أقلام

كل سيجارة تدخنها تكلفك 20 دقيقة من حياتك؟

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

معظم المدخنين يدركون أن التدخين يقصر من أعمارهم، ولكن لا يدركون تأثير كل سيجارة يدخنونها في حياتهم. بريطانيا تمتلك بعض من أفضل البيانات المتاحة على مستوى العالم لتقدير متوسط الخسارة في الأرواح لكل سيجارة يدخنها الناس، وهو ما يقرب من 20 دقيقة: 17 دقيقة للرجال و22 دقيقة للنساء.

يعد تدخين التبغ أحد أهم العوامل المسببة للأمراض والإعاقة والوفاة المبكرة على مستوى العالم، والتي يمكن الوقاية منها (1) عملت الدراسات الوبائية على تقييم الأضرار التي يخلفها تدخين السجائر وذلك باستخدام مجموعة من المقاييس، بما فيها الاحتمالات المطلقة (2)، ونسب الاحتمالات [هي نسبة احتمال نتيجة في مجموعة معرضة إلى عامل أو عوامل إلى احتمال نتيجة في مجموعة غير معرّضة (3)]، نسبة احتمال وقوع الحدث إلى احتمال عدم وقوعه odd ratio)) ونسبة احتمال وقوع حدث سلبي ((risk ratio (4) ونسبة الخطر hazard ratio (وتيرة حدوثه في مجموعةً مقابل عدم حدوثة في مجموعة أخرى (5)) ونسبة وقوع الحدث في مجموعة المعزوّ لعامل معين (6)، وسنوات الحياة المصححة بجودة الحياة (7).

توصيل معلومات عن هذه الأضرار بطريقة واضحة وجعل الوصول اليها سهلًا للناس ومؤثرة في المدخنين قد يكون أمرًا صعبًا. إحدى الوسائل المؤثرة الممكنة للتعبير عن الضرر الناجم عن التدخين هي تقدير متوسط الخسارة في متوسط العمر المتوقع لكل سيجارة يدخنها المدخن.

في عام 2000، نشرت المجلة الطبية البريطانية BMJ تقديراً يشير إلى أن كل سيجارة يدخنها المدخن في بريطانيا تقصر من عمر المدخن بمعدل 11 دقيقة (8) . وكما اعترف المؤلفون، فإن هذا التقدير الذي توصلوا اليه افترض حينئذ بعض الافتراضات المهمة، ولكن أصبح الآن لدينا بيانات أفضل وحديثة. وقد اعتمد تقدير الباحثين لمعدل الوفيات على بيانات وبائية جمعت من مجموعة من أطباء بريطانيين ذكور (9) تمت متابعتهم لفترة امتدت إلى أربعين عاماً حتى عام 1991. استند تقديرهم لاستهلاك السجائر التي دخنها المدخن طوال عمره الذي دخن فيه إلى 15.8 سيجارة يوميًا للرجال ابتداءً من سن 17 إلى أن وصل سنه إلى 71 عامًا، بحسب ما تم تقيمه في 1996.

أصبحت البيانات عن نتائج معدل وفيات الذكور من دراسة الأطباء البريطانيين (على أضرار التدخين ومعدل الوفيات منه التي أجريت في 1951) (10، 11) متاحة الآن بعد متابعتهم استمرت مدة 50 عامًا حتى عام 2001، وعن نتائج معدل وفيات الإناث من دراسة (12) على مليون امرأة، التي أجريت أيضًا في بريطانيا، حتى عام 2011. وجدت هذه الدراسات أنه بعد تصحيح عوامل الإرباك المهمة (13) (على سبيل المثال، الوضع الاجتماعي والاقتصادي (14))، فإن المدخنين الذين لم يقلعوا عن التدخين فقدوا ما يقرب من 10 سنوات (بالنسبة للرجال) إلى 11 سنة (بالنسبة للنساء) من متوسط العمر المتوقع (11، 12) مقارنة بتقديرهم السابق الذي بلغ 6.5 سنة لكل من الذكور والإناث (8). في عام 1996 كانت النساء تدخن ما معدله 13.6 سيجارة يوميًا (15). وبالتالي، وبشرط بقاء كل العوامل الأخرى ثابتة كما هي، فإن هذا من شأنه أن يؤدي إلى زيادة في الخسارة المقدرة في متوسط العمر المتوقع لكل سيجارة إلى 20 دقيقة إجمالاً: 17 دقيقة للرجال و22 دقيقة للنساء.

تشير البيانات الوبائية إلى أن الضرر الناجم عن التدخين تراكمي وكلما أسرع الشخص في الاقلاع عن التدخين وكلما تجنب تدخين المزيد من السجائر كلما عاش لفترة أطول (11، 12). وبالتالي، فإن الذي يدخن 10 سجائر يوميًا وترك التدخين في الأول من يناير 2025 قد منع خسارة يوم كامل من متوسط عمره بحلول الثامن من يناير 2025، وأسبوع من متوسط عمره بحلول العشرين من فبراير 2025، وشهرًا بحلول الخامس من أغسطس 2025 وبحلول نهاية العام، قد يكون بوسعه تجنب خسارة 50 يوماً من متوسط عمره.

تشير الدراسات إلى أن المدخنين يخسرون عادة نفس عدد السنوات التي يتمتعون فيها بصحة جيدة من سنوات عمرهم الإجمالي (16). وعليه فإن التدخين يؤدي في المقام الأول إلى خسارة سنوات منتصف عمره الصحي نسبيًا بدلًا من خسارة سنوات نهاية عمره، والتي غالبًا ما تتسم بالأمراض المزمنة أو الإعاقات. لذلك فإن المدخن البالغ 60 عامًا سيكون ملفه الصحي عادةً مثل الملف الصحي لشخص سبعيني غير مدخن (11، 12).

وكما هو الحال مع تقديرات المجلة الطبية البريطانية BMJ الصادرة في عام 2000، فإن عدد الدقائق المحدث الذي قدمناه يأتي مع توخي بعض المحاذير المهمة. أولاً، هذه هي متوسط أعداد الدقائق التي تخسرها المجموعة الخاضعة للدراسة من جميع الأعمار. يعيش بعض المدخنين حياة طويلة وصحية بينما يتعرض آخرون لأمراض لها علاقة بالتدخين وحتى من الممكن أن يموتوا في الأربعينيات من عمرهم (17).

هذا التباين هو نتيجة للاختلافات في أنماط التدخين (عدد مرات سحب نَفَس دخان من السيجارة)، وعمق سحب نفس الدخان، وما إلى ذلك)، ونوع السجائر المدخنة، وحساسية المدخن للمواد السامة في دخان السجائر. بالإضافة إلى ذلك، فإن الضرر الناتج لن يكون هو نفسه بالنسبة لكل سيجارة يدخنها الشخص في حياته. المخاطر الصحية الناجمة عن التدخين ليست خطية (طردية) ولا يكفي مجرد الحد من التدخين – فالإقلاع التام مطلوب لتحقيق أقصى قدر من الفوائد الصحية ومتوسط العمر المتوقع (18) .

بالنسبة للأفراد، فإن أي فوائد ممكنة من خفض معدل التدخين قد يُعوضه (يعكسه) بشكل تام وذلك بزيادة عدد سحب نَفَس دخان السجائر وتدخين بقايا السجائر. قد يلعب السن الذي يبدأ فيه الشخص بالتدخين أيضًا دورًا، حيث يصبح من يبدأ التدخين في سن صغيرة أكثر عرضة للإصابة بالأمراض المرتبطة بالتدخين (19). تفيد الأدلة المستمدة من دراسات معدل الوفيات إلى أن فوائد الإقلاع عن التدخين بالنسبة لمتوسط العمر المتوقع تصبح أعظم كلما أقلع الشخص عن التدخين في وقت أبكر (11، 12).

هناك محاذير أخرى وهو أننا افترضنا أن عدد السجائر في اليوم كان ثابتًا طوال حياة الشخص في التدخين. بالإضافة إلى ذلك، انخفضت نسبة القطران إلى النيكوتين على مر العقود (20) ونظراً لأن معظم الضرر الناجم عن التدخين يأتي من القطران، فمن الممكن أن يكون التعرض للمواد السامة لكل سيجارة قد انخفض. إذا كان الأمر كذلك، فإن تقديراتنا للسنوات المفقودة من متوسط العمر لكل سيجارة سوف تكون مرتفعة (مبالغ فيها) إلى حد ما، ولكن الرقم الحقيقي سوف يظل على الأرجح أعلى كثيراً من تقديرات الدراسة المنشورة في المجلة الطبية البريطانية BMJ الصادرة عام 2000.

وفي الختام، تقديرنا أن المدخنين في بريطانيا الذين لم يقلعوا عن التدخين يخسرون في المتوسط نحو 20 دقيقة من متوسط العمر المتوقع لكل سيجارة يدخنونها. وقد آن الأوان ليحرص المدخنون أن يقضوا باقي حياتهم بصحة جيدة. فالوقت غير متأخر للمدخن ليقلع عن التدخين في أي عمر لأنه مفيد صحيًا، ولكن كلما تمكن المدخنون من ترك هذه العادة، التي تسرع بهم إلى الموت، أبكر كلما كانت حياتهم أطول وصحتهم أفضل.

مصادر من داخل وخارج النص

1- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/32207405/

2- الاحتتمالات المطلقة absolute risks (AR) = عدد الأحداث (الجيدة أو السيئة) في المجموعة الخاضعة للتجربة (المعرضة) أو المجموعة الضابطة (غير المعرضة)، مقسومًا على عدد الأشخاص في تلك المجموعة.” ترجمناه من نص ورد على هذا العنوان:

Understanding statistics: risk

3- https://ar.wikipedia.org/wiki/خطر_نسبي

4- https://handbook-5-1.cochrane.org/chapter_9/9_2_2_1_risk_and_odds.htm

5- https://www.cancer.gov/publications/dictionaries/cancer-terms/def/hazard-ratio

6- https://rattibha.com/thread/1477549780251332608

7- https://ar.wikipedia.org/wiki/عدد_السنوات_المصححة_بجودة_الحياة

8- https://www.bmj.com/content/320/7226/53.1

9- https://www.bmj.com/content/309/6959/901

10- https://ar.wikipedia.org/wiki/دراسة_الأطباء_البريطانيين

11- https://www.bmj.com/content/328/7455/1519

12- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/23107252/

13- “يُعرَّف عامل التشويش (أو عامل الإرباك) Confounding factor بأنه متغيِّر خارجي extraneous variable يؤثر وجوده في صحة نتائج البحث؛ فلا يعكس العلاقة الفعلية ما بين المتغيرات المدروسة والمخرجات outcome . ومن الضروري أن يكون عامل التشويش على ارتباط بكل من التعرُّض المدروس exposure (قد يكون تدخل دوائي أو غير ذلك) والنتيجة outcome (كالإصابة بمرض معين)، وليس جزءً من العلاقة بين التعرّض والنتيجة.” مقتبس من نص ورد على هذا العنوان:

https://www.syr-res.com/article/21695.html

14- https://ar.wikipedia.org/wiki/حالة_اجتماعية_اقتصادية

15-https://www.ons.gov.uk/peoplepopulationandcommunity/healthandsocialcare/drugusealcoholandsmoking/datasets/adultsmokinghabitsingreatbritain

16- https://academic.oup.com/eurpub/article/31/2/409/6041769

17- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/16549850/

18- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/32207405/

19- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/29367388/

20- https://pubmed.ncbi.nlm.nih.gov/11713360/

المصدر الرئيس

https://onlinelibrary.wiley.com/doi/full/10.1111/add.16757

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى