أقلام

آخر همي

السيد فاضل آل درويش

هل تتجلى حالة الانسجام والتوافق العاطفي بين الزوجين بالمؤازرة والاهتمام والاستماع لما يشغل باله ويهمّه في وقت الأزمات والصدمات والإحساس بالانهزامية أمام ضغوط الحياة، أم أنها شعور وسلوك مستمر يظهر من خلاله شريك الحياة تقديره للطرف الآخر والامتنان لما يقوم به من جهود ودور وظيفي يضمن للعش الزوجي الاستقرار والهناء؟

المشاركة الزوجية مبدأ مهم في التحصّل على الأمان والاستمرارية في علاقة ناجحة، إذ يشعر الفرد بوجود سند ومعين له في هذه الحياة وما يترامى على جنبات طرقها من عراقيل ومشاكل، فلا يوقف استنزاف الطاقة النفسية إلا وجود شريك الحياة المتفهّم لظروف الآخر، فيستمع له بشكل جيد ويقدّم له التصورات من الحلول والمخارج، كما أن الكلمة الحانية بلسم للآلام والهموم إذ تعبر عن وقفة معنوية وإحساس بما يضايقك، ويصل الزوجان إلى قمة التفاهم والراحة النفسية والنجاح عندما يجد في شريك الحياة نصفه الآخر المكمّل له.

الاهتمام والمشاركة محطة اختبار لقدرات كل واحد من الزوجين في الوصول إلى ساحة الاستقرار والانسجام، فإن الإهمال والحرمان العاطفي ينخر في تلك العلاقة حتى ينهي كل لحظاتها الجميلة، إذ متى ما شعر أحد الشريكين واقتنع بفكرة بأنه لا يمثل أي قيمة عند شريك الحياة فسيشكل بؤرة خلاف، كما أن أوقات التواصل وتبادل الحديث مع الطرف الآخر شبه منعدمة وتقتصر على متطلبات المنزل المادية، وأصبح رأيها غير معتدّ به في أي موضوع أو قضية مشتركة بينهما، فستكون تلك الفجوة متعمّقة أكثر يوما بعد يوم وصولًا إلى حالة الصمت والتغافل عن وجود الآخر، فلن يكون من الذكاء والحصافة توقع الأسوأ في تلك العلاقة الضعيفة!!

العلاقة الزوجية تقوم على أسس متينة من التفاهم والمحبة والتفاعل وتبادل وجهات النظر وبث الهموم ومتاعب العمل وأعباء المنزل وتربية الأولاد وسلوكياتهم، فالشعور بالوحدة والاستيحاش في المحيط الأسري يؤدي إلى حالة من الكبت والمزاجية السيئة، فهذا الإهمال سينعكس سلبا على علاقة الزوجين وفقدانهما للأمان والراحة النفسية، وأي خلاف أو سوء تفاهم سيشعل شرارة المشاحنة والزعل بينهما، بل ويحوّل علاقتهما إلى سلسلة من الخصومات والقطيعة، أو تتحوّل العلاقة إلى الروتينية والرتابة واقتصار الحديث على الأمور الضرورية تجنبًا للدخول في مهاترات الحوارات الساخنة.

قضاء وقت ممتع وجميل في حياة الزوجين يحتاج إلى تخطيط، يشعر كل طرف منهما بأهميته في حياة الشريك الآخر وحرصه على التواصل والتفاعل معه، ومتى ما شعر أحد الزوجين بأنه في ذيل قائمة اهتمامات الآخر فسيكون ذلك نذير بخطر محدق بعلاقتهما والاتجاه نحو نهاية مؤلمة.

فتح باب النقاش وتبادل الأفكار ووجهات النظر في الأمور المشتركة بينهما بداية فتح صفحة جديدة في علاقتهما، والاهتمام بالتفاصيل اليومية لشريك الحياة يوجه رسالة إيجابية بمكانة الآخر، فالمصارحة من أفضل الوسائل لترطيب العلاقات وفهم طبيعة تفكير الآخر، والاتفاق على طريقة إدارة حياتهما وسبل تجنب موارد الخلاف والخصومة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى