أقلام

العلاقة بين المشاعر واتخاذ القرارات الاقتصادية تختلف من دولة إلى أخرى بحسب تحليل إحصائي جرى على 74 دولة

المترجم: عدنان احمد الحاجي

الشكل: الاختلاف في العلاقة بين المزاج الإيجابي والصبر (a) أو المزاج الإيجابي والمخاطرة (b) عبر الدول على المستوى العالمي

قد يكون الناس مدفوعين بعوامل مختلفة، بما فيها أهدافهم ومشاعرهم، حين يتخذون قرارات اقتصادية. وقد افترضت الدراسات السابقة أن المشاعر لها دور حاسم في اتخاذ قرارات اقتصادية (1)، وخاصة تلك التي تنطوي على مخاطرة أو مقايضة بين المنافع الآنية أو المؤجلة.

بدأ الباحثون في كلية الدراسات العليا في إدارة الأعمال بجامعة ستانفورد، وكلية بوث Booth لإدارة الأعمال بجامعة شيكاغو، مؤخرًا في دراسة العلاقة بين المشاعر والخيارات الاقتصادية بأكثر عمقًا وذلك بتحليل مجموعة ضخمة من البيانات في دول متعددة على الصعيد العالمي.

وكشفت النتائج التي توصلوا إليها، والتي نشرت في مجلة نتشر السلوك البشري (2) Nature Human Behaviour، عن أنماط متميزة في مدى تنبؤ حالة المشاعر بالقرارات الاقتصادية في دول متعددة من جميع أنحاء العالم.

“في عام 2019، وجدنا مجموعة بيانات جديدة تقيس كيف يتخذ الأفراد قراراتهم المالية في جميع أنحاء العالم،” كما قال صامويل بيرتل Samuel Pertl، المؤلف المشارك في الدراسة، لموقع Phys.org. “لقد انبهرنا بمجموعة البيانات هذه، ومع تعمقنا أكثر، اكتشفنا طبقة أخرى من المعلومات التي لم يستكشفها فريق البحث الأول: وهي مشاعر المشاركين في الدراسة.”

“لقد أثار هذا الجانب اهتمامنا لأن معظم الأبحاث السابقة حول تأثير المشاعر في اتخاذ القرارات قد أجريت في عدد قليل من الدول المتقدمة جدًا، لا سيما الولايات المتحدة. ومع توفر عينات تمثيلية على المستوى الوطني من 74 دولة، رأينا فرصة لاستكشاف ما إذا كانت العلاقة بين المشاعر واتخاذ القرارات الاقتصادية متكررة (هي نفسها في كل دولة من هذه الدول) ويمكن تعميمها على المستوى العالمي.”

الشكل: العلاقة بين المزاج الإيجابي والصبر (a و b) أو المزاج الإيجابي والمخاطرة (c و d)

اقترح بعض المنظرين سابقًا أن العلاقة بين المشاعر والخيارات الاقتصادية يمكن أن تكون عالمية، وبالتالي أنماطها متشابهة في مختلف البلدان. كان الهدف الرئيس للدراسة الأخيرة التي أجراها بيرتل وزملاؤه هو اختبار هذه الفرضية، وذلك بعمل تحليل للبيانات من استطلاعات عالم غالوب (3) Gallup World ونتائج المسح الاستقصائي للاتجاهات العالمية، وهما دراستان استقصائيتان واسعتا النطاق تغطيان ما مجموعه 74 دولة.

“لدراسة كيف تؤثر المشاعر في عملية اتخاذ القرارات الاقتصادية، استخدمنا مقاربتين مختلفتين،” كم أوضح بيرتل. “هناك بالفعل الكثير من الدراسات التي تعرضت إلى كيف تؤثر المشاعر العرضية (التي ليس لها علاقة بالقرارات القائمة (4)) على قرارات الأشخاص الزمنية [القرارات الزمنية هو دراسة القيمة النسبية التي يخصصها الناس لاثنين من العوائد أو المنافع أو أكثر في نقاط زمنية مختلفة. عادة ما تُبسَّط هذه العلاقة وتحسب بناءً على العوائد المعجلةمقابل تلك المؤجلة (5)] أو تلك المحفوفة بالمخاطر. وكخطوة أولى، قمنا بتلخيص هذه الدراسات باستخدام التحليل التلوي (6)، الذي يجمع النتائج المتوفرة ويلخصها في علاقة تلازمية r [تحليلية تلوية] متوسطة average.”

وكشف التحليل التلوي الذي أجراه الباحثون أن معظم الدراسات السابقة أجريت على عينات غير ممثلة على المستوى الدولي، حيث كانت عادة تُجرى في عدد قليل من الدول الغربية.

وقال بيرتل: “سألنا كل مشارك عن مشاعره – على وجه التحديد، ما إذا كانوا يشعر بالسعادة، أو المتعة، أو الحزن، أو القلق، أو الغضب، أو التوتر النفسي، أو الألم، في معظم الوقت من اليوم السابق، حيث تم قياس كل من هذه المشاعر على حدة”.

“انطوت مجموعة البيانات أيضًا على كيف يتخذ الأفراد قراراتهم الاقتصادية، مثل الاختيار بين عائد أقل عاجل مقابل عائد أكثر مؤجل (في المستقبل) (قرار زمني، راجع معناه الوارد أعلاه)، أو بين عائد أقل معين مقابل عائد أكثر غير مؤكد (قرار محفوف بالمخاطر).”

وباستخدام الأساليب الإحصائية، نظر الباحثون في ما إذا كانت المشاعر تتنبأ بالقرارات الاقتصادية للمشاركين في الاستطلاع، مع التحكم في عوامل مختلفة، بما فيها الخصائص السكانية (7) والاختلافات اللغوية وموقع الدولة الجغرافي. وذلك لمعرفة ما إذا كانت العلاقة بين المشاعر واتخاذ القرارات الاقتصادية علاقة كونية في واقعها، قارن الباحثون الأنماط التي لاحظوها في مختلف تلك الدول.

“أعتقد أن أبرز النتائج التي توصلنا إليها في بحثنا هو أن هناك اختلافًا جوهريًا ومنهجيًا بين الدول فيما إذا كانت المشاعر قادرة على التنبؤ باتخاذ القرارات الاقتصادية، ” حسبما قال بيرتل. “على سبيل المثال، فقط طُرح أن كون الشخص يعيش مزاجًا إيجابيًا فهذا من شأنه أن يؤدي إلى قدر كبير من الصبر (أي أن كل واحد من هؤلاء الناس يصبح أكثر استعدادًا لانتظار العائد المؤجل).

“بيد أن تحليلاتنا تفيد بأن هذه العلاقة بعيدة كل البعد عن كونها علاقة كونية. لقد وجدنا أنه بالرغم من أن المزاج الإيجابي مقترن بمستوي صبر مرتفع في 53 دولة، إلا أنه، من ناحية أخرى، اقترن أيضًا بمزيد من قلة الصبر في الـ 21 دولة الباقية.”

ومن المثير للاهتمام أن بيرتل وزملاءه وجدوا أيضًا أن الاختلافات بين الدول في العلاقات بين المشاعر واتخاذ قرارات اقتصادية يمكن تقسيرها. وعلى وجه التحديد، وجدوا أن المشاعر كانت مؤشرا قويًا على القرارات الاقتصادية في الدول الأكثر تقدما من الناحية الاقتصادية (بحسب مؤشر التنمية البشرية) وفي الدول الأكثر فردانية (8) (حسب مؤشر هوفستيد للفردانية (9)).

وأضاف بيرتل: “تؤكد النتائج التي توصلنا إليها الحاجة إلى عينات أكثر تنوعا عند دراسة المسائل الجوهرية المتعلقة بعملية اتخاذ القرارات”. “بالرغم من أنني أقوم حاليًا باستكشاف المسائل المتعلقة بمجال دراسة مختلفة، لا يزال الباحثون المشاركون معي في الدراسة يعملون على عدة مشاريع متعلقة بمدى تأثير المشاعر في عملية اتخاذ القرارات.”

مصادر من داخل وخارج النص

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/العواطف_في_صنع_القرارات

2- https://www.nature.com/articles/s41562-024-01927-3

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/غالوب_لاستطلاعات_الرأي

4- https://www.frontiersin.org/journals/psychology/articles/10.3389/fpsyg.2020.536376/full

5- https://en.wikipedia.org/wiki/Intertemporal_choice

6- https://ar.wikipedia.org/wiki/تحليل_تلوي

7- https://ar.wikipedia.org/wiki/علم_السكان

8- https://ar.wikipedia.org/wiki/ثقافة_فردية

9- https://ar.wikipedia.org/wiki/نظرية_الأبعاد_الثقافية_عند_هوفستيد

المصدر الرئيس

https://phys.org/news/2024-09-relationship-emotions-economic-decision-differ.html

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى