كم عيسى في مساجدنا؟
طالب المطاوعة
عندما أدخل المسجد وأجول بعيني حول أعمدته وزواياه ولا أجد ذلك الكرسي الذي يجلس عليه الرجل الوقور والمبتسم دائماً، الذي اعتدت واعتاد المصلون على مشاهدته، نشاهد الأولاد يتجمعون ويتحولقون حوله. عندها أشعر بالفراغ والتمني في آن.
نعم إنه ذلك الرجل الخيّر، المؤمن، الطيب، المبتسم، والمرحب بالصغار قبل الكبار، فما أن يذهب للصلاة أحد أبناء الحي، إلا ويجد حجي عيسى السكيري أبو عبدالله فاتحاً له ذراعيه ومرحباً بالضيف الجديد، المنضم للمصلين بالمسجد.
ويتكرر ذلك المشهد الجميل والودود مع كل فريضة، حتى تجد حب الشبيبة والصبية للصلاة بالمسجد، والمسجد متجذر في نفوسهم وفي أعماقهم.
وكأنهم يحبون الذهاب للمسجد ليرحب بهم حجي عيسى ويسألهم عن أحوالهم واخبارهم ودراستهم.
بكل مرة أفتقد فيه الراحل، والأنموذج الكبير الحاج عيسى السكيري، ينتابني شعور بحاجتنا لمثل هذه القامة النقية والصافية والسامية في عموم مساجدنا ومجالسنا.
فلطالما وجدت أبني عمّار أحب الذهاب للمسجد بما أحبه من روح نقية في هذه الشخصية الجميلة.
والحال يمتد وينعكس على كل الأبناء والآباء. فما إن يتغيب الأبن عن الذهاب للمسجد إلا ويسأل حجي عيسى والده عنه، وما إن يتغيب الأب عن الذهاب للصلاة إلا ويسأل الأبن عنه ويحمّله سلام إليه.
شاءت الأقدار أن أوفق ذات مرة بالسفر مع هذا الرجل الرائع وصديق آخر لثلاثة أيام، عشت فيها أجمل الأسفار والرحلات، وأتذكر فيها كلماته ومواقفه الظريفة والطريفة والخفيفة والعفيفة بتفاصيلها كل حين.
تخيلوا معي هذا المشهد في كل مساجدنا ومجالسنا ومدارسنا ونوادينا ومجمعاتنا ومتنزهاتنا وأريافنا وغيرها. كم سيعزز ذلك حب أبنائنا لكل تلك الأمكنة المهمة والضرورية بحياتنا وحياتهم.
أيها الأحبة أيها السادة. إنّ مفهوم العلاقات الإنسانية أعمق وأكبر بكثير مما نعرفه ونعيشه في تواصلنا وعلاقتنا الحالية، علينا أن نعمّق ونعمم تلك المفاهيم والعلاقات إلى كل مجالسنا ونوادينا، ونعيشها بأرواحنا قبل أجسادنا، نعيشها حقيقة لا تمثيل.
فالعلاقات بكل جوانبها ومفاصلها غاية في الأهمية لتكوين بنية مجتمعية متماسكة ومتعاضدة ومتكفالة مع بعضها البعض الآخر.
عشت مثل تلك التجربة وجماليتها وانعكاساتها الكبيرة، عندما قدرت ذلك، وأخذت أجلس كل صباح عند باب المدرسة الخارجي واستقبل فيه الطلاب والمعلمين والإداريين. أسلّم على هذا وابتسم في وجه ذاك، وأرحب بالجميع، لكم وكم أنبنت بيني وبين أولئك علاقة راقية وحلوة وجميلة.
نعم سمعت كلمات كبيرة وكثيرة من كثير من الآباء والزملاء، يشكرونني فيها كثيراً على الترحيب بهم وبالطلاب واحتضاننهم ونشر الابتسامة والكلمة الطيبة المحفزة والمشجعة للجميع.
هذا الموقف الصغير في حجمه الكبير في وقعه، جعل من زيارتي للمدرسة مشهد بل مشاهد لم تشهد ولا تنسى، وأنا استقبل بكل حفاوة وترحيب، من الإدارة والزملاء والطلاب، الكل يستقبلك بالفرح والتحايا والأحضان. يخرج الزملاء من مكاتبهم، والطلاب من فصولهم يتراكضون كزخات المطر، كل يريد أن ينال السلام عليك.
نعم إنه حضن وسلام وترحيب حجي عيسى بالمسجد، الذي طالما عاينته وعشته وتمثلته مع الأولاد بالمدرسة. وسيبقى محفوراً بالذاكرة، وكأنه يوم من أيام الله الجميلة في حياتنا.
الفاتحة لروح الحاج عيسى السكيري
فالعلاقات بكل جوانبها ومفاصلها غاية في الأهمية لتكوين بنية مجتمعية متماسكة ومتعاضدة ومتكفالة مع بعضها البعض الآخر.
قد يكون وراء الصمت ….
غيرة ؛ وقد يكون حيرة ….
قد يكون وراء الصمت ….
حنين ؛ وقد يكون انين ..
قد يكون وراء الصمت …..
ندم ؛ وقد يكون ألم …
للصمت حكايات … لا تروى ولا يشعر بها ؛ الا من
من يدرك لغة …الصمت ،.
جميل منك نستفيد ونتعلم