اليوم العالمي للدسلكسيا يشهد إطلاق أول مبادرة للتعايش مع المرض وتمكين الأفراد ذوي إعاقات التعلم
بشائر: الدمام
شهد اليوم العالمي للدسلكسيا الذي يصادف الـ 8 من أكتوبر كل عام؛ إطلاق أول مبادرة للتعايش مع مرض الدسلكسيا وتمكين الأفراد ذوي إعاقات التعلم؛ والتي تشمل تنظيم حملات توعوية وورش عمل وندوات؛ مما يسهم في إحداث تغيير إيجابي ومستدام في حياة الأفراد الذين يعانون من إعاقات التعلم؛ عبر تقديم الأدوات والخبرات التعليمية والنفسية والاجتماعية لهم ولأسرهم. وتركز المبادرة على تعزيز الفهم والتقبل لمريض الدسلكسيا “إعاقات التعلم” في المجتمع، وتوفير البرامج التعليمية والتمكين للأفراد الذين يعانون من هذه الإعاقة لمساعدتهم في تحقيق طموحاتهم وتحقيق مستقبل موفق لهم؛ باكتشاف إمكاناتهم ومهاراتهم وإبداعاتهم والسعي لتوظيفها في الخروج بنتائج ملموسة وواقع مستدام؛ إضافة إلى أن العمل الاستباقي جارٍ لجمع الموارد والمعلومات اللازمة للأسر والمعلمين والأطباء والباحثين لمساعدتهم في فهم وتمكين الأفراد ذوي إعاقات التعلم بشكل أفضل، وتشجيعهم على المشاركة الفعالة في المجتمع وتطوير مهاراتهم ومواهبهم. وأوضح المشرف على مبادرة “الدسلكسيا” محمد باحارث؛ أن هذه المبادرة تعمل لبناء بيئة شاملة ومتفاهمة، وتعزيز الوعي المجتمعي حول إعاقات التعلم؛ مشيرًا إلى أن 70% من أهم الاختراعات في التاريخ كانت نتاج مصابين بالدسلكسيا؛ حيث يظهر في هذا الصدد المخترع اينشتاين، وبيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت، وستيف جوبز الذي أمتعنا بالآيفون والآيباد الذي يحمله أكثر من مليار شخص، والعالم نيكولا تيسلا؛ الذي تستخدم نظرياته في الراديو والإشارات اللاسلكية، واختراعاته مثل المصباح والمولد الكهربائي، التي يستخدمها المليارات من البشر، والعالم آلبرت آينشتاين مخترع القنبلة النووية وصاحب النظرية النسبية؛ ممن هم أمثلة بارزة على العقلية المبدعة لمصابي هذا المرض. وأضاف أن مرضى “الدسلكسيا” يواجهون تحديات كبيرة؛ لأنها تتعلق بإعاقة التعلم؛ فهي تؤثر على القدرة على القراءة والكتابة والتعلم بفعالية؛ ويعود السبب وراءها إلى خلل في الخلايا الممغنطة “Magnocells” المسؤولة عن نقل المعلومات بين العين والدماغ؛ والتي تكون أقل تنظيمًا وأصغر حجمًا عند المصابين مقارنةً بالأشخاص العاديين؛ مما يؤدي إلى انتقال وتردد خاطِئَيْن للمعلومة المقروءة، وينتج عنه رسالة مشوشة تصل إلى الدماغ وتصبح صعبة التحليل.
وبين باحارث أن دراسة “الدسلكسيا” تنسب إلى علم الأعصاب؛ حيث تم اكتشاف الجين المسؤول عن هذه الإعاقة؛ من قبل العالمين “لوبيك” والعالم “ماربورج” من الجمعية الوطنية لأبحاث الجينات في جامعة بون الألمانية، وأكدا أن الجين المُسبب لهذا الخلل يسمى “DCDC2” باستخدام تقنية الرنين المغناطيسي “Magnetic Resonance” أظهرت الأبحاث خللًا في النشاط الدماغي لدى المصابين بـ “الدسلكسيا”؛ وخاصةً في أجزاء الدماغ الأيسر المسؤولة عن تحليل اللغة والإشارات العصبية البصرية.
وأضاف أن الأشخاص المصابين بـ “الدسلكسيا” يمتلكون معدل ذكاء طبيعي وفوق الطبيعي وعادةً ما تكون لديهم قدرات بصرية طبيعية؛ مفيدًا أنه يمكن أن ينجح العديد من الأطفال المصابين بالمرض في المدرسة من خلال حضور دروس إضافية أو برامج تعليم متخصصة؛ حيث يلعب الدعم العاطفي دورًا هامًا في العلاج، إلى جانب أن التقييم والتدخل المبكر يؤديان إلى أفضل النتائج؛ وفي بعض الأحيان؛ لا يتم تشخيص “الدسلكسيا” ، ولا يتم التعرف عليها حتى سن البلوغ، كما أن الأطفال الذين يعانون من خلل القراءة يكونون أكثر عرضة للإصابة باضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط “ADHD” والعكس صحيح، ويمكن أن يزيد اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط من صعوبة مواصلة الانتباه ويسبب فرط الحركة والسلوك المتهور؛ مما يجعل علاج خلل القراءة أكثر تحديًا.
وقال: يمكن أن يتم تشخيص “الدسلكسيا” عبر طبيب المخ والأعصاب أو طبيب النفسية كخطوة أولى، والخطوة الثانية يكون التقرير الطبي من الجهات المعتمدة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية عبر الضغط على خدمة تقييم إعاقة، وفي الخطوة الثالثة يتم الحصول على مشهد إعاقة، ويحصل بعد خدمات تقييم الإعاقة للمصاب على وثيقة حكومية تعطيه كافة حقوقه النظامية.
وأوضح مختصو المخ والأعصاب أن أعراض مرض “الدسلكسيا” كحالة تؤثر على قدرة الفرد على القراءة والكتابة وتعلم اللغة؛ تتمثل في رقص الحروف أو اختفائها وهو العرض الأكثر شهرة؛ حيث تظهر الحروف وكأنها ترقص أو تختفي أو تظهر بشكل ناقص، مما يجعل من الصعب فهم النص المكتوب بسبب اختلال كهربائي بين فصين المخ، واختلال التوازن الجسدي يجد المصاب صعوبة في تحقيق التوازن الجسدي التام، وقد يستطيع المشي، ولكن يواجه صعوبة في ممارسة الألعاب الرياضية المتخصصة مثل كرة القدم إلا بعد تدريبات شاقة. كما يشعر المصاب باضطراب الإحساس بالزمان والصعوبة في تقدير الوقت بدقة، فلا يعرف الفرق بين 5 دقائق أو 15 دقيقة؛ ولكن يمكن تحسين ذلك مع التمارين الذهنية، واختلال معرفة المكان يعاني المصاب من صعوبة في معرفة الاتجاهات بشكل طبيعي، وقد يصعب عليه إيجاد منزله دون عوامل مساعدة كتطبيقات الخرائط في الأجهزة المحمولة، والصعوبات في الحساب والأرقام حيث يواجه المصاب صعوبة بالغة في الحساب والأرقام بسبب اعتماد الفص الأيمن من المخ على الإبداع وضعف نقل المعلومات إلى الفص الأيسر المسؤول عن المنطق والحساب. وتضاف إلى أعراض “الدسلكسيا” تشتت وصعوبة التركيز يعاني المصاب من التشتت بسبب سرعة عرض الأفكار في الفص الأيمن؛ مما يجعل من الصعب عليه تذكر أول فكرة طرأت على ذهنه، الصعوبة في التعبير يجد المصاب صعوبة في الوصول إلى الكلمات المناسبة -رغم معرفته بها- بسبب وجودها في الفص الأيسر من المخ، والمنطق المغاير يعاني المصاب من صعوبة في استخدام الفص الأيسر بشكل كامل؛ مما يجعل له منطق ومفاهيم مختلفة عن الأشخاص العاديين، ويتميز بحلول إبداعية وغير تقليدية. ويعاني المصاب بالتلعثم في الكلمات والألفاظ المعقدة يواجه المصاب صعوبة في نطق الكلمات المعقدة بشكل صحيح؛ بسبب عدم وصول الكلمة من الفص الأيسر إلى اللسان بالشكل السليم، واستخدام الكنية أو عبارات أخرى لتسمية الأشياء فتسهل على المصاب تذكر الأشياء باستخدام كنى أو عبارات أخرى بدلًا عن تسميتها بأسمائها الأساسية، وصعوبة في الكتابة والهجاء يجد المصاب صعوبة في كتابة الكلمات بشكل صحيح، حيث يراها كصور بدلًا من نصوص مكتوبة، مما يؤدي إلى أخطاء في الكتابة، إلى جانب أن المصاب بـ “الدسلكسيا” يواجه سرحانًا في الخيال يتميز المصاب بخيال وإبداع مرتفعين مما يؤدي أحيانًا إلى السرحان وأحلام اليقظة والابتعاد عن الواقع، وقدرات تحليلية متقدمة ومختلفة يعتمد المصاب على الفص الأيمن، مما يجعله يطور روابط عصبية جديدة ويتميز بقدرات تحليلية متقدمة وغير تقليدية؛ مما يجعله قادرًا على الربط بين المعلومات والبيانات بشكل فريد. يذكر أن الدكتور أدولف كوسمان من ألمانيا؛ سجل في عام 1872م أول حالة للدسلكسيا، أطلق عليها “اختفاء الكلمات”؛ والتي تم خلالها حصرها بأنها مشكلة أو تشوهات أو نقص في الفص الأيسر من المخ، مما يعد البداية العلمية لفهم الدسلكسيا كظاهرة طبية.