أقلام

هل نبحر نحو الهلاك؟

حسام الزيلعي

أجسادنا هي السفينة التي تحملنا في رحلة الحياة، رفيقة الدرب في كل خطوة، وصاحبة الفضل في قدرتنا على العيش والإبداع. ومع ذلك نرى كثيرًا منا يهتم بتثقيف نفسه وأبنائه في المجالات الدراسية والمالية، متجاهلًا جانبًا رئيسًا: الصحة. فما فائدة الكنوز والمجوهرات إن كانت على متن سفينة تُبحر نحو الغرق؟ وما نفع الأموال والشهادات العلمية إن لم تُسخرها أجساد سليمة للاستفادة والاستمتاع بما لديك؟

ما نمارسه اليوم تجاه أجسادنا لا يتعدى كونه عبثًا واستهتارًا بحياتنا، وتجاهلًا لما هو أثمن ما نملك. نأكل كل شيء، وفي أي وقت، ومن أي مصدر، وكأن عقولنا تتوقف عن العمل أمام مائدة الطعام. طبقٌ يفيض بالدهون والمواد المهدرجة الفتاكة لا يُثير فينا سوى الشهية، رغم إدراكنا التام أنه يفتك بجهازنا الهضمي يومًا بعد يوم، بل نُقدّمه لأبنائنا دون وعي أو مبالاة.

ثم ماذا؟ الرياضة لا تُمارس إلا من باب التسلية، والنوم لا يأتي إلا بعد أن يعجزنا السهر، والسكريات أصبحت إدمانًا ينهك بنكرياسنا، والماء الطبيعي الذي يُفترض أن يروي عطشنا استبدلناه بالمشروبات الغازية. أما النيكوتين والكافيين، فتلك قصة أخرى من قصص الاستهلاك المفرط. التدخين، بأشكاله التقليدية والإلكترونية، بات سلوكًا شائعًا، رغم إدراك الجميع لخطورته القاتلة. ناهيك عن مساوئ مواد ما نزال نجهل خطرها كالبلاستيك، اذ انه يسبب تسمم كيميائي واطلاقه لغازات سامة قد تسبب امراض خطيره كالسرطان وامراض الجهاز التنفسي إلخ.

هذا النهج المحزن والمتبع في التعامل مع أجسادنا ما هو إلا نذير شؤم يُقرع بقوة في جسد البشرية. عواقبه تمتد إلى أمراض مزمنة، وضعف مناعة، وتهديدات تطال الصحة الجسدية والعقلية على حد سواء. كيف يُبدع الإنسان أو ينتج وهو يعاني من هشاشة غذائية وجسد منهك؟

إلى أين سنصل؟

سؤال مطروح بمرارة، لأن استمرارنا في هذا الطريق سيقودنا إلى مستقبل مظلم، أجيال ضعيفة، وأحلام لا تتحقق لأن الجسد الذي يحملها قد انهار. لن يتغير الواقع إلا بوعي وإصلاح عاجل لما نهدره يوميًا من صحة، وقبل فوات الأوان. أخشى وبحرقه ان لا نعيش طويلًا ونحن بصحه جيدة. لنبحر بسفننا نحو بر الأمان، ونسلم أجيالنا القادمة بوصلة تقودهم إلى حياة صحية ومشرقة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى