أقلام

النوادر الياسرية 1 – اللي في قلبه على لسانه

ياسر بوصالح

قلت: هنيئاً لك صلاتك في الصف الأول (الروضة) في صلاة الجماعة اليوم.

قال: إنما صليت في الصف الأول مخافةً على نظارتي أن تُداس لأن المصلين يمشون بلا إحساس.

حككت أذني مستغرباً من إجابته!!

فقلت: إذن فهنيئاً لك حرصك على صلاة الجماعة مع ما لها من الثواب العظيم.

قال: إنما صليت لأن لدي بسطة بجانب المسجد وحضر وقت الصلاة.

هنا حككت كامل رأسي منذهلاً!!

قلت: أبيت أن تسايرني وتجاملني فيما أنسبه لك من فضل.

قال: بل أبيت أن أكذبك وأخدعك وأسايرك فيما تنسبه لي من فضلٍ لا أستحقه.

انتهت المحادثة من هنا لتنبثق محادثة أخرى لكن في مخيلتي هذه المرة، وبين أطراف ستة.

أولهم قال: يبدو أنه مكتئب من حياته مما جعل إجاباته أقرب إلى الحدية والقسوة على نفسه.

الثاني قال: بل نعم الرجل الصريح هو، والذي في قلبه على لسانه لم يخدعك ولم يوارِ عليك حتى يكون كبيرًا في عينك.

الثالث قال: بل الصحيح أنه فاته الثواب الجزيل، ألم يعلم (أنما الأعمال بالنيات) كما ورد في الأثر؟ ليته صحح نيته! ليته قال أن أهدافه الثانوية كانت كذلك ليصدق عليه عنوان الضميمة لا تنافي القربى!

الرابع قال: أساسًا أنت ما شأنك به نال الثواب أم لم ينله؟ متى نتعلم أن نعيش حياتنا الشخصية دون الفضول والتدخل في شئون الآخرين والوصاية على عقولهم وأفعالهم؟

الخامس قال: بالعكس، الرجل شكره وشجعه على حرصه على مظان الثواب الجزيل سواء الشكر على أصل صلاة الجماعة أو الشكر على الحرص على الصلاة في الصف الأول في صلاة الجماعة، وكم هو جميل لو تنتشر ثقافة الشكر في مجتمعاتنا

ثم ختم السادس مزمجرًا قائلًا: العالم وصل إلى القمر والغرب يحاول أن يصل إلى التعدين الفضائي أو التنقيب عن المعادن المتطايرة من الكويكبات، وذكاء صناعي على الأرض يفكر بك وعنك وقبلك وبعدك بل يفكر كيف يلعن والديك لكي لا يدع لك مجالًا لتفكر، وأنتم إلى الآن مشغولون في ثواب صلاة جماعة!!!

واحتدم النقاش واحتدم.. واحتدم إلى أن صحيت من نومي على صوت آذان الفجر وذهبت لصلاة الجماعة ونامت الأطراف الستة ونام معهم سابعهم صاحب البسطة ومبدأ اللي في قلبه على لسانه (بَاسِطٌ ذِرَاعَيْهِ بِالْوَصِيدِ)

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى