مدى سلامة الأدوية التي تتناولها النساء الحوامل أثناء الحمل لهن ولأجنتهن
المترجم: عدنان احمد الحاجي
قدم له غسان علي بوخمسين، صيدلاني أول مستشفى جونز هوبكنز
مقدمة غسان علي بو خمسين
تعتبر قضية تناول الحوامل والمرضعات الأدوية خلال فترة الحمل والرضاعة من القضايا التي تحمل تحدياً صعباً للممارسين الصحيين، بسبب شح المعلومات الخاصة بسلامة الدواء بالنسبة للطفل قبل الولادة وبعدها وأمه. شح المعلومات عن الأدوية خلال فترة الحمل والرضاعة يرجع في الأساس لأسباب أخلاقية، فأخلاقيات الممارسة الطبية تمنع من إجراء دراسات دوائية على الحوامل والمرضعات، وذلك غالبًا بسبب القلق على سلامة الجنين. النساء الحوامل قد يتناولن في المتوسط ثلاثة إلى خمسة أدوية بوصفة طبية أثناء الحمل، حيث يعتمد الأطباء بشكل عام على الضمانات المناسبة والمعلومات المتوفرة لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن سلامة تناول الأدوية أثناء الحمل والرضاعة.
برزت أهمية تناول الحوامل الأدوية بشكل قوي بعد مأساة دواء الثاليدومايد الذي تسبّب في تشوهات شديدة للأجنة في أوروبا نهاية خمسينات وبداية ستينات القرن الماضي، حيث ولد آلاف الأطفال بتشوهات خلقية بعد أن تناولته آلاف الأمهات أثناء حملهن بهم. هذه الحادثة عُدت من أكبر المأسي الطبية في عالم الدواء.
في عام 1979 وضعت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية FDA نظاماً تصنيفياً للأدوية المتناولة خلال فترة الحمل وصنفتها في فئات مختلفة تحمل الحروف التالية: A، B، C، D، X
بحسب التصنيف، فإن تصنيف A يعتبر التصنيف الأسلم بالنسبة للحوامل بينما يُمنع استخدام الدواء من تصنيف X في حالة الحمل لوجود دراسات أجريت على الحيوانات والبشر تثبت تسبيبه لتشوهات في الجنين و / أو في مخاطر أخرى عليه، ولذلك مضار استخدام هذا الصنف من الدواء من قبل النساء الحوامل يفوق بوضوح الفوائد المرجوة منه.
استبدل النظام القديم الانف الذكر بنظام جديد أفضل يساعد على اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن الأدوية التي توصف للنساء الحوامل.، إلّا أنه وبالرغم من ذلك لا يزال لا يقدم إجابة قاطعة في معظم الحالات، وهذا ما يحتم الحاجة إلى تفسير سريري لكل حالة على حدة.
في الختام، يتضح مما سبق، أن الحاجة مازالت ملحة لإجراء المزيد من الدراسات والبحث عن وسائل أفضل، خصوصاً مع تنامي المعارف الطبية في مختلف المجالات، في سبيل التوصل لمعرفة تفصيلية تساعد في اتخاذ قرار أكثر استنارة ووضوحاً من قبل الطبيب لضمان سلامة كل من الأم وجنينها.
الدراسة
وجدت دراسة جديدة تبحث في سلامة الأدوية التي تتناولها النساء أثناء حملهن أن الأدوية توصف لحوالي 60% منهن أثناء الحمل.
الدراسة(1)، التي نشرت في مجلة وبائيات الدواء وسلامة الأدوية، بقيادة البروفسور غاريث باينام Gareth Baynam، من كلية الطب بجامعة غرب أستراليا.
وقال البروفسور باينام: “تقليدياً، استبعدت النساء الحوامل من الأبحاث التي تتناول سلامة الأدوية بالدراسة، مما أدى إلى نقص في البيانات وعدم كفايتها لاتخاذ قرارات مستنيرة بشأن سلامتها [لهن و / أو لأجنتهن]”.
في هذه الدراسة(1)، استخدمت 30 في المائة من النساء أدوية صنفتها إدارة الدواء على أنها أدوية تنقصها بيانات عن مدى سلامتها للحوامل، وحوالي 15 في المائة من النساء يستخدمن أدوية مخاطرها معروفة.
وقال البروفسور باينام: “تُستخدم الأدوية بشكل شائع أثناء الحمل لعلاج الحالات المرضية الموجودة مسبقًا (قبل الحمل) والحالات المرضية التي ظهرت أثناء الحمل”.
“نظرًا لأن حوالي 50% من حالات الحمل غير مخطط لها، فإن الاستخدام غير المقصود للأدوية أمر شائع. الأدوية المستخدمة أثناء الحمل يمكن أن تمر عبر جدار المشيمة وتؤثر سلبًا في تطور ونمو الجنين والتبعات المترتبة علي سلامة وصحة المواليد الجدد والأمهات(2).
فحصت الدراسة الأدوية التي تُصرف بموجب برنامج المخصصات الصيدلانية الوطنية للنساء الحوامل في غرب أستراليا بشكل عام وبحسب تصنيف سلامة الأدوية.
وقال البروفسور باينام: “ترسي هذه الدراسة لأول مرة الأسس للتقييم الأكثر شمولاً لتأثير الأدوية الموصوفة في الأطفال في غرب أستراليا.”
“الآثار المترتبة على ذلك عميقة بالنسبة للوقاية وتشخيص العيوب الخلقية التي تؤثر في واحد من كل 20 طفلاً وهي ما تعتبر فئة كبيرة من الأمراض النادرة، ولكنها متواترة من الناحية التراكمية.”
يمكن أن تختلف تأثيرات الدواء في مخرجات الحمل بناءً على الجرعة [مقدار ما يمتصه الجنين، بحسب التعريف) والكمية (مقدار الدواء في المحيط، بحسب التعريف) وتوقيت التعرض للدواء [بحسب الدراسة، توقيت التعرض يشمل توقيت التعرض قبل انعقاد الحمل بـ 90 يومًا وعند الثلث الأول من الحمل حتى اليوم الـ 90 منه وعند الثلث الثاني الممتد من يوم الـ 91 حتى يوم الـ 180 منه وعند الثلث الثالث الممتد من اليوم الـ 181 حتى الولادة)، وبعد الولادة إلى اليوم الـ 90] ومدة التعرض. [المترجم: مخرجات الحمل تشمل الولادة بعد فترة حمل كاملة أو الولادة المبكرة والإملاص – ولادة جنين ميت عند أوبعد الأسبوع العشرين أو الأسبوع الثامن والعشرين من الحمل – والإجهاض التلقائي والإجهاض المستحث(3)].
وقال البروفسور باينام: “من المرجح أن يرتبط التعرض للأدوية خلال الأشهر الثلاثة الأولى [الثلث الأول] من الحمل بزيادة خطر الإصابة بعيوب خلقية(4).”
الباحثون من جامعة غرب أستراليا ومستشفى الملك إدوارد ميموريال Memorial، ومعهد تيليثون كيدز Telethon Kids ومركز جمع البيانات عن المرضى من مصادرها Centre for Data Linkage في جامعة كيرتن للتكنولوجيا، ومعهد التحول الصحي في جامعة ديكين Deakin، خلصوا إلى أن سلامة الأدوية أثناء الحمل تتطلب استثمارًا مستمرًا في الأبحاث.
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://onlinelibrary.wiley.com/doi/10.1002/pds.5845
2- “التبعات السلبية المترتبة على صحة المولود الجديد تشمل انخفاض وزنه عند الولادة (LBW)، والولادة المبكرة وانخفاض حرز أبغار [المستخدم لتقييم صحة المولود] في الدقيقتين الأولى والخامسة بعد الولادة، ووفاة المولود المبكرة (قبل اليوم الثامن من الولادة) أو المتأخرة (خلال الـ 28 يومًا من الولادة)، وصغر حجم المولود بالنسبة لعمر الحمل و / أو الحالات الشديدة التي تتعرض لها الأمهات بسبب المولود [أي الضغط النفسي والشعور بالقلق وبالعجز والاكتئاب والغضب، بحسب التعريف].” ترجمناه ببعض التصرف من نص ورد على هذا العنوان:
https://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC8958707/
3- https://www.nature.com/subjects/pregnancy-outcome
4- https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%8A%D8%A8_%D8%AE%D9%84%D9%82%D9%8A
المصدر الرئيس
https://www.uwa.edu.au/news/article/2024/june/how-many-women-take-prescription-medications-during-pregnancy