قراءة في كتاب…
عبد الله حسين اليوسف
قراءة في كتاب المخدرات والتصدي لها بالحلول، تأليف/ الأستاذ الدكتور. حكمت العربي، الطبعة الأولى :1434هــ / 2013م
جزء من المقدمة:
ولقد أوجب الله تعالى حماية الضرورات الخمس وهي:(الدين – النفس ـ العقل – العرض – المال). والمخدرات تهدم هذه الضرورات وتقضي عليها، لأن من آثارها المحسوسة أن متعاطيها يضيع الصلاة والصيام، ويرتكب سائر المنكرات دون خجل أو حياء. كما أنها تزهق النفوس؛ إذ كثيرًا ما ينتحر المتعاطون أو يقتل بعضهم بعضًا، والإحصاءات العالمية خير شهيد على ذلك.
وأهم هذه العوامل ما يلي:
1 – عوامل تتعلق بتاريخ الأسرة:
إن تعاطي الآباء أو أحد أفراد الأسرة للمخدرات، يعد من الأسباب الرئيسة التي تهيئ أفراد الأسرة الآخرين لتعاطيها. كذلك فإن الاضطرابات الأسرية كالتفكك الأسري، وعدم انسجام الوالدين، والطلاق، ووفاة أحد الوالدين وزواج أحدهما، وإهمال الأبناء، تشكل عوامل تهيئ الأبناء لتعاطي هذه العقاقير كوسيلة للهروب من هذه الاضطرابات. كما أن توافر المال اللازم لشراء المخدرات في ظل غياب الوازع الديني والرقابة اللصيقة يسهم في تعاطيها.
2 – عوامل تتعلق بالتاريخ الشخصي للفرد:
ثمة بعض العوامل التي تتعلق بالتاريخ الشخصي للفرد قد تسهم في تهيئته لتعاطي المخدرات من أهمها: الاضطرابات السلوكية والنفسية والعقلية والانحرافات الشخصية، وعدم الإشباع في مراحل الطفولة، وضعف القيم الدينية والأخلاقية لدى الفرد، وحالات النشاط المفرط، وصعوبات التعلم، وتدني المستوى التحصيلي، ومصاحبة المتعاطين وغيرها.
3- عوامل تتعلق بإشاعات مغلوطة:
ومن أهمها ما يقوله المتعاطي:
▪ يمكنني أن أتعاطى المخدرات ويمكنني أن أضبط استعمالها.
▪ يزيد الحشيش القوة الجنسية عند الرجال.
▪ أستطيع أن أتوقف عن تعاطي هذه العقاقير في أي وقت أشاء.
▪العقاقير المخدرة لا تؤذي.
▪تعاطي العقاقير المخدرة مظهر من مظاهر الرجولة لدى البعض.
4- عوامل تتعلق بالسمات الشخصية للفرد:
تستطيع القول بأن بعض سمات الشخصية تسهم في تهيئة الفرد لتعاطي العقاقير الخطرة المخدرة، ومنها حب الاستطلاع، والمغامرة، وضعف القدرة على ضبط الدوافع وعلى تأخير تلبية الرغبات، وعدم القدرة على الصبر، وضعف الثقة بالنفس فضلًا عن انخفاض صورة الذات لدى الفرد.
5 – البطالة:
تعد البطالة، وعدم القدرة على استغلال أوقات الفراغ المملة بالصورة البناءة بسبب نقص وسائل الترفيه الأمر الذي يؤدي إلى الملل، والسأم أو التجمع في الأزقة، وممارسة السلوكيات المنحرفة، من أهم العوامل التي تدفع الشخص لتعاطي المواد المنبهة، والمنشطة أو المهلوسة أحيانًا في محاولة للاستمتاع بهذه الأوقات.
6 – حب الاستطلاع:
كما أن حب الاستطلاع، والمغامرة الذي قد يدفع بالناشئ أو الشاب إلى أن يتعرف إلى طبيعة العقاقير المخدرة فيتذوقها، ويشمها رغبة منه في معرفة كنهها وتأثيرها وأعراض تعاطيها. ولا شك أن غياب التوجيه الأسري لهؤلاء الناشئين يسهم في جعلهم يدمنون على تعاطيها.
عوامل اجتماعية:
هناك جملة عوامل اجتماعية تسهم بصورة رئيسة في الإقدام على المخدرات وتعاطيها وإدمانها، ولا يمكن لأي باحث أو مهتم أن يجهلها أو يتجاهلها، أجملها رائد فهمي شديد فيما يلي :
1 – دور رفقاء السوء:
حيث أظهرت الكثير من الدراسات التي اهتمت بموضوع تعاطي المخدرات أن من أهم الأسباب المؤدية إلى ذلك هو تأثير رفقاء السوء، سواء في الترغيب أو الحث أو التوريط أو التقليد أو تيسير فرص ذلك.
2- التفكك الأسري:
ونعني به النزاعات والصراعات التي تنشب داخل الأسرة أو أجواء التوتر والاختلافات الدائمة بين أطراف الأسرة وخاصة الوالد والوالدة والتي تلقي بظلالها سلبيًا على الأبناء الذين يفتقدون ـ في ظل مثل هذه الظروف – للاهتمام والحنان والعطف الأسري، وبالتالي يبحثون عما يعتقدونه ملجأ لحل المشاكل، أو إن الضحية من هذه الصراعات داخل الأسرة هو أحد أطرافها (الأم أو الأب)، حيث يلجأ إلى تعاطي المخدرات أو الخمور هربًا من واقعه كما يتصور.
3- التنشئة الأسرية الفاسدة:
حيث لا يمارس الأب أو الأم أو كلاهما دوره في تنشئة وتربية وتوجيه الأبناء التوجيه الصحيح. وحيث تكون هناك تفرقة ما بين الأبناء في المعاملة؛ كتفضيل الولد على البنت أو الكبير على الصغير أو عكس ذلك. أو عدم مساعدتهم ومكاشفتهم فيما يمس أمورهم الشخصية والبيئية، وتجاهل نجاحاتهم وما يهمهم أحيانًا. أو استخدام القسوة في المعاملة، أو أن يكون العكس، حيث يتم تدليل أو إهمال الأبناء بصورة تامة وعدم مساعدتهم في معظم أمورهم أو ما يبدو فعلًا انحرافًا. أو قد يكون أحد الأبوين أو كلاهما منحرفًا فينعكس سلوكه على الأبناء.
4- المحاكاة:
وهي تقليد شخص معين من قبل الشخص المنحرف الأمر الذي أوصله الحالة هذا، حيث يكون غياب التوجيه وغياب القدوة الحسنة وتأثير النموذج السيئ من خلال تهيئة الفرص لطرح نموذجه أمر يسير يقود إلى انحراف من هذا النوع، حيث يميل الفتيان عادة إلى تقليد آبائهم وكذلك الفتيات في غالب الأحيان إلى تقليد أمهاتهن، أو لتقليد أنموذج آخر كأن يكون صديقًا أو أخًا أكبر أو ممثلًا أو مطربًا أو رياضيًا، واتباع سلوكه قدر المستطاع خصوصًا إذا ما كانت هناك أدوار مارسها من هذا القبيل أو إنها توحي بذلك.
5 – تأثير الحي السكني:
إن للحي السكني الذي يسكن فيه الشخص دورًا كبيرًا في هذا الصدد، فقد دلت دراسات كثيرة على أن طبيعة المنطقة السكنية لها تأثير سلبي كبير إذا ما كانت المنطقة موبوءة، ويكثر مثل هذا في المناطق الهامشية أو الفقيرة أو المناطق العشوائية نتيجة لما تعانيه من أمراض صحية ونفسية واجتماعية، وأزمات اقتصادية. كما أن لشروط المسكن السيئ أيضًا أثرًا كبيرًا في إقامة فرص الانحراف الذي نراه هنا في تعاطي المخدرات. ويجب عدم تجاهل أن فرص الانحراف في الريف أقل منها في المدن.
6 – تأثير وسائل الإعلام:
ولذلك دور كبير بسبب ما يعرض من نماذج سيئة من أفلام أو برامج يغيب فيها الوعي والصورة الصحيحة التي يجب أن تظهر بها هذه البرامج من أن تؤدي رسالتها.
7- ضعف الوازع الديني:
حيث إن من يتمسك بدينه لا شك أنه سيكون بعيدًا عن مواطن الزلل والخطأ. خصوصًا وأن جميع الأديان تدعو إلى السلوك الحسن ونبذ الانحرافات. والدين الإسلامي قد حث على السلوك المستقيم وتجنب الكبائر التي تؤدي إلى انهيار حياة الفرد والأسرة وقيمها السامية.
8- الجو المهني:
والمقصود به هنا مكان العمل وفي هذا تأثير أيضًا في تهيئة فرص الانحراف أو تجنبه. فمثلًا صعوبات العمل وأعباؤه وسلبياته قد تدفع الشخص إلى تعاطي المخدرات، أو أن توفر الأنموذج السيئ في العمل قد يدفع وخاصة صغار السن من المراهقين إلى مجاراتهم.
9- سوء استغلال وقت الفراغ:
هو عامل مهم في البحث عن فرص لشغلة وتكون النتيجة إلى حد كبير هي فرص انحرافيه من نماذجها تعاطي المخدرات والخمور.
10 – الجهل عامة وضعف التوعية بخطر المخدرات وما ينجم عنها:
وهو أيضًا سبب يجب والتأكيد عليه. واللوم هنا يقع على عاتق الجهات المسؤولة سواء كانت حكومية أو صحية أو إعلامية أو منظمات أهلية ونقابية ومنظمات المجتمع المدني عامة.
عوامل نفسية:
هناك مجموعة عوامل نفسية تمارس تأثيرًا كبيرًا على الشخص فيضطر معظم من يتعرض لها إلى الاستسلام، فتكون نتيجة ذلك ممارسته للهروب من الواقع فيقع فريسة لتعاطي المخدرات أو الخمور أو كليهما.
ومن هذه العوامل:
1 – الضغوط النفسية الكبيرة نتيجة للإحباط في عمل أو مسعى معين أو تلبية حاجة معينة .
2- الشعور بمركب النقص نتيجة عاهة معينة أو عوق أو عدم مجاراة الآخرين في مستويات معينة طبقية أو ثقافية أو غيرها.
3- الشعور بالفشل وعدم القدرة والكفاءة.
4 – رغبة شخصية في التجريب أو حب الاستطلاع والمجازفة، أو توهم بأن التعاطي يدل على الاستقلالية وقوة الشخصية.
5- عدم الرضا الحياتي بصورة عامة.
6 – الاغتراب وعدم المعيارية أو بصورة عامة التقاطع مع قيم المجتمع السائدة، لعدم مسايرتها للتطور الحياتي أو ما قد يراه هو (الشخص المتعاطي) كذلك.