المترجم : عدنان أحمد الحاجي
الصبر – مثل لازمه الطبيعي: نفاد الصبر – لا يزال نوعًا من مفهوم “أعرفه إذا رأيته [تعبير متداول في القضاء (1)”]. وهذا لم يكن مما تتفق عليه باحث علم النفس بجامعة كاليفورنيا في مدينة ريفرسايد كيت سويني Kate Sweeny.
قالت سويني: “الفلاسفة وعلماء الدين يعتبرون الصبر فضيلة، لكن غالبية الناس يزعمون أنهم لا يتحلون بالصبر.” “هذا جعلني أتساءل عما إذا ما الصبر لا يتعلق بكون الشخص طيبًا بقدر ما يتعلق بطريقة تعامله مع الإحباطات التي يتعرض لها يوميًا.”
ولأمور تتعلق بدراستها، سعت سويني إلى تعريف العناصر المكونة للصبر ونفاد الصبر والعوامل التي تحدد كلًا منهما بشكل أفضل.
وخلصت، في ثلاث دراسات أجرتها على 1200 شخص، إلى أن نفاد الصبر هو الإنفعال الدي يشعر بها الناس عندما يتعرضون لتأخير يبدو غير منصف أو غير معقول أو غير مناسب – مثل ازدحام المرور في غير ساعة الذروة، أو اجتماع كان من شأنه أن ينتهي قبل 15 دقيقة. الصبر إذن هو طريقة نتعامل بها عند شعورنا بنفاد الصبر.
نُشرت نتائج الدراسات الثلاث (3 – 6) مؤخرًا في مجلة Personality and Social Psychology Bulletin في ورقة بعنوان “عندما يكون الوقت هو العدو: اختبار أولي لنموذج عملية الصبر.”
يستخدم علماء النفس مصطلح “تنظيم الإنفعالات (7)” للتعبير عن الاستراتيجيات العديدة التي يستخدمها الناس للحد من (أو في بعض الأحيان لزيادة) شدة انفعالاتهم.
طلب الباحثون من المشاركين أخذ استجاباتهم لمختلف المواقف المحبطة التي قد يواجهونها في الحياة اليومية بعين الاعتبار. وصف أحدهم ازدحامًا مروريًا، ووصف آخر اجتماعًا طويلًا ومملًا، وذكَّرهم آخرون بتخيل لو أنهم كانوا عالقين لوقت طويل في غرفة انتظار.
أشار المشاركون إلى مدى قلة صبرهم في الاستجابة لكل من هذه السيناريوهات الثلاثة الآنفة الذكر، ثم ما إذا كانوا سيقاومون قلة صبرهم بتوظيف استراتيجيات مثل الإلهاء (أو تحويل انتباههم إلى مهمة أخرى أو انشغالهم بها) (8) أو ممارسة رياضة التنفس العميق (9) أو ملاحظة الجوانب الإيجابية للوضع أو الحالة القائمة (النظر إلى نصف الكأس الملآن).
نتائج الدراسة تعرفت على ثلاثة سيناريوهات تسبب “وضعًا سيئًا” لقلة الصبر: عندما تكون المجازفة عالية نسبيًا (زحمة حركة مرور على الطريق إلى المستشفى في حالة طارئة)، وعندما تكون حالة الانتظار منفرة للنفس (لا توجد مقاعد للجلوس ولا عوامل الهاء ولا جو مريح في مبنى إدارة من الإدارات)، وعندما يتضح أن أحد الأشخاص هو من يُلام على التأخير (العطال) الحاصل (كما لو أن المختبر نسي إجراء عملية الفحص الطبي، مثلًا). كما شعر الناس أيضًا بنفاد صبرهم عندما كان التأخير أطول مما توقعوا.
بالرغم من أن كل مشارك في الدراسات الثلاث تقريبًا قال إنه سيشعر على الأقل بنفاد صبره لو تعرض لتلك المواقف المحبطة والمربكة، إلا أن بعض الأشخاص كانوا أكثر صبرًا من غيرهم. المشاركون الذين كانوا أكثر ارتياحًا لو كانت المواقف مفتوحة من جهة الوقت، وأكثر استقرارًا من الناحية الانفعالية (أي انخفاض الحاجة إلى إيجاد حل أو إجابة لحل موقف غامض أو حالة غامضة (10) والعصابية – أي تقلب المزاج (11)) قالوا إنهم لن يشعروا بنفاد الصبر في تلك السيناريوهات؛ أولئك الذين كانوا أكثر مهارة من الناحية الإنفعالية [وهي قدرة الشخص على التعرف على انفعالاته والتعبير عنها وتنظيمها (12)] وأفضل في التنظيم الانفعالي الذاتي (5) قالوا إنهم سيستجيبون بصبر أكثر، حتى لو شعروا بنفاذ صبرهم في البداية. كما أن كون الشخص متسمًا بالوفاق (الوفاق سمة من سمات الشخصية الخمس (13)) ويتمتع بمستوى عالٍ من التقمص الوجداني يعتبر ذلك عامل تنبؤ بالصبر.
وتخلص سويني إلى أن “النتائج الأولية التي توصلنا إليها تدعم أفكارنا عن الصبر وقلة الصبر.” “لا يزال أمامنا الكثير لنتعلمه، ولكن مقاربتنا واعدة جدًا من حيث مساعدة الناس على إدارة شعورهم حال نفاد صبرهم وحتى يصبحوا في نهاية المطاف أكثر صبرًا في حياتهم اليومية.”
مصادر من داخل وخارج النص
1- https://en.wikipedia.org/wiki/I_know_it_when_I_see_it
2- https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/10888683241263874
3- https://journals.sagepub.com/doi/10.1177/01461672241284028
4- https://osf.io/9rnxc/
5- https://osf.io/78k3z/
6- https://osf.io/f7b2z/
7- https://ar.wikipedia.org/wiki/تنظيم_انفعالي_ذاتي
8- https://ar.wikipedia.org/wiki/تشتت_الانتباه
9- https://www.webteb.com/articles/تعرف-على-انماط-وتمارين-التنفس_23555
10- https://en.wikipedia.org/wiki/Closure_(psychology)
11- https://ar.wikipedia.org/wiki/عصابية
12- https://www.yths.fi/en/health-information/mental-health/emotional-skills/
13- https://ar.wikipedia.org/wiki/وفاق
المصدر الرئيس
https://news.ucr.edu/articles/2024/12/19/stripping-virtue-patience
