أقلام

منهجية حياة

السيد فاضل آل درويش

هناك تمايز بين الناس من جهات متعددة ومختلفة، ومن تلك الجهات هي طريقة التفكير وفهم الدور الوظيفي في الحياة وأهم الأهداف التي يسعى لتحقيقها، والإنسان الناضج فكريًا ويتزين بالوعي في نظرته للأمور والأحداث، سيتجلى منه بعد النظر والبصيرة في فهم الحاضر واستشراف المستقبل، وفي حاضره ستكون تصرفاته ومواقفه مبنية على الالتفات لنقاط القوة والإيجابية أو الضعف والسلبية والآثار المترتبة على كل مسار واحتمال، وهذا ما يمنهج لحياته وفقًا لطريقة تفكير منطقية وعقلائية بعيدًا عن الانفعالات والتهور والأهواء، ولذا تظهر شخصيته الوازنة والواعية في القرارات التي يتخذها بكل وضوح ونباهة، ونظرته للأمور والأحداث تتصف بالموضوعية والواقعية بعيدًا عن الشخصنات.

كما أنه يعمل جاهدًا على تكوين الزاد المعرفي والثقافي في ذهنه من المصادر العلمية، فليس هناك من عامل هدّام أكبر وأخطر من الجهل والبقاء في دائرة الذاكرة الخاوية أو المفتوحة على المصراعين أمام استجلاب تفاصيل الأمور والأحداث اليومية للناس بما لا يعود عليه بالفائدة بل هو تضييع للوقت والجهود.

ومن علامات النضج العقلي هو العمل على بناء مستقبل مزدهر، والبيئة والميدان له هو حاضرنا وكيفية اغتنام الأوقات وتوظيف القدرات والإمكانات في طريق تحقيق الأهداف والخطط الملائمة.

والظروف الحياتية لا تجري وفق هوانا ومبتغانا، بل تشكل عراقيل ومصدًا لتحقيق رغباتنا وتوقعنا في الكثير من المشاكل والمصاعب، والمنهج المناسب لمثل هذه الوقائع هو النظرة الواقعية والتكيف مع المواقف والحاضر ، فيتصرف وفق تلك الأحداث ويحوّل تلك التحديات ومحطات الاختبار لقدراته إلى فرص ومغانم يستفيد منها ويضيفها كرصيد إلى خبراته، يساعده على التقدّم بخطى ثابتة ووازنة بعيدًا عن الضياع والانهيار النفسي أمام الصعوبات.

الرؤية الواضحة والبعيدة للأمور تبتني على الفهم والإدراك للحاضر والإمكانات التي يستفيد منها ويوظفها في طريق غاياته، ولذا يتميز بالضبط النفسي بعيدًا عن الاتكاء على الانفعالات أو التفكير العاطفي الذي يعميه عن الحقائق، وهذه الدقة والبحث في فهم الواقع يعضده الثبات في اتخاذ القرار وتجنب التردد، وهذا لا يعني أن تسير الأمور بالقلم والمسطرة في الدقة بشكل مستمر، فهناك مرونة في التعامل وفق مباديء الذكاء المعرفي والوجداني والمزج بينهما وفق ما تقتضيه المرحلة.

وبناء المستقبل المزدهر والواعد يرتبط بمختلف جوانب شخصية الفرد وعلاقاته، فينظر لعلاقته بخالقه في ميدان القرب والعمل الصالح وصنع الخير والمعروف، بمفهوم شامل لكل تصرفاته وأحاديثه وهذا ما يشير له مفهوم العبادة الذي لا يقتصر على الصلاة والصوم، وكذلك على مستوى تكوين قدراته العلمية والتفكيرية من خلال المطالعة والقراءة والعصف الذهني مع الشخصيات التي ينسجم معها ويستفيد من وجهات نظرهم، كما أنه يبني علاقاته الاجتماعية وفق أسس ومعايير واضحة تميز بين الصديق والزميل والفرد المماثل في المجتمع.

وكذلك على مستوى تكوين الإرادة القوية والهمة العالية واتخاذ القرارات الحاسمة، يرتبط ذلك مع بعد النظر والطموح والعزم الأكيد على تكوين معالم الإنجاز التي تثبت وجوده وتألقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى