أقلام

ساعة رملية

السيد فاضل آل درويش

الوقت الثمين رأس مال الإنسان ومطيته في بلوغ أهدافه وأداء دوره الفعال في هذه الحياة، وكلما تفكّر في تناقص عداد العمر مع إشراقة يوم جديد ازداد حرصًا وتتبّعًا لساعاته في سبيل تحقيق أهدافه وطموحاته، وبنظرة متأنية إلى حياة العظماء سنجد عاملًا مشتركًا بينهم وهو الحرص على الاستفادة من أوقاتهم، وتجنب كل وسائل التضييع فيما لا فائدة منه ولا يعود عليه بنقاط قوة يكتسبها، وليس هناك من مثال يُضرب للدلالة على الفراغ الذي يعيشه بعض الشباب والفتيات، من قضاء الأوقات المفتوحة – ليلًا ونهارًا – في تصفّح مواقع التواصل الاجتماعي دون تحديد هدف معين يرغب في الحصول عليه، بل هو مجرد تقطيع للوقت بالتلهي في مشاهدة المقاطع المرئية وغيرها، بل ولا يلتفت البعض إلى الآثار الوخيمة والخسائر الفادحة المترتبة على الفراغ وتضييع الأوقات، فقد تتحول تلك الأوقات إلى مفسدة وآثام من خلال التعرّض لأعراض وخصوصيات الآخرين بغيبة أو فتنة، والدكانات الاجتماعية والجلسات المفتوحة لتناول خصوصيات الآخرين والتباهي بوصول الأخبار العاجلة عن فلان وفلان مضيعة للوقت وانشغال بما لا فائدة فيه، بل يفتح باب تقطيع أوصال العلاقات المجتمعية على مصراعيه ويدخل الأفراد في نفق مظلم من الخصومات وتراشق الكلمات والاتهامات .

وبعض الشباب والفتيات قد تُسرق منه ساعات عمره من خلال الاستغراق في الأحلام الوردية وتخيل العالم المثالي المحاط به من كل ما يريد تحقيقه، وهذا مسار خطر يقع فيه الفرد عندما لا يمتلك خطة واضحة ترسم معالم حياته والمراحل التعليمية وتكوين قدراته وتطويرها، والحقيقة الغائبة أن طبيعة الحياة مجموعة من المهام والخُطى في ميادين العمل والإنجاز ، وتأتي بعد معرفة الفرد بشخصيته وما تكتنفه من قدرات وإمكانات ومواهب تساهم في تقدم عجلة التطوير والإنجاز المجتمعي، فنحن بحاجة إلى دورات تأهيلية تخلصنا من حالة الهدر في الأوقات وسوء تنظيمها، من خلال خطة عامة تبين لنا أهمية الوقت وتلك المسارات الخاطئة التي نرتكبها فتساهم بشكل كبير في خسارتنا وتعاملنا السيء مع لحظات أعمارنا التي تمر سريعًا دون أن ندرك ذلك.

ومن عوامل الهدر في الأوقات وتآكل اقتدارنا وإنجازنا هو آفة التسويف وترحيل كل مهمة موكلة بنا إلى مقطع زمني مستقبلي، وهكذا حتى نجد أنفسنا أمام تراكم الأعمال وبعثرتها على طاولة العمل، ويقدّم الفرد من الأعذار الوهمية والتعليلات السقيمة لما يرتكبه من تأجيل بما يحافظ على كرامته وموقفه في محيطه الأسري وأمام أصدقائه، في عملية غير مجدية تجعله يخلط الأوراق ويعد من ينصحه ويوجهه إلى وضع جدول زمني مرن يتنقّل فيه من خطوة ومرحلة إلى أخرى بأنه من أعداء النجاح، الذين يحسدونه ولا يرغبون في رؤيته وقد اعتلى منصة التكريم والنجاح.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى