أهمية النوم ليلاً لرفع المعدل التراكمي للطالب الجامعي
المترجم : عدنان أحمد الحاجي
الإنتقال إلى المرحلة الجامعية تعتبر نقلة في حياة الشباب. قد تكون هذه هي المرة الأولى التي يمارس فيها الطالب حريته في تحديد كيف يقضي وقته، ولكن هذه الحرية تمتزج بتزاحم محموم من الاهتمامات تبدأ من الحياة الأكاديمية وحضور المناسبات الاجتماعية ولا تنتهي بالحاجة إلى النوم.
أجرى فريق من الباحثين من مؤسسات بحثية متعددة الدراسة الأولى لتقييم مدى تأثير مدة النوم ليلاً في بداية الفصل الدراسي في متوسط درجات الفصل الدراسي النهائية لطلاب السنة الأولى بالجامعة. وباستخدام أجهزة تتبع النوم فيتبيت (1)، وجدوا أن الطلاب ينامون في المتوسط 6.5 ساعة في الليلة، لكن المخرجات السلبية تتفاقم حين لا ينام الطلاب إلَّا أقل من ست ساعات في الليلة. نتائج الدراسة نشرت في عدد 13 فبراير 2023 من وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (2).
وقد بينت الدراسات السابقة أن فترة النوم الإجمالية تعتبر مؤشرَا مهمًا لطيف واسع من المخرجات الصحية والأداء الأكاديمي. إرشادات النوم توصي بأن ينام المراهقون فترة تتراوح ما بين 8 إلى 10 ساعات كل ليلة. العديد من طلاب الجامعات يعانون من نوم غير منتظم وغير كافٍ.
قاد ديفيد كريسويل David Creswell، أستاذ علم النفس وعلم الأعصاب في كلية ديتريش للعلوم الإنسانية والاجتماعية، جامعة ميلون كارنجي، فريقًا من الباحثين لتقييم العلاقة بين النوم ومعدل الطلاب التراكمي GPA في الجامعة. غالبًا ما يدفع طلاب الجامعات أنفسهم لتحقيق الإنجازات الأكاديمية والحصول على معدل تراكمي مرتفع، وهو ما يعد علامة مهمة على النجاح الأكاديمي.
“لقد بينت الدراسات التي أجريت على الحيوانات مدى أهمية النوم للتعلم وترسيخ الذاكرة،” كما قال كريسويل. “هنا نثبت كيف يمكن أن تنطبق نتائج هذه الدراسة على البشر. النوم القصير في الليل في بداية الفصل الدراسي لطالب السنة الأولى الجامعية يتنبأ بانخفاض المعدل التراكمي في نهاية الفصل الدراسي، والذي يستمر في العادة حوالي خمسة إلى تسعة أسابيع، بحسب نظام فصول الجامعة الدراسية. قلة النوم قد تكون مما يضر بقدرة الطلاب على تعلم المواد الدراسية في الجامعة.
وقد أثبتت نتائج الدراسة السابقة على الحيوانات أن الذكريات التي تتشكل أثناء النهار تترسخ وتتوطد أثناء النوم. حين يصبح النوم الطبيعي نومًا متقطعًا (تتكر حالات الاستيقاظ أثناءه)، يفقد الحيوان ما تعلمه خلال اليوم. وبتوسيع هذا المنطق وتطبيقه على الطلاب، أصبح لدى الباحثين فضول لمعرفة ما إذا يمكن للنوم المتقطع أو غير الكافي أن يضعف من مدى تعلمهم الأكاديمي وما إذا سينعكس ذلك سلبًا على تحصيلهم الأكاديمي.
قيمت الدراسة أكثر من 600 طالب في السنة الأولى في خمس دراسات في ثلاث جامعات. ارتدى الطلاب أجهزة فيلبيت Fitbit على المعصم لمراقبة وتسجيل أنماط نومهم. ووجد الباحثون أن الطلاب في الدراسة ينامون ما معدله 6.5 ساعة في الليلة.
والأمر الأكثر إثارة للدهشة هو أن الباحثين وجدوا أن الطلاب الذين ينامون أقل من ست ساعات في الليلة كان لديهم انخفاض واضح في أداىهم الأكاديمي. بالإضافة إلى ذلك، فإن كل ساعة نوم فقدوها قابلت انخفاضًا نسبته 0.07 في المعدل التراكمي في نهاية الفصل الدراسي.
“بمجرد أن يبدأ الطالب بخفض فترة نومه إلى أقل من ست ساعات، فإنه يبدأ في مراكمة تبعات هائلة متأتية من قلة النوم، والتي يمكن أن تؤدي إلى الإخلال بعادات الطالب الصحية والدراسية، مما يعرض النظام الدراسي بأكمله للخطر”. “الأمر الأكثر إثارة للدهشة بالنسبة لي هو أنه بغض النظر عما فعلناه في محاولتنا للحد أو لاختفاء التأثير السلبي لقلة النوم، إلًا أنه ظل هذا التأثير ثابتًا.”
الدراسة أخذت في الاعتبار وتحكمت في عوامل منها الأداء الأكاديمي السابق، والقيلولة أثناء النهار، وعرق الطلاب، والجنس (ذكر أو إنثى)، وما إذا كان الطالب هو أول واحد في العائلة يدخل الجامعة (بمعنى أن والديه لم يحصلا على دراسة جامعية). بعض الدراسات أخذت في الاعتبار وتحكمت أيضًا في عدد ساعات المواد التي يأخذها الطالب في الفصل الدراسي. لم يؤثر أي من هذه العوامل في التبعات الإجمالية لقلة النوم ليلاً في المعدل التراكمي.
“هناك اعتقاد شائع بين طلاب الجامعات وهو اعطاؤهم أهمية للدراسة (للمذاكرة) أكثر أو لحضور الفعاليات الاحتفالية أكثر من النوم ليلاً،” كما قال كريسويل. “تفيد دراستنا هذه إلى أن هناك تكاليف حقيقية كامنة لخفض الطالب ساعات نومه ليلاً، والتي من شأنها أن تنعكس سلبًا على قدرته على التعلم والإنجاز الأكاديمي في الجامعة. هناك قيمة حقيقية في وضع أولوية لأهمية النوم ليلاً.”
نتائج هذه الدراسة تفيد بأهمية وضع برامج وتدخلات منتظمة في المؤسسات التعليمية تشجع الطلاب الجامعيين على التركيز على أهمية النوم لهم.
مصادر من داخل وخارج النص
1- أجهزة فيتبيت (Fitbit) لتتبع مراحل النوم وهي قابلة للارتداء وتستخدم معدل دقات القلب أثناء النوم والحركة وغيرهما لقياس مدة كل مرحلة من مراحل النوم وتمنح المستخدم نقاط نوم شخصية توضح له فيها مدى جودة نومه.. مقتبس بتصرف من نص ورد على هذا العنوان:
https://ar.wikipedia.org/wiki/فيتبيت
2- https://www.pnas.org/doi/10.1073/pnas.2209123120
المصدر الرئيس
https://www.cmu.edu/dietrich/news/news-stories/2023/february/creswell-sleep.html