أقلام

جمعُ الطوابعِ كانتْ إحدَى هِواياتي

عقيل المسكين

– في المراحل الثلاث الابتدائية ابتداء من 1394هـ حتى 1399هـ،؛ والمتوسطة ابتداء من 1400هـ حتى 1403هـ، والأول الثانوي في 1404هـ، كنت من هواة جمع الطوابع، وأتذكر أنني كنت أجمعها – في أوقات متباعدة – من عمّال والدي في المنجرة أولًا، ثم في المنجرة ومؤسسة المقاولات معًا، ثم في المنجرة وورشة الحداد وورشة الألمنيوم ومؤسسة المقاولات والتي تسمى بأجمعها بالمؤسسة الصناعية، وكذلك في البقالة ثم محل الأدوات الصحية والكهربائية، ثم في المنجرة بمفردها بعد إلغاء كل تلك الأنشطة السابقة، حيث كنت أجمع الطوابع الهندية والباكستانية والتايلندية، وبعض الأحيان الطوابع اليمنية على ما أتذكر، أما من خارج نطاق المنجرة ومؤسسة المقاولات فأتذكر أنني اشتريت من إحدى المحلات بالدمام بعض الطوابع لدول أخرى غير هذه الدول، ولم أكن من هواة تبادل الطوابع بشكل مستمر، ولكنني أتذكر أنني قمت بمبادلة بعض الطوابع مع أحد زملائي من طلاب المرحلة المتوسطة وهو أردني الجنسية، وهو مرافق لأسرته حيث يعمل والده في إحدى مدن أو قُرى المنطقة.

وفي حقيقة الأمر أن جمع الطوابع هواية جميلة وتُسمى بهواية الملوك لكون الكثير من الطوابع القديمة ذات قيمة عالية جدًا، ولا يستطيع اقتناء مثل هذه الطوابع النادرة إلا الملوك والأمراء والأثرياء لغلاء ثمنها وندرتها، وهذه الهواية تُعرّف صاحبها على تاريخ مختلف الدول ولا سيما المناسبات الوطنية أو الأيام التي تفتخر بها هذه الدول أو الشخصيات الوطنية أو الرفيعة في أحد الجوانب العلمية أو السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية وغيرها، وكذلك التعرّف على بعض المنعطفات التاريخية لهذه الدول لذلك تخلد ذكراها في إصدارات من الطوابع، أو تعرّف الآخرين على بعض الحيوانات والطيور التي تشتهر بها تلك الدول، أو تعرّفهم على بعض المعالم السياحية أو الطبيعية من بحار وأنهار وصحارى وجبال وأصقاع ووديان وغيرها من معالم الطبيعة التي تشتهر بها تلك الدول كلٌّ حسب جغرافيتها وحسب موقعها، وكذلك تعرّف ببعض الرياضات التي تشتهر بها؛ أو بعض المصنوعات الشعبية؛ أو الصناعات المتوسطة أو الصناعات المتطورة والثقيلة حسب نوع الدولة ومدى تقدّمها في الأخذ بأسباب التحضر والتقدم التقني، أو تعرّف بعام الاستقلال من استعمار إحدى الدول الكبرى لبعض الدول، وهكذا تتعدد مناسبات هذه الطوابع، وتختلف من دولة إلى أخرى، كلّ ذلك من أجل إثبات وجود هذه الدول ورسم الرمزية التي ترمز إليها في ذاكرة الشعوب، حيث إن هذه الطوابع تذهب إلى كل مكان في هذا العالم من جرّاء المراسلات التي كانت تحدث من قبل الأفراد والمؤسسات والشركات والهيئات والمنظمات والمدارس والمعاهد والكليات والجامعات وكذلك الحكومات بمختلف وزاراتها ودوائرها وهيئاتها ومنظماتها، ومؤسساتها، من هنا اكتسبت الطوابع قيمتها المادية والمعنوية، حتى إن قِدم هذه الطوابع تحدد قيمتها التراثية والتاريخية بغضِّ النظر عن قيمتها الحقيقة وقت صدورها، فكلما كان الطابع قديمًا ونادرًا كلما زاد ثمنه، وهكذا، حتى تكونت منذ عقود طويلة جمعيات خاصة لهواة جمع الطوابع ويتم في هذه الجمعيات إقامة المعارض والمتاحف، إضافة إلى تبادل الطوابع بين الهواة، وإقامة المزادات على الطوابع القديمة والنادرة، وما إلى ذلك من النشاطات المتعلقة بذلك.

وأنا من خلال تجربتي البسيطة وغير المركّزة في جمع الطوابع، وكذلك لأنني كنت أُعطي القراءة والكتابة جلّ اهتمامي لذلك لم أهتم بتطوير هذه الهواية الجميلة، وربما أحتفظ في مكتبتي بألبوم صغير فيه ما تبقى لديَّ من الطوابع التي كنت أجمعها في تلك المراحل الدراسية الثلاث وهذا الألبوم لا يزال موجودًا ضمن مقتنيات مكتبتي، إضافة إلى وجود نثار هنا وهناك في الأدراج أو في بعض العلب الكرتونية أو في ظرفٍ ما بعض الطوابع التي أعثر عليها وتحتاج إلى نقل إلى ذلك الألبوم أو إلى ألبومٍ آخر، وكلما شاهدت هذه الطوابع المتناثرة ضمن حاجياتي أتذكر هذه الهواية التي لم أنمّيها – للأسف الشديد- ولم أعطها حقها كما ينبغي تماماً كهواية الرسم التي لم أحظ بفرصة سانحة لتطويرها في ذاتي حتى أشبُّ عليها وأحترفها.

– ما شاء الله أيها (المسك)..لقد كفّيت ووفّت، وأنا سأزيدك من الشعر بيتًا كما يقولون، حيث إن هواية جمع الطوابع للكتّاب والأدباء والمفكرين هواية جانبية وهي من ضمن هوايات أخرى قد يمارسونها أيضًا على اختلاف أمزجتهم وطريقتهم في تمضية أوقاتهم، وبالنسبة للطوابع فإن من يهوى هذه الهواية منهم يُزيِّنُون مكتباتهم الخاصة ببعض ما يجمعونه من الألبومات الخاصة بتثبيت وجمع الطوابع القديمة والجديدة رغم كثرة القراءة والاطلاع والدراسة في مختلف العلوم والثقافات والمعارف والآداب التي يمارسونها كلٌّ حسب تخصصه، إضافة إلى انشغالهم بكثرة الكتابة والنشر، وهواية جمع الطوابع بالنسبة لهم تحمل عدة جوانب من الأهمية ومن ذلك الهروب من الرتابة الذهنية حيث يمكن لجمع الطوابع أن يكون نشاطًا مريحًا ومهدئًا يتيح لهؤلاء الأفراد الهروب من الضغوط اليومية المرتبطة بالكتابة والبحث، إضافة إلى التغذية البصرية والثقافية فـالطوابع تأتي من مختلف أنحاء العالم وتمثل جزءًا من تاريخ وثقافة البلد الذي صدرت منه، ودول كثيرة جداً وفي كل القارات، ويمكن لهذه الطوابع أن توفر مصدر إلهام للأفكار الجديدة وتعزز معرفة هؤلاء الأفراد بجوانب ثقافية وتاريخية جديدة، كما إن هذه الهواية تساهم في تنمية الاهتمامات الشخصية لأنها تعكس رغبة الأديب أو الشاعر أو المفكر في استكشاف أبعاد جديدة من المعرفة والتعلّم، مما يُعزّز شغفه المستمر بالمعرفة، ومن فوائد هذه الهواية تقدير الفنون الجميلة لأن تصميم الطوابع غالبًا ما يتضمن عناصر فنية عالية الجودة وقد يجد هؤلاء الأفراد في هذه الفنون مصدرًا للإلهام وتقديرًا للجمال الفني، ومن الفوائد النفسية لهذه الهواية بالنسبة لهم هو تعزيز الصبر والدقة؛ فجمع الطوابع يتطلب الكثير من الجهد والصبر والانتباه إلى التفاصيل، مما يساعد على تعزيز هذه المهارات التي قد تكون مفيدة في أعمالهم الأدبية والفكرية، ومن الفوائد النفسية أيضًا الاستمتاع بعملية البحث والاكتشاف، لأن عملية جمع الطوابع تتضمن البحث والتنقيب عن طوابع نادرة أو مميزة، مما يمكن أن يكون ماتعًا ومثيرًا ويغذي روح الاكتشاف التي يمتلكها هؤلاء الأفراد، وبالتالي فإن هواية جمع الطوابع يمكن أن تكون مكملًا رائعًا لأنشطة الكتّاب والأدباء والشعراء والمفكرين، إذ تتيح لهم فرصة للاسترخاء والاستمتاع بشيء مميز، وفي الوقت نفسه تعزز من مهاراتهم ومعرفتهم، وأنت أيها (المسك) لم تحز على كل هذه الفوائد لأنك لم تحترف هذه الهواية أو لم تهتم أكثر بها وتنميها في شخصيتك.

– هذا أنا على أيّ حال، وهي مجرد محاولة، ولي الشرف أن بدأتُ ولكنني لم أكمل، ويمكنك أن تقول بكل بساطة: لقد فشلت أن تكون جامع طوابع محترف، أو لم يعلّمك أحد المحترفين هذه الهواية بالشكل الصحيح حتى لتمارسها بطريقة أكثر احترافية وليست مجرد هواية عابرة من الهوايات الاعتيادية.

21/12/1445هـ

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. وهواية جمع الطوابع بالنسبة لهم تحمل عدة جوانب من الأهمية ومن ذلك الهروب من الرتابة الذهنية حيث يمكن لجمع الطوابع أن يكون نشاطًا مريحًا ومهدئًا يتيح لهؤلاء الأفراد الهروب من الضغوط اليومية المرتبطة بالكتابة والبحث، إضافة إلى التغذية البصرية والثقافية فـالطوابع تأتي من مختلف أنحاء العالم وتمثل جزءًا من تاريخ وثقافة البلد الذي صدرت منه، 

    ونحن معك ونشد علي يديك ولدي جموعة من الطوابع التي كنا نرسل ونستقبل الرسائل من أنحاء العلم عن طريق البريد وكنا عضو في النادي العالمي للصداقة ومجلة الصداقة الدولية تصدر في مصر

    حفظك الله على التذكير بهذا التاريخ الجميل منك
    ومنك نستفيد ونتعلم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى