ذاكرة التفاصيل لا يكتمل بلوغها إلا في سن المراهقة عند الأطفال
المترجم : عدنان أحمد الحاجي
التصوير بالرنين المغناطيسي عالي الدقة يزودنا بأفكار ثاقبة عن تطور الدماغ البشري
بخلاف الافتراضات السابقة، فإن الحُصين، وهو منطقة دماغية تعتبر محور التعلم والذاكرة، لا يكتمل نضوج هذه المنطقة (بلوغها للقيام بوظائفها كاملة) إلا في مرحلة المراهقة. وقد تمكن باحثو معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية، ومركز ماكس بلانك للطب النفسي الحاسوبي وأبحاث الشيخوخة بجامعة كوليدج لندن، وجامعة ستيرلينغ الإسكتلندية، من إثبات ذلك لأول مرة باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي عالي الدقة. وقد نُشرت نتائج الدراسة في المجلة العلمية الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة الأمريكية (PNAS) (1)
لو سألت أطفالًا صغار السن عما تناولوه على وجبة العشاء في الليلة الماضية، فمن المرجح أن تكون إجابتهم عامة لا تفصيلية دقيقة. على سبيل المثال، قد يقولون “بيتزا جبن” بدلاً من “بيتزا شيدر”. الأطفال جيدون في تصنيف الأشياء والأحداث والمفاهيم المجردة، لكنهم ليسوا جيدين في تذكر التفاصيل بدقة. وعلى الرغم من هذه الملاحظات، افترض معظم الباحثين أن مناطق الدماغ المسؤولة عن حفظ واسترجاع التفاصيل تصبح ناضجة تمامًا (بالغة تقوم تمام بوظائفها) ببلوغهم سن السادسة. وتُبين هذه الدراسة أن عملية بلوغ هذه المنطقة وقدرتها على القيام بوظائفها بشكل تام تستمر حتى سن 14 عامًا تقريبًا.
وللوصول إلى هذا الاستنتاج، استخدم باحثو معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية ومركز ماكس بلانك للطب النفسي الحاسوبي وأبحاث الشيخوخة بجامعة كوليدج لندن وجامعة ستيرلنغ تقنيات قياس وتحليل عالية الدقة جديدة في التصوير بالرنين المغناطيسي. تلعب منطقة الحُصين داخل الدماغ، دورًا مركزيًا في حفظ واسترجاع التفاصيل، فضلاً عن أداء الذاكرة العامة.
باستخدام التصوير عالي الدقة، تمكن الباحثون من الحصول على معلومات عن أحجام مناطق الحصين الفرعية المختلفة. وشملت الدراسة 70 طفلاً ومراهقًا يتراوحون بين 6 و14 عامًا بالإضافة إلى 33 شابًا يتراوح بين 18 و26 عامًا. يقول أتيلا كيريزتس Attila Keresztes، المؤلف الأول والباحث في مركز علم النفس التنموي في معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية: “عند النظر إلى الصور، أدركنا بسرعة أن الاختلافات المتعلقة بالسن في مناطق الحصين الفرعية ليس لها نمط قياسي وأن الكثير من التغيرات لا تزال تحدث حتى بعد سن السادسة”.
مهمة خاصة كّلفت بتقييم ما إذا كان المشاركون يتذكرون تفاصيل الأشياء أو خصائصها العامة. على سبيل المثال، عرضت صور لهاتف أو كتاب على المشاركين في التجربة. وفي وقت لاحق من المهمة، عرضت هذه الصور مع تغييرات طفيفة وخُلطت بين صور جديدة. ثم طُلب من المشاركين الإشارة إلى ما إذا كانوا قد رأوا هذه الأشياء في السابق، وإذا رأوها، ما إذا كان قد تغيرت عليهم مقارنة بالمرة الأولى.
كما تناول الباحثون كيف يرتبط تطور مناطق الحصين الفرعية بالسن. وعلى وجه الخصوص، وُجدت في منطقتي حصين فرعيتين اختلافات لها علاقة بالسن قُرنت باختلافات في ذاكرة التفاصيل: التلفيف المسنن (2)، الذي تتمثل وظيفته، من بين أمور أخرى، في الفصل بين السمات أو الخصائص بحيث يمكن تذكرها بشكل منفصل، والقشرة الشمية الداخلية (3)، التي لارتباطاتها القشرية دور في تشكُّل الذاكرة واستقرارها واسترجاعها.
“الفكرة القائلة بأن هاتين المنطقتين الفرعيتين والحُصين ككل لا يكتمل نضوجها (بلوغها) إلا في مرحلة المراهقة غيرت وجهة نظرنا بشأن تطور التعلم والذاكرة. نحن نتساءل الآن كيف يؤثر النضج (البلوغ) المتأخر للحُصين على تفاعلاته مع مناطق الدماغ الأخرى. وسوف ندرس هذا بعمق في دراسات أخرى”، كما يقول ماركوس ويركل بيرغنر Markus Werkle-Bergner، رئيس المشروع في مركز علم النفس التنموي في معهد ماكس بلانك للتنمية البشرية، الذي قاد هذه الدراسة بالاشتراك مع يي لي شينغ Yee Lee Shing من جامعة ستيرلينغ.
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://www.pnas.org/doi/full/10.1073/pnas.1710654114
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/تلفيف_مسنن
2- https://ar.wikipedia.org/wiki/قشرة_شمية_داخلية
المصدر الرئيس
https://www.mpg.de/11485854/memory-for-details-matures-gradually