المهندس حسين العلي يتناول عدة أنماط حياتية من تراثنا الديني في بناء الأسرة على طاولة منتدى الزهراء
الدمام: زينب المطاوعة
أقام مجلس الزهراء الثقافي ضمن سلسلة جلساته المجتمعية الثالثة عشر؛ محاضرة بعنوان أنماط حياتية من تراثنا الديني نحو بناء أسرة أفضل”، قدمها المهندس حسين العلي.
وجاءت المحاضرة في عدة محاور أهمها: ما المقصود بالأنماط الحياتية الأسرية، وما هي العوامل المؤثرة في تلك الأنماط، وأخطر التحديات الأسرية، وما هي أسباب الخلافات الأسرية، توضيح أهمية التراث الديني، وبعض الأنماط التربوية الحياتية الفاعلة.
وأشار حسين العلي إلى أن مشكلتنا الحقيقية ليست في الفكر أو الثقافة، وإنما في السلوكيات التي نمارسها يوميًا حيث إن السلوك هو انعكاس للأنماط الحياتية التي نتبناها، سواء كانت صحية أو غير صحية، وذكر بعض الأمثلة الحياتية المحسوسة في ذلك وأثرها على حياتنا اليومية.
ثم عرّف النمط على إنه السلوك الذي يمارسه الفرد أو المجتمع بإستمرار سواء كان صحيًا، اجتماعيًا، اقتصاديًا أو روحيًا ذاكراً بعض الأمثلة على كل نمط من هذه الأنماط.
وطرح بعد ذلك أهم التحديات التي تؤثر على الأنماط الحياتية منها: المجتمع والبيئة فكلما كانت البيئة المنفتحة تُشكل نمطًا مختلفًا عن البيئة المغلقة، التكنولوجيا والعالم الافتراضي حيث إن الأجهزة الذكية أصبحت جزءًا لا يتجزأ من حياتنا والجوال يُسيطر حتى على أوقاتنا في الرياضة، العمل، وحتى في الاستراحات، كذلك العلاقات الاجتماعية ونوعية الأصدقاء تؤثر على السلوكيات ايجاباً وسلباً، المال وفقدان التخطيط الأمثل له.
وذكر إن الإسلام يشجعنا على تبني أنماط حياتية تحقق السعادة في الدنيا والآخرة كما جاء في قوله تعالى “يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم”، وقوله ايضاً “من عمل صالحًا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة” فالسلوك الإسلامي ليس مجرد عبادات بل هو أسلوب حياة يشمل السلوكيات الصحية، التعاملات الاقتصادية (القناعة والاعتدال) والسلوكيات الاجتماعية (صلة الرحم، الإحسان).
ثم أشار إلى أخطر التحديات الحياتية الداخلية والتي تنبع من داخل البيت نفسه، وقد تكون تحت السيطرة إذا استطاعنا التعامل معها بوعي ومن هذه التحديات الخلافات الزوجية كإختلاف الطباع الأولويات وبعض القضايا المادية الأسرية في إدارة المصروف، وتغير الأدوار بين الزوجين، وفقدان المهارات الحياتية بالاعتماد على العشوائية في الحياة بدلاً من التخطيط والمشاورة، وغياب القدوة الحسنة فبيت الزهراء (ع) والإمام علي (ع) مثال يُحتذى به حيث قام الرسول (ص) بتقسيم الأدوار بين الزهراء والإمام علي ع وهذا يعكس أهمية التفاهم والتعاون في الحياة الزوجية.
كما تطرق العلي للتحديات الخارجية للأسرة والتي تأتي من خارج الأسرة وغالبًا ما تكون أصعب لأنها خارجة عن السيطرة المباشرة ومنها ضياع الهوية الإسلامية والخجل من التمسك بالتقاليد الإسلامية بحجة أنها قديمة ولا تواكب العصر الحالي، الإعلام الموجه والحرب الناعمة وذلك بالانشغال بقضايا هامشية وغير ذات أهمية، والتغيرات الحضارية السريعة لبعض الأمور التي كانت مرفوضة أصبحت مقبولة والترويج لها.
ونوه إلى أن التحديات الأسرية اليوم ليست سهلة لكنها ليست مستحيلة أيضًا فهي بالوعي والتفاهم والتوجيه الصحيح يمكننا التغلب عليها، فالأسرة هي اللبنة الأولى للمجتمع وإذا صلحت الأسرة صلح المجتمع كله.
كما نوه على أن أكثر وأقوى التحديات التي تواجه الأسرة اليوم هي التوازن: بين الصحة والترفيه، وبين التعليم والتربية، وبين الدنيا والدين، وبين القناعة والرفاهية، وبين الإنجاز والتعلق بالتكنولوجيا، وبين متطلبات العمل والأسرة.
وتطرق بعد ذلك لأهم أسباب الخلافات الأسرية منها عدم الإلتزام بالأحكام الشرعية، المثالية الزائفة، تدخل الأطراف الخارجية، رتابة الحياة الأسرية، فقدان المهارات الحياتية، التفسير الخاطئ والافتقار للمرونة، اختلاف الطباع بين الزوجين، عدم فهم شخصية الطرف الآخر، تأثير العالم الافتراضي.
ثم تناول مفهوم التراث والذي يشمل القرآن الكريم روايات وأحاديث أهل البيت عليهم السلام ودورهما في حياتنا، حيث إن التراث الديني ليس مجرد قصص وتاريخ، بل هو نظام حياة شامل يمكن أن يكون ضامناً للحياة السعيدة إذا تم تطبيقه.
وذكر من خلال التراث الإسلامي بعض الأنماط الحياتية التربوية منها التجمعات الأسرية والتي تخلق المودة والترابط بين أفراد الأسرة، التزاور والترابط الاجتماعي والذي يعزز الأخوة والتكافل، المبادرة وقضاء حوائج الناس فهي نعمة لا تُمنح للجميع، حسن المعاملة بين الزوجين، الاقتصاد في المعيشة حيث أن التوازن المالي يضمن الاستقرار الأسري، العشرة الطيبة والصحبة الحسنة، وبعد نهاية المحاضرة تم طرح بعض الأسئلة من الحضور.
وفي الختام قام مجلس الزهراء الثقافي بتقديم شهادة ودرع تذكاري للمحاضر المهندس حسين علي العلي وذلك لمشاركته ضم برامج مجلس الزهراء الثقافي وتقديمه محاضرات مجتمعية هادفه ونافعه شاكرين له هذا العطاء وداعين الله له بالتوفيق والنجاح والاستمرار على هذا النهج والسلوك الواعي.