أقلام

الحاج الوجيه المرحوم علي الجبران: انموذجًا للعطاء

حسين العلي

(وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ)

بقلبٍ راضٍ بقضاء الله وقدره، يملأه الصبر و الحزن والأسى.

كم هي قاسية لحظات الوداع والفراق، التي تسجل وتختزن في القلب والذاكرة، وكم نشعر بالحزن وفداحة الخسارة والفجيعة، ونختنق بالدموع، ونحن نودع واحدًا من جيل قامات العطاء ورجال الأعمال والعقارين الكبار المتميزين على مستوى المنطقة الغالية خاصة والوطن الكريم عامة.

ونحن على ذكرى رحيل الحاج المرحوم أبو أنور-علي حسين الجبران، و بعد مضي أربعين يومًا على وفاته رحمة الله عليه،لابد من كلمة تأبينية لأبي أنور، وهو قامة وطنية وإنسانية وإيمانيّة مخلصة، وقد برز في تجارة العقار، ويعتبر من أحد أعمدته. كما برز أكثر بحسه الإنساني والوطني، وحبه لعمل الخير، ودعم المشاريع الإجتماعية.

بفقده فقدت المنطقة قامة امتازت بصناعة العقار المتميز. وحاضرة الدمام تزخر بجيل كبار العقارين.

وقبل عدة أشهر فقدت المنطقة الحاج المرحوم حسن المحمد النمر، وغيره من صناع العقار، ممن قدموا من الأحساء الغالية على قلوبنا، وقد فقدت المنطقة مجموعة من صناع العقار الذين ساهموا بتطوير المخططات السكنية والتجارية.

امتاز المرحوم أبو أنور بعدة صفات كثيرة، منها عطائه لمجتمعه ووطنه، ومن أبرز عطاياه مقبرة الجش ٢( مقبرة الشهداء )، وغيرها من المشاريع والتبرعات للمساجد، وقد تكون غالبيتها خاصة لا يعلم بها الا الله، والقريبين من معارفه..

مقبرة الجش ٢، أرض كبيرة المساحة، في موقع قريب من أهالي الدمام (الاحسائيين) لغاية دفن موتاهم. وبالمناسبة تم دفن شهداء الصلاة فيها بموافقة الجهات الرسمية.

الحاج أبوأنور رجل عقاري متميز بخيراته، وحنكته، وحكمته، و قد كان خبيرًا، وعصاميًا، وناجحًا بدرجة معروفة، وسمعته عالية، وشهادته معتبرة، ومصدر ثقة للمساهمين والشركاء في الصفقات والمساهمات العقارية.

كان يعمل بصمت، وعنده رغبة بنصيحة الشباب بخبراته العقارية، وتوجيهاته القيمة، حيث يعد خبير عقاريً ناجح. جلست معه عدة جلسات، وكان مسهبًا بنقل معارفه وخبراته وتحليلاته القيمة، مشاركاً في المساعدة في حل الكثير من القضايا الاجتماعية، من خلال علاقاته مع مجموعة من شخصيات المجتمع في وطننا الغالي.

فيا أيها الانسان الطيب، والرجل المخلص، ويا نبع العطاء والنهر المتدفق حباً لمجتمعك، يعز علينا فراقك، في وقت نحتاج فيه إلى أمثالك من الرجال الأوفياء الصادقين.

ومهما كتبنا من كلمات رثاء، وسطرنا من حروف حزينة باكية، لن نوفيك حقك لما قدمته من عطاء طيب، ووقتٍ، وجهدٍ، وتفانٍ، ودعمٍ للشباب ورجال المستقبل والغد. علمتهم من أخلاقٍ وقيمٍ من تجاربك الثرية.

عرفنا الفقيد هادئًا، متسامحًا، راضيًا، قنوعًا، ملتزمًا بإنسانيته، كما هو ملتزم بدينه، وواجباته الدينية.

حمل الأمانة بإخلاص، وأعطى للحياة والناس جهده، وخبرته، وتجربته، وحبه.

فكان قدوةً، ونموذجًا، ومثلاً يحتذي به في البساطة، والوداعة، والرقة، والعطف، والحنان، وعمل الخير، وسمو الأخلاق، وطهارة النفس والروح، ونقاء القلب، والعفوية، والتسامح.

أعطى كل ما لديه بلا حدود، ودون كلل أو ملل، في مهنته، وعمله، ورسالته، التي في صلبها بناء الإنسان، وعِمارة الارض بتطويرها، والتي تصب في بناء المجتمع ورقيه.

“لقد غيب الموت الانسان و الحبيب الغالي ، الحاج أبو أنور “ نم مرتاح البال والضمير، فقد أديت الأمانة، وقمت بدورك على أحسن وجه، والرجال الصادقون أمثالك لا يموتون.

وما لي في وقفة الوداع سوى هذين البيتين من الشعر قالهما أمير الشعراء أحمد شوقي في رثاء شاعر النيل حافظ ابراهيم:

خلفت في الدنيا بيانًا خالدًا ….. وتركت أجيالاً من الأبناء

وغداً سيذكرك الزمان لم ….. يزل للدهر انصاف وحسن جزاء

الموت رحلة من عالم الدنيا الى عالم الاخرة

وتقضّ المضاجع، الموت، إنّها كلمة مكوّنة من ثلاثة أحرفٍ فقط، سهلة النطق لكنها تهزّ القلوب الحية، ربما يموت الذين اهتم لهم كثيرًا قبلي، لا يحضرون عزائي، ولا يرون غيابي، كما رأيت غيابهم، أفقدهم ولا يفقدوني، يغيبون مرتين يوم موتهم، ويوم موتي.

رحلوا وتركوا ذكراهم تحيط بنا من كل جانب، وكأنهم يبعثون لنا برسالة “ألا تنسونا.. اذكرونا دومًا، نستحق هذا منكم، اذكرونا في صلاتكم، في دعواتكم، لا تذرونا فُرادى” أهم لا يعلمون أن كل نفسٍ نتنفسه يُذكّرُنا بهم؟ أهم لا يعلمون أن خيالهم يحيط بنا أينما حلَلنا؟ أهم حقاً لا يعلمون أننا نحن من نستأنس بهم؟ نحن من نعيش على ذكراهم

ونحن على ثقة كبيرة بأبنائه أنور وحسين وحسن، وأخيه الحاج أبوحسين حجي الجبران، عليهم حمل أمانة كبيرة في مواصلة مسير قدوتهم، بتعاونهم، وتعاضدهم في إكمال مشاريعه الخاصة، والعامة، وله الحق علينا أن تنشأ مشاريع إجتماعية، خدمية، أو صحية، أو دور عبادة باسمه (الحاج الوجيه أبو أنور)

وفي الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) قال:” إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا عن ثلاث: صدقة جارية، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له”. ”

وجاء في الحديث عن الإمام الصادق (عليه السلام): ” ليس يتبع الرجل بعد موته من الأجر إلا ثلاث خصال: صدقة أجراها في حياته، فهي تجري بعد موته، وسنة هدى سنها، فهي تعمل بها بعد موته، وولد صالح يستغفر له”.

نسأل الله له ولنا ولكم المغفرة بحق محمد وآله المنتجبين.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى