«أحطِّك بالثلاجة».. «عيونِك تكفي» تدين سائق تطبيقات بالتحرش
بشائر: الدمام
عاقبت محكمة جزائية غرب السعودية سائق أحد تطبيقات التوصيل، وقررت حبسه عاماً، وتغريمه 50 ألف ريال، عقب إدانته بما نسب إليه من وصف جرم تمثّل في التحرش الجنسي اللفظي الخادش للحياء لفتاة سعودية مخالفاً نظام مكافحة التحرش، وذلك لقوله «عيونِك تكفي»، «أحطِّك في الثلاجة»، «آكلك أنا»، «لو أتزوجك ما أخليك تطلعين من البيت».
وبحسب التفاصيل قدمت الفتاة بلاغاً حول قيام سائق توصيل طلبت منه إيصالها إلى منزلها، وذكرت في بلاغها أن السائق تحرش بها لفظياً بعبارات خادشة، وقالت في شكواها إنها طلبت من السائق إنزالها أكثر من مرة ورفض ذلك حتى أوصلها إلى منزلها، وقدمت 4 مقاطع فيديو قصيرة مصورة تثبت صحة ادعائها مدتها 8 ثوانٍ.
وباشرت الأجهزة الأمنية التحقيق، وقامت بتفريغ مقاطع الفيديو التي أظهرت صوت المتهم وهو يتحدث إلى الفتاة بألفاظ عدة منها: «عيونك تكفي»، و«أكلك أنا»، وأكملت النيابة العامة، التحقيق مع المتهم وحررت لائحة دعوى بحقه متضمنة الأدلة الرقمية، وطالب المدعي العام بإدانة المتهم وإيقاع عقوبة السجن والغرامة المنصوص عليها في نظام مكافحة التحرش.
ووجهت المحكمة الاتهام للسائق المتهم وزودته بلائحة الدعوى، وطلبت منه الجواب عن الاتهام المنسوب إليه، فأجاب أن ما نسب إليه من الاتهام غير صحيح، وأوضح أن الذي حدث أن الفتاة المدعية ركبت معه مشواراً وطلبت إيصالها إلى منزلها وأنه اختلف معها في قيمة المشوار، ورداً على مقاطع الفيديو الواردة أوضح أنها ألفاظ ليست ذات مدلول جنسي إنما ألفاظ غزلية، نافياً أي قول أو فعل مسيء تجاه المدعية، والإساءة لها.
واطلعت المحكمة على إقرار المتهم أمام النيابة أنه كان يتبادل الحديث مع المدعية خلال توصيلها وقوله لها «عيونك حلوة»، وعرضه الزواج عليها، وأنه كان «يسولف» معها بحسن نية.
محققة النيابة ترصد
اطلعت المحكمة على ما ورد في محاضر التحقيق لمحققة نيابة الآداب العامة، كما اطلعت على صور تثبت طلب الفتاة المدعية إيصالها مشواراً عبر تطبيق التوصيل وتضمنت بيانات المتهم وصورته وبيانات سيارته، إضافة إلى مقاطع الفيديو الصوتية التي تظهر صوت المتهم خلال حديثه مع الفتاة، وإقراره أن الفتاة ركبت معه وكانت تتحدث وتسولف معه وتتبادل الكلام، وأنها كانت تشرح ظروفها وأنها تداوم للسوق أربع مرات، فقال لها تعلمي القيادة، فقالت أهلي ما يرضون، فرد عليها «يحق لهم لأن عيونك حلوة»، و«لو أتزوجك ما خليك تطلعين أحطك في كيس وأحطك في الثلاجة» إلى بقية العبارات المرصودة.
المرافعة القضائية
جاء في نص الحكم: استناداً إلى ما سبق بيانه وتحريرُه، وبعد النظر في حال من وُجّه إليه الاتهام في دعوى المدعي العام، وذلك بعد العناية بالأصول المهنية والتي تُسهم في تجويد الأعمال والمخرجات وتحقيق العدالة الناجزة، وهو الدور المنوط بالمحكمة، وبعد التأكد من فهم من وجّه إليه الاتهام للخطاب والجواب والزمان والمكان بضوابطه الشرعية والنظامية، وبعد التأكد من أهليته المعتبرة شرعاً، وبعد إفهام من وجّه إليه الاتهام بكامل حقوقه النظامية، ودراسة ما تضمنته ملفات التحقيق والاستجواب المرافقة للمعاملة الإلكترونية في «منصة تقاضي»، وعقب فحص المحكمة لجميع ملابسات القضية، كان الثابت قيام المتهم بالتلفظ بأقوال ذات مدلولات جنسية كان نصها: «ممكن ألفك وأحطك في كيس وأحطك في الثلاجة»، «عيونك تكفي»، «أكلك أنا»، «يحق لأهلك لأن عيونك حلوة يخافون عليك»، «لو أتزوجك ما أخليك تطلعين أحطك في كيس وأحطك في الثلاجة ما أخلي أحد يشوفك»، وطريق ثبوت ذلك بما ورد في أدلّة المدعي العام من أدلة تُسفر عن صحة وقوع جريمة التحرش الجنسي اللفظي، وماورد في استجواب المتهم وإقراره بالتلفظ بالألفاظ السابق ذكرها ما يؤكد صحة الاتهام ويقويه، وكذلك إقرار المتهم أمام المحكمة بركوب المجني عليها معه في السيارة، وما يؤكد صحة الاتهام أيضاً هو ما ورد بمحضر الاطلاع على وحدة التخزين الإلكتروني المرفقة من قبل المجني عليها والمتضمنة تسجيلات صوتية للمدعى عليه وهو يتلفظ بألفاظ ذات مدلول جنسي، ولا شك أنّ ذلك كله يؤكد صدور الفعل الجرمي من المتهم المستوجب للعقاب، وعليه فإنّ المحكمة قد استظهرت الوقائع التي استنتجت منها ارتكاب المتهم للجريمة، حتى لا يكون الدليل مجملاً وغامضاً ومبهماً، وقد تبيّن تأييد الأدلة للواقعة التي اقتنعت بها المحكمة، وكان ما أورده المدعي العام كافياً لتحقيق الغاية، كما أنّ ما ورد في القضية وملابساتها وحيثياتها، جعلت المحكمة تطمئن إلى الأدلة المقدمة من جهة الادعاء، لتوجيه سهام الاتهام، وكافياً للمحكمة أن تقوم بإثبات الإدانة، وهو ما استقر في عقيدتها ووجدانها، وذلك بالوصول إلى اليقين القضائي الذي يُمكن أن يصل إليه الكافة ويكون متفقاً مع العقل والمنطق، حيث إنّ المتهم الماثل أمام الدائرة القضائية قد أتى أفعالاً مادية مُجرّمة، فاستوجب معه العقاب والتأديب والتعزير.
التحرش.. جريمة خبيثة
جاء في مداولات القضية: بما أن جريمة التحرش جريمة خبيثة يجب التشديد عند إصدار العقوبة، وهو غريزة وتخمة شهوانية في المتحرش، ما يستوجب معه إنزال العقوبة الرادعة، لاسيما أن الإسلام جاء بحفظ الضرورات الخمس التي هي الدين والنفس والعقل والعرض والمال، ليعيش المسلم آمناً مطمئناً.
وبيّن منطوق الحكم، أن جريمة التحرش ثبتت في هذه القضية بركنيها المعنوي وهو القصد الجنائي، والركن المادي المتمثل في السلوك الإجرامي ومن ثم كانت النتيجة الإجرامية ويقصد بها النتيجة المترتبة على سلوكيات المجرم، وهي العلاقة السببية، حيث يُشترط من أجل ثبوت جريمة التحرش في النظام وجود علاقة سببية بين السلوك الإجرامي والنتيجة الإجرامية؛ لكي تثبت الجريمة، ويفرض النظام سلطانه في ذلك، وكل ذلك قد تحقق في مظلة هذه القضية، بثبوت اكتمال أركان الجريمة.
منطوق الحكم
بعد المداولة، ثبت لدى المحكمة إدانة سائق التطبيقات بما نُسب إليه من قيامه بالتحرش الجنسي اللفظي الخادش للحياء مخالفاً بذلك نظام مكافحة التحرش، والحكم بسجنه عاماً وتغريمه مبلغاً مالياً قدره 50 ألف ريال، استناداً للفقرة الأولى من المادة السادسة من نـظام مكافحة التحرش.