حديث في أدب الطفل(٣)
رباب حسين النمر
كلما كانت الفئة العمرية صغيرة كلما قلت كمية المجاز في النص الموجه للطفل، لأن الطفل كلما فهم المجاز وتذوقه فإنه ساحب القصة، ويبدأ باكتساب الأساليب والعبارات اللغوية لأنه في مرحلة بناء لغوي، فيضع في مصرف اللغة الذي يمتلكه الألفاظ والمفردات والعبارات فتتشكل لديه الأرصدة التي يصرف منها حين يحتاجها في المستقبل للتعبير.
ويتأثر الطفل باللفظ الجميل وبالعبارة أثناء تلقي النصوص الأدبية، ثم يكتسبها ويرددها.
ويتأثر الطفل بسماع الألفاظ في وقت مبكر جدًا، ولن نقول في وقت الرضاعة بعد الولادة حيث تغني له أمه التهويدات، ولكنه يتأثر وهو في المرحلة الجنينية حيث تنضج حاسة السمع في الشهر الرابع وتتلقى الأذن الأصوات وتتمكن من سماعها، ولذلك هناك توصيات بقراءة القرآن الكريم بصوت مسموع على الجنين ليؤثر في تكوينه، وكلما كانت الأم قارئة أثر ذلك على عقل جنينها مستقبلًا وعلى عقله.
ويطالب كاتب النص بإدراج ألفاظ جديدة في نصه تُفهم من السياق أو من الصور المصاحبة للنصوص، ويشرح بعض الكتاب معاني المفردات الجديدة في الهامش.
كتب الأديب الشاعر حسن الربيح من الأحساء نصوصًا شعرية موجهة للأطفال عنوانها: (أصدقاء مريم) واتكأت نصوصه على المجاز بشكل مناسب للأطفال، يقول الربيح عن البحر:
هو بيت للسمكة
هو رزق للشبكة
هو درب للسفنِ
وجمالٌ للمدنِ..
هو مرآة للنجمة
يهدي للأفق الغيمة
وله موج يتكلم
يحكي لليل الأظلم
إن طل الصبح وأشرق
يزهو بالثوب الأزرق
قدم الشاعر جرعة مجازية مناسبة للطفل فاستعار الكلام والحكي للبحر والثوب للأمواج، والاستماع لليل.
المحور الثالث: الأدب والفنون البصرية.
هناك علاقة تبادلية في أدب الأطفال بين النص المكتوب والصورة المرسومة، وهذا ما يسمى بالنص الموازي. وكما يقال فإن الصورة بألف كلمة.
الطفل كائن بصري يلاحق بعينيه تفاصيل الصور ويهتم بالألوان والبهرجة، وكلما صغر سن الطفل ولم يتقن بعد عملية القراءة والكتابة فهو ينظر إلى الرسومات قبل أن ينظر إلى الرموز الكتابية ويعرف كيف يقرؤها، فيستشف من الرسومات الأحداث ويكتشف أبعاد الشخصيات، ويلاحظ لديه شغف الاطلاع على الرسومات. ولذلك على الرسام أن يقرأ النص بشكل جيد وينظر إليه بعيني طفل وبما يهمه. وأن يخرج الغلاف وعتبات النص (الغلاف القبلي والبعدي والألفة الداخلية) الأخرى أولًا بصورة تجذب الطفل حيث يتم التماس الأول بين النص والطفل من خلالها وكلما أجاد الرسام صنعته على الغلاف اجتذب الطفل.