أقلام

حدود الصرف والإنفاق

صالح المرهون

لايصح أبدًا أن يكون صرفنا وإنفاقنا كما كان في الماضي، وعلى كل واحدٍ منا سواء على مستوى حياته الفردية أو العائلية أن يعيد النظر في استهلاك الماء والكهرباء والمواد الغدائية،

فكثير من استهلاكنا وصرفنا وإنفاقنا حتى على المواد الغدائية مبالغ فيه، وهذا مانعرفه جميعًا، ولكننا نعيش حالة الاسترسال وعدم المبالاة.

أرأيت لو أن إنسانًا أخبره الطبيب بارتفاع مستوى السكر أو الضغط لديه، ألا يجب أن يعيد النظر في نظامه الغدائي؟!

البعض يصعب عليه التكيف مع تغيير نظامه الجديد، والواقع أن الإنسان لديه عقل وإرادة، ولابد أن يحكم عقله ويعمل بإرادته، ويغير عاداته، ونحن مدعوون لترشيد أنفسنا أولًا ثم ترشيد صرفنا وإنفاقنا على المستوى الفردي والعائلي وعلى مستوى تغيير العادات والأعراف الفردية والعائلية والاجتماعية.

يتحدث الناس عن بعض الصعوبات الاقتصادية والضرائب، ولكن ذلك لا ينعكس على واقع الصرف والإنفاق في مراسيم الزواج أو مجالس العزاء،

نجد في مجتمعاتنا صعوبة سرعة التأقلم وإعادة النظرة في تغيير السلوكيات التي اعتدناها في الماضي، وهذا سبب ارتدادات كبيرة على حياتنا المعيشية، وقد يسبب مشاكل نفسية أو خلافات عائلية واجتماعية.

فعلينا ألا نتوانى في هذه الأمور وأن نسعى لتغيير بعض العادات المرهقة نفسيًا واجتماعيًا.

لقد أصبحت العادات والأعراف في مناسباتنا تهدر الكثير من الأموال؛ وقد يعد بعض الأفراد في مناسبة عقد القران بوفيه طعام كما يعده في مناسبات الزواج، أو قد ترتبط مناسباتنا الاجتماعية والدينية بمقار مبالغ طائلة من الصرف، بل انتشرت كثرة البوفيهات في شهر محرم وعدم مراعاة إلقاء النعمة على الأرض فيطؤها بعض المشاة بأقدامهم، أو قد يلزم نفسه صاحب المجلس الأسبوعي بالإطعام أو توزيع بعض المأكولات!!

ويتحدث عن الصعوبات الاقتصادية والضرائب.

وفي مناسبات الزواج لا تقتصر المأدبة على ليلة الزفاف، بل انسحبت إلى حفلات الخطوبة!!

وهو أمر مكلف، وفيه مبالغة وتبذير للمال في غير محله، وإن كان الفرد متمكن ماليًا وتسهل عليه مثل تلك المظاهر، ففيه إحراج لسائر الناس. فلماذا نشق طرقًا نحن في غنى عنها، ولماذا نكرس هذه العادات المكلفة؟!

هناك فقراء ومعوزون بحاجة إلى هذا المال الزائد، وعلى الإنسان أن يحكم عقله وينفق وأن يكون صرفه للمال في محله، لا للتبذير والإسراف هنا وهناك لأنه محاسب عليه، والمال الذي تملكه ليس لك وحدك فقط، بل ينبغي للإنسان أن يرتب أمور حياته الرئيسة والكمالية ويراعي ظروف الآخرين وفقًا لإمكاناته الفعلية وإمكانات الآخرين الفعلية، وهذا ما تشير إليه الرواية عن هشام بن سالم قال: سمعت أبا عبدالله( ع)يقول لحمران ابن أعين: (يا حمران انظر إلى من هو دونك في المقدرة، ولا تنظر إلى من هو فوقك في المقدرة، فإن ذلك أقنع لك بما قسم الله لك، وأحرى أن تستوجب الزيادة من ربك).

فالمطلوب أن يلبي الإنسان حاجاته تبعًا لقدراته الماديةهو، وليس بالنظر لما يفعله الآخرون الذين ربما تكون إمكاناتهم المادية أكبر من إمكاناته،

فإذا كان عند أحدهم إمكان لشراء سيارة من طراز معين تناسب تكلفتها قدراته المالية، فلماذا يطمع فيما يفوق ميزانيته ويكلف نفسه أعباء الديون، لا لشيء إلا تقليدًا لآخرين أو مباهاة غير ضرورية؟وذلك أبعد ما يكون عن القناعة التي تناولتها الرواية، وتتضمن الكثير من الروايات الواردة عن أهل البيت( ع)

وعن النبي الأكرم محمد

( صلى الله عليه وآله)، منها ما ورد في دعاء كميل: (واجعلني بقسمك راضيًا قانعًا).

أما الجانب الثاني الذي تناولته الرواية فهو المتعلق بضرورة تحلي الإنسان بحسن التدبير في المعيشة، ومراعاة الآخرين من هم دونك، وأن تستوجب الزيادة من ربك، ووردت في هذا السياق نصوص كثيرة توصي الإنسان بحسن التدبير، فقد ورد عن رسول الله( صلى):

(من أحسن تدبير معيشته رزقه الله تبارك وتعالى) وعن الإمام علي( ع):

(صلاح العيش التدبير).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى