الشيخ الصفار يدعو لاغتنام الفرص والتسابق نحو التقدم
وتابع: إنّ سعي الإنسان واجتهاده، هو الذي يصنع موقعه، ويحدد مستوى إمكاناته ومكاسبه في الحياة، ضمن السنن الإلهية.
جاء ذلك ضمن خطبة في مسجد الرسالة بالقطيف شرقي السعودية بعنوان: أسرار التفوق والتقدم.
وأوضح سماحته أن على الإنسان أن يبحث عن أسرار تفوق المتفوقين، وتقدم المتقدمين، استجابة لقوله تعالى: ﴿انظُرْ كَيْفَ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ﴾.
وتابع: فإذا رأى من حقق التقدم والتفوق في أي مجال من مجالات الحياة، كالتفوق العلمي، والنجاح الاقتصادي، والتميز الاجتماعي، فعليه ألّا يمر على المسألة مرور الكرام، وألّا يقبل بالتفسيرات الزائفة، بل يحاول اكتشاف أسباب التفوق ليأخذ بها، ويلحق بركب المتفوقين.
وأبان أن من أسرار التفوق والتقدم، وجود التطلع والطموح في نفس الإنسان، والذي يعبر عنه القرآن الكريم: ﴿وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ﴾ لأن السؤال والطلب من الله إنما ينبثق من وجود الرغبة والتلطع في أعماق الإنسان.
وتابع: والسرّ الثاني للتفوق والتقدم السعي والتحرك، الذي يعبر عنه القرآن الكريم في عدد من آياته ﴿وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ﴾.
وأشار إلى أن حكمة الله تعالى شاءت وضع نظام للحياة الاجتماعية، يدفع الناس للتكامل فيما بينهم، بأن يحتاج بعضهم لبعض في إدارة شؤون الحياة، ليشكلوا مجتمعًا مدنيًا يتقاسمون فيه الأدوار والمهام.
وتابع: هذا الأمر يقتضي تفاوت القدرات والمواهب والاهتمامات والتخصصات، فيكون هناك متميزون في قدراتهم المالية، وآخرون في قدراتهم العلمية، وشريحة ثالثة في مواهبهم الفنية، وأخرى في طاقتهم العملية والمهنية.
وأضاف: هكذا تتنوع القدرات والإمكانات بين أبناء البشر، ليعطي ويبدع كل مهم في مجال قدرته وتميزه، ومن مجموع الجهد البشري يكون إعمار الأرض والحياة، وبناء الحضارة الإنسانية.
واستنكر سماحته ما يصدر عن البعض حين يرى تفوق بعض زملائه أو أبناء مجتمعه، فقد تتلوث نفسه بمشاعر سلبية تجاههم، وكأنه غير مرتاح لتفوق الآخرين، لأنه لم ينل ما نالوه، وهذا ما يطلق عليه الحسد.
وتابع: والبعض قد يعيش حالة التمني الفارغ، دون أن يسعى لكسب مؤهلات التقدم.
وأضاف: إنّ الله تعالى قد غمر الحياة بنعمه، وجعلها متاحة لبني البشر، حيث سخّر لهم ما في الكون من خيرات وإمكانات، ومنح الإنسان عقلًا يفكر ويكتشف به، وإرادة يعمل من خلالها، وأعطاه قوة وقدرة، وما عليه إلا السعي والعمل، ومن جدّ وجد، ومن زرع حصد.
وفي موضوع متصل أشاد بالفرص التي تتاح في المملكة للطلاب المتفوقين، كمؤسستي موهبة ومسك، وكذلك الهيئات والبنوك التي تقدّم لمن يطمح للاستثمار الاقتصادي بالاستشارات والقروض والتسهيلات، ليشارك في مشاريع التنمية.
وتابع: ومن يرغب في العمل الاجتماعي، وخدمة مجتمعه ووطنه، فأفق العمل الأهلي التطوعي مفتوح أمامه.
وبيّن أن الناس يتفاوتون في امكاناتهم ومواقعهم في هذه الحياة، مما يدفعهم إلى التنافس على الفرص والمكاسب، فيجتهد في دراسته ليكون متفوقًا، ويسعى لأفضل وظيفة ومنصب، ويكدح ليراكم ثروته واستثماراته الاقتصادية، ويوفر حياة مريحة.
وتابع: إن على الإنسان أن يفكر في أمر آخرته كما يفكر في أمر دنياه، فإن التفاوت في الآخرة أكبر وأشدّ.
وأضاف: إنّ التفاوت الأهم والأشد هو بين أصحاب النار وأصحاب الجنة، وداخل الجنة في المقامات والدرجات.