أقلام

يا يوم لغتي .. أينك أم أيني عنك

أحمد الزيلعي

قبل أيام كان يوم اللغة العربية العالمي الذي قُرِّرَ بأن يكون يوم 18 ديسمبر من كل عام “لأنه اليوم الذي أصدرت فيه الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 3190 في كانون الأول (ديسمبر) عام 1973، والذي يقرُّ إدخالَ اللغة العربية ضمن اللغات الرسمية ولغات العمل في الأمم المتحدة. بعد اقتراح قدمته المملكة المغربية والمملكة العربية السعودية عند انعقاد الدورة 190 للمجلس التنفيذي لمنظمة اليونسكو” (1)

لست أدري هل مر هذا اليوم على سواي مثل ما مر باهتًا لا طعم فيه ولا لون، على كل حال لعل بعدنا عن محافل اللغة العربية في كثير من جناته اليانعة وأشجارها الباسقة جعل ما يتعلق بها غائبًا، ولعل لأمور أخرى ربما منها قوة تغلغل اللغة الإنجليزية في كثير من الجوانب خصوصًا العملية التي يقضي بعضنا فيها أكثر مما يقضيه مع أسرته.

من نافل القول الحديث عن هذه الفاتنة الممتدة جذورها في كل الكون فلا يفلت من تراكيبها وألفاظه لا قوة فعل ولا سمو اسم ولا رشاقة وصف ولا تميز حال .. كيف لا وهي لغة القرآن الكريم ولغة خير خلق الله أجمعين محمد صلى الله عليه وآله والتي كشف عن جواهرها الإعجازية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام بأروع ما يكون.

نحن ضعفاء في التلذذ بالنظر والتذوق “إلى وبـ” حدائقها وثمارها وأشجارها الباسقات .. سواء من ناحية دينية في القرآن الكريم

والروايات النبوية التي عرفت بجوامع الكلم، وكذلك بالبلاغة في النهج لأمير البلاغة وعرابها الأوحد

وكذلك روايات الأئمة التي حوت العلم والحكمة.

وكذلك في الجوانب الأخرى من الفنون:

الشعر

والقصة

والخطبة

المقالات .. وغيرها

نعم هذا شغف لا يُوجده أحد إن لم نُرد إيجاده في أنفسنا وكما قيل “إن لم تكن حليمًا فتحلم” فإن لم تكن محبًا لها احتك مع محبيها والمتلذذون حتى بسعفها وأوراقها والتربة التي تنمو عليها أعشابها وأشجارها وتجري فيها مياهها لتعرف طرقها ومداخلها ومخارجها لعلك ترى بها ما لا عينٌ رأت ممن لا يستخدمونها.

فهل هذا ترف ثقافي أم لا حاجة إليه؟ أظننا نحتاج إلى التأمل لإجابة عنه.

عمومًا .. هذه الدرة النفيسة التي لا توجد لغة في العالم أجمع تفوقها _وقيل أنها لغة أهل الجنة_ أصبحت تتفلت من بين أيدينا وربما بعض ذلك متعمد كما نراه في الإعلانات وبعض المقاطع التي تخاطبنا بلغة خاطئة وبائسة ذبحة قواعد اللغة من الوريد إلى الوريد. وكذلك في مفرداتنا مثلا لا نقول مجموعة كذا على برنامج كذا بل نقول “قروب” وهي مفردة انجليزية كما نعلم “Group”. قد نراها نقطة تافهة إلا أن المفردات العربية هكذا تتلاشى للحد الذي نعرف المفردة المعربة وننسى المفردة العربية الأصيلة.

لست أدري سيصدق قول حافظ بن إبراهيم أم لا:

رَجَعتُ لِنَفسي فَاِتَّهَمتُ حَصاتي

وَنادَيتُ قَومي فَاِحتَسَبتُ حَياتي

رَمَوني بِعُقمٍ في الشَبابِ وَلَيتَني

عَقِمتُ فَلَم أَجزَع لِقَولِ عُداتي

وَلَدتُ وَلَمّا لَم أَجِد لِعَرائِسي

رِجالاً وَأَكفاءً وَأَدتُ بَناتي

وَسِعتُ كِتابَ اللَهِ لَفظاً وَغايَةً

وَما ضِقتُ عَن آيٍ بِهِ وَعِظاتِ

فَكَيفَ أَضيقُ اليَومَ عَن وَصفِ آلَةٍ

وَتَنسيقِ أَسماءٍ لِمُختَرَعاتِ

أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ

فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي

فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني

وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي

فَلا تَكِلوني لِلزَمانِ فَإِنَّني

أَخافُ عَلَيكُم أَن تَحينَ وَفاتي

همسة

إن كنت تحب الشعر فتشاعر بكتابته لتبقى على تماس مع اللغة وكذا في المقالات والقصة وجميع الفنون الأخرى أو ما سوى ذلك من بحوث علمية أداتها اللغة العربية خصوصًا القرآن الكريم الذي هو قمة اللغة بل هو اللغة الذي بمقارنة بلاغته مع بلاغة نهج البلاغة تنير لك كم هو “ليس كمثله شيء” في اللغة وهذا ما أراده الله تبارك وتعالى وهو أحكم الحاكمين.

ويكيبيديا

https://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A_%D9%84%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى