أقلام

التخطيط

عبد الله حسين اليوسف

قراءة في كتاب مبادئ الإدارة الحديثة، للمؤلف / الأستاذ الدكتور. حسين حريم، الطبعة الرابعة: 2014م

تعتبر وظيفة التخطيط أولى الوظائف الأربع الرئيسة في العملية الإدارية التخطيط ، التنظيم، التوجيه الرقابة – وتمثل نقطة البداية للعمل الإداري، وهي أهم هذه الوظائف لأنها تؤثر تأثيراً كبيراً في الوظائف الأخرى، وبالتالي في نجاح العملية الإدارية أو فشلها، ولا يمكن لأي منظمة النجاح بدون التخطيط السليم ، ولا تستطيع أي منظمة، ولا يستطيع أي مدير الإعداد للمستقبل بدون التخطيط ، ينبغي النظر باستمرار إلى الأمام للتعرف على الفرص المتاحة والتهديدات والمخاطر المحتملة ومن ثم اتخاذ الإجراءات والخطوات اللازمة للاستفادة من هذه الفرص ومواجهة التهديدات والتخطيط يلزم المنظمة والإدارة التفكير في ماهية القرارات التي يجب أن تتخذها الآن لتكون مستعدة ليوم غد وللسنوات القادمة.

تعمل المنظمات المعاصرة في ظروف صعبة معقدة وقاسية ومتغيرة، وتحت ضغوط شديدة لتقديم منتجات وخدمات ذات جودة عالية وبسعر منافس وبسرعة كبيرة، ولا تستطيع المنظمة النجاح والتقدم بدون مواجهة هذه الضغوط والتحديات والتكيف مع المتغيرات البيئية، فإذا لم تقم المنظمة بالتخطيط السليم الناجح فسيكون مستقبلها ومصيرها تحت رحمة الحظ ، وإذا ما أرادت ورغبت الإدارة في ممارسة قدر من السيطرة على مسار المنظمة ومستقبلها يجب عليها أن تخطط ، وبخلاف ذلك سيكون على الإدارة أن تعتمد على إجراءات وردود أفعال علاجية بدلاً من الإجراءات الاستباقية والاحترازية. وسوف نناقش في هذا الفصل ماهية التخطيط وأهميته وفوائده وأنواعه وكيف تتم عملية التخطيط.

ماهية التخطيط:

لقد عرف التخطيط على أنه ذلك الجزء / الجانب من العملية الإدارية الذي يسعى لتحديد مستقبل المنظمة ، وفي تعريف آخر التخطيط “هو أحد وظائف الإدارة الرئيسية الأربع وأنه عملية تحديد أهداف المنظمة ورسم الاستراتيجيات والطرق والعمليات لإنجازها” ، وقد عرف العالم جورج ستاينر التخطيط بأنه “وظيفة يقرر فيها المديرون ماذا ينجزون ومتى وكيف ومن ينجزها” ،وفي تعريف للكاتب جواد التخطيط هو العملية الرسمية لاختيار رسالة المنظمة وأهدافها الأساسية للأماد القريبة والبعيدة، ويساعد على اشتقاق الأهداف الثانوية والفرعية ( أقسام، وحدات، جماعات) ويمكن من اختيار الاستراتيجية والتكتيك الملائمين لبلوغ تلك الهداف ، ويرى (Ivancevich وزملاؤه) أن التخطيط في أحسن صوره يعني أن القرارات التي تصنع اليوم سوف تحقق نتائج مفيدة في وقت لاحق، وأن عملية التخطيط عملية دينامية تتضمن عناصر ومتغيرات كثيرة داخل المنظمة وخارجها، وكذلك الأهداف الرئيسية للمنظمة، وأن التخطيط عملية منظمة تستدعي التنبؤ بالمستقبل في ضوء تحليل الوضع الراهن واتجاهات التطورات على مدى السنوات السابقة .

وهكذا فإن التخطيط عملية ذهنية منهجية منظمة تتضمن من بين أمور كثيرة دراسة وفحص المتغيرات البيئية وتصور الاتجاهات المستقبلية لا ومن ثم تحديد رسالة المنظمة وأهدافها المستقبلية، ثم تحديد النشاطات والفعاليات والموارد والموازنات والخطط التشغيلية والخطط التكتيكية لإنجاز الأعمال والنشاطات، ومن ناحية أخرى أصبح التخطيط لا يقتصر على وحدة معينة أو نشاط. معين، وإنما يشمل جميع النشاطات في المنظمة وبالتالي فإنه يشمل كل فرد وكل فرد معني بالتخطيط.

ومن المفيد التمييز بين التخطيط والخطة، فالخطة هي نتاج / مخرجات عملية التخطيط، وهي وثيقة تتضمن أهداف المنظمة المستقبلية والنشاطات والأعمال التي ينبغي إنجازها لتحقيق هذه الأهداف، وتوضع هذه النشاطات والأعمال في العادة على شكل مشاريع / برامج عمل تفصيلية توضح وتحدد متى ينجز كل نشاط ومتى وكيف وأين ينجز ؟ومن ناحية أخرى لا بد من التأكد على أن التخطيط يركز على الأهداف (ends) والوسائل (means) معاً في آن واحد، إذ لا يقتصر التخطيط على وضع الأهداف والغايات المراد تحقيقها، وإنما يشمل أيضاً تحديد الوسائل والطرق المناسبة لبلوغ تلك الغايات والأهداف.

الحاجة للتخطيط:

من الواضح أن متطلبات اليوم تحتاج إلى التخطيط أكثر من أي وقت مضى وذلك نظراً لما تواجهه المنظمات من تحولات كبيرة في شتى المجالات وتحديات وضغوط متزايدة وبيئة سريعة التغيير في كل المجالات مما يزيد من درجة عدم التأكد البيئي حول ما ستؤول إليه الأوضاع مستقبلا وما سيكون عليه المستقبل،

ومن بين أهم التحديات والضغوطات التي أبرزت الحاجة للتخطيط ما يلي:

1- الضغوط المتزايدة لتقليص دورة الوقت.

2- تزايد تعقد المنظمة، مع تزايد حجم المنظمات وتعقدها.

3- ازياد المنافسة العالمية.

4- تأثير التخطيط على الوظائف الأخرى.

فوائد التخطيط:

يعتبر التخطيط السليم مفتاح نجاح أي منظمة وضمان استمراريتها وتقدمها، وبدونه يمكن أن تتعثر المنظمة وتبقى تحت رحمة الحظ والصدف، ويساعد التخطيط المنظمة في أمور عديدة ويمكن أن تكون له فوائد جمة، ومن أهميتها:

1- تنسيق الجمهور: فالتخطيط يمكن المنظمة من تنسيق جهود الأفراد والوحدات التنظيمية المختلفة، فالتخطيط يحدد الأهداف والوسائل اللازمة لتحقيقها للمنظمة بصورة عامة وللوحدات، وهذه الأهداف توفر التوجيه اللازم لمختلف الوحدات للقيام بمهامها وأدوارها مما يساعد على تحقيق الأهداف العامة ودونما تضارب أو تعارض أو تناقض فيما بينها.

2- الإعداد للتغيير: فالتخطيط السليم يعد المنظمة للتغيير، ومع الأخذ في الاعتبار الآثار المحتملة للتغيير، فإن الإدارة تكون أكثر جاهزية للتعامل معه، وهنالك كثير من المنظمات التي انهارت بسبب فشلها في الإعداد للتغيير (من منظمات مالية ومصرفية وشركات طيران وغيرها) خلال العقد الماضي ويعزى ذلك بشكل رئيس إلى عدم الاستعداد والتحضير للتغيرات.

3- يوفر التخطيط مقاييس معايير للأداء: توضح الخطط ما يراد إنجازه من نتائج وأهداف على مستوى الأفراد والجماعات، وهذه النتائج والأهداف تشكل أساساً للمعايير التي يمكن استخدامها لقياس الأداء الفعلي، فمن خلال التخطيط يمكن للإدارة وضع معايير الأداء اعتمادا على أهداف المنظمة التي تم تحديدها، وبدون التخطيط من الصعب تحديد معايير الأداء، كما أن المعايير التي يتم وضعها (بدون التخطيط) قد تتناقض مع أهداف المنظمة وقيمها.

ويضيف العقيلي المزايا / الفوائد التالية للتخطيط:

1 – التخطيط يوفر معياراً للحكم على نجاح المنظمة (مقارنة الأهداف الفعلية مع الأهداف المحددة).

2 – يشكل التخطيط أساساً لقرارات الإدارة: فالخطط والأهداف والنشاطات المحددة تمثل توجيهات وإرشادات للمديرين للعمل في إطارها.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى