أقلام

(نيف وسبعون فقط!) – أمر محيّر … بل مؤشر مخيف ومقلق

صادق الحجي

مما جاء في أحداث وأخبار واقعة الطف طلب الإمام الحسين عليه السلام ممن كانوا حول أرض كربلاء أو ممن ساروا معه في بادئ الأمر ممن لم يُكتب لهم التوفيق ليكونوا من الصفوة المختارة التي رافقت أرواحهم روح الحسين عليه السلام ونالوا شرف الشهادة بين يديه بأن يبتعدوا عن أرض النزال والمعركة حتى لا يسمعوا واعيته واستنصاره عليه السلام *(هل من ناصر ينصرنا)* وبالتالي يكونوا مأثومين نتيجة عدم نصرة الإمام المعصوم في تلك اللحظات الحاسمة.

ولعل من الأمور المحيّرة التي يتوقف عندها الفكر قلة عدد أنصار الحسين عليه السلام مقارنة بما نتصوره من وجود تلك الأعداد الكبيرة من شيعة أمير المؤمنين عليه السلام في ذلك الحين (نيف وسبعون فقط مع ملاحظة أن أكثر من الثلث من أهل بيته عليه السلام !).

قد يكون قلة العدد راجع لعدة عوامل ليس هدفنا البحث عنها وفيها، ولكن من دون شك أن من وُفق لنصرة الحسين عليه السلام هم الصفوة.

أعتقد أن هذا العدد لا يثير فقط الحَيرة، بل يثير بصورة أكبر الخوف والقلق على أنفسنا!

نحن نردد “لبيك يا حسين” حينما يذكر الخطيب واعية الحسين عليه السلام في يوم عاشوراء، ونكرر في زيارتنا لأنصار الحسين (عليه السلام): “فيا لَيتَني كُنتُ مَعَكُم فَأفُوزَ مَعَكُم”

فلئن فاتتنا نصرة الحسين عليه السلام، فالتكليف لازال قائما والفرصة مؤاتية بنصرة قائم أهل البيت عجل الله فرجه، ألسنا ندعو في عهدنا معه صباح كل يوم: “اللهُمَّ اجعَلني مِن أنصارِهِ وَأعوانِهِ وَالذَّابِّينَ عَنهُ وَالمُسارِعِينَ إلَيهِ في قَضاءِ حَوائِجِهِ وَالمُمتَثِلِينَ لأوامِرِهِ وَالمُحامِينَ عَنهُ وَالسَّابِقِينَ إلى إرادَتِهِ وَالمُستَشهَدِينَ بَينَ يَدَيهِ”

ونردد في التعزية الواردة يوم العاشر: “وَجَعَلَنا وَإياكُم مِن الطَّالِبينَ بِثأرِهِ مَعَ وَليِّهِ الإمام المَهديّ مِن آلِ مُحَمَّدٍ عليهم السلام”

لا أعلم هل أنا بحق صادق بهذا الترديد والذكر، وكما يذكر بعض الأعلام والفضلاء لو كنا نعيش في ذلك الزمان هل سنُوفق بأن نكون من ضمن أنصار الحسين عليه السلام!

هل نحن مؤهلون ومستعدون لأن نكون من أنصار صاحب الزمان عجل الله فرجه، أم سنخذله لعدم استعدادنا كما خذل الناس الإمام الحسين عليه السلام في ذلك الوقت.

من هنا فإن “نيف وسبعون فقط” مؤشر خوف وقلق على أنفسنا بأن يتكرر نفس السيناريو بقلة الناصر مع صاحب الامر عجل الله فرجه، ونكون من ضمن شريحة “قلوبهم معك وسيوفهم عليك”.

وليكن ذلك الخوف والقلق باعثَين لنا لمراجعة وتفحص واقعنا وأنفسنا في عباداتنا ومعاملاتنا وعلاقاتنا، هل نحن على سيرة الحسين عليه السلام؟ وهل نحن مرضيين عند إمامنا عجل الله فرجه الشريف لنكون من أنصاره وأعوانه؟ ولا يخفى أن التوفيق لذلك يتطلب منّا الإستعداد والتهيؤ والإخلاص.

فعندما نردد “لبيك يا حسين” فلنستحضر معها “لبيك يا صاحب الزمان”، وعندما نقول في الزيارة “فيا لَيتَني كُنتُ مَعَكُم فَأفُوزَ مَعَكُم” فلندعو بكل إخلاص بأن يرزقنا الله التوفيق لأن نكون من الطالبين بثأر الحسين عليه السلام تحت راية ابنه صاحب الأمر عجل الله فرجه.

السَّلامُ عَلى الحُسَينِ وَعَلى عَلِيِّ بنِ الحُسَينِ وَعَلى أولادِ الحُسَينِ وَعَلى أصحابِ الحُسَينِ.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى