولة المبكرة أو المتوسطة أو المتأخرة.
يتبع …