أقلام

ذكريات حول العمرة وشهر رجب الأصب (٣)

عبد الله حسين اليوسف

روي عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال: “رجب شهر الله الأصم [الأصب] يصب الله فيه الرحمة على عباده.”

الحلقة رقم 3

وقفت مع أحد الإخوة الكرام، فقال لي: “كل فترة يذهب الإخوة والأخوات من أبناء الوطن للعمرة، ويحدث ازدحامٌ بين المسافرين من المسلمين خارج البلاد.”

ثم سألني: “هل لديكم معلومات عن مكة المكرمة، حول الكعبة وتاريخها وما تحتويه، ودورها الديني؟ وكيف يستمد المسلمون الحضور في بيت الله والنظر إلى الكعبة المشرفة؟”

أجبته قائلًا: “نعم، كلامك صحيح. لا بد من القراءة والثقافة، سواء بتصفح الكتب التاريخية أو المواقع الموثوقة حول دور مكة المكرمة والكعبة خصوصًا. كذلك يجب الاطلاع على كيفية أداء العمرة أو الحج حسب الرأي الفقهي، مع تهيئة النفس والروح. الكعبة هي رمز للوحدة والأحدية، كما في القرآن الكريم، وهي تمثل الإنسان الكامل.”

“فالكعبة الواحدة على الأرض والدين الواحد في الخلق والرب الواحد للعالمين، جميعها تدعو إلى الوحدانية والأبدية، والطواف والفناء بالله والبقاء به.”

“الكعبة هي محور الطهارة ورمز العبادة كما قال تعالى:

{ أَن طَهِّرَا بَیۡتِیَ لِلطَّاۤئفِینَ وَٱلۡعَـٰكِفِینَ وَٱلرُّكَّعِ ٱلسُّجُودِ }[سُورَةُ البَقَرَةِ: ١٢٥]

“الكعبة هي مطاف المؤمنين لتجرد أرواحهم، كما أن الملائكة يطوفون حول البيت المعمور في السماء الرابعة، أو حول العرش في السماء السابعة.”

“الإنسان ذو بعدين: روحاني كالملائكة، وجسدي كالحيوان. وقد أفلح من تزكى:

{ قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا (٩) وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا (١٠) }[سُورَةُ الشَّمۡسِ: ٩-١٠]

وسُئل الإمام الصادق (ع) عن الآيات البينات في قوله تعالى:

{ إِنَّ أَوَّلَ بَیت وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِی بِبَكَّةَ مُبَارَكا وَهُدى لِّلعَـٰلَمِینَ (٩٦) فِیهِ ءَایَـٰتُ بَیِّنَـٰت مَّقَامُ إِبرَ ٰ⁠هِیمَ وَمَن دَخَلَهُۥكَانَ ءَامِنا (٩٧) }[سُورَةُ آلِ عِمرَانَ: ٩٦-٩٧]

فأجاب: “مقام إبراهيم (ع)، والحجر الأسود، ومنزل إسماعيل (ع).”

ويقول أمير المؤمنين (ع) عن هذا البيت المبارك:

“إنه أول بيت وضع للناس مباركًا فيه الهدى والرحمة والبركة.”

وعن الإمام الصادق (ع) قال: “إن الله عز وجل اختار من كل شيء شيئًا، واختار من الأرض مكة، واختار من مكة المسجد، واختار من المسجد الموضع الذي في الكعبة.”

وقال (ع) أيضًا: “النظر إلى الكعبة عبادة.”

وعن رسول الله (صلى الله عليه وآله) قال: “النظر إلى الكعبة حبًا لها يهدم الخطايا هدمًا.”

وبالعودة إلى التنظيم، فإن صحن المطاف لا يدخل إليه إلا من عليه الإحرام، وذلك لتوفير المساحة للمعتمرين، كما يتم تنظيم الصلاة.

ويحسن بالمعتمر أن يختار الأوقات الأقل ازدحامًا ليتمكن من أداء مناسك العمرة ومجاورة الحرم والصلاة فيه بكل يسر وسهولة.

قرأت لكم من كتاب (فيه آيات بينات) للمؤلف/ الشيخ مرتضى علي الباشا، الطبعة الأولى 1426هـ / 2005م.

أفضل مواضع المسجد الحرام:

روي ان الحسن بن الجهم: سألت أبا الحسن الرضا (ع):

عن أفضل موضع في المسجد يصلى فيه، قال: الحطيم ما بين الحجر وباب البيت قلت: والذي يلي ذلك في الفضل. فذكر أنه عند مقام إبراهيم عليه السلام قلت: ثم الذي يليه في الفضل؟ قال: في الحجر، قلت: ثم الذي يلي ذلك؟ قال: كلما دنى من البيت.

قال الشيخ الصدوق: وقال الصادق (ع): إن تهيأ لك أن تصلي صلواتك كلها الفرائض وغيرها عند الحطيم فافعل، فإنه أفضل بقعة على وجه الأرض. والحطيم ما بين باب البيت والحجر الأسود، وهو الموضع الذي فيه تاب الله عز وجل على آدم (ع).

أسماء بئر زمزم:

عن معاوية بن عمار، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: أسماء زمزم ركضة جبرئيل، وحفيرة إسماعيل، وحفيرة عبد المطلب، وزمزم، وبرة، والمضمونة، والرواء، وشبعة وطعام مطعم، وشفاء سقم.

وتقول حين تشرب:

“اللهم اجعله علمًا نافعًا ورزقًا واسعًا وشفاءً من كل داء وسقم”

أركان الكعبة:

اشتهر التعبير عن زوايا الكعبة المشرفة بالأركان. واختلف العلماء في أسماء أركان الكعبة المشرفة، والمشهور أن الركن الذي فيه الحجر الأسود يسمى بالركن العراقي، وبعده الركن الشامي فالركن الغربي أو المغربي، فالركن اليماني. والمشهور أيضًا بين أن الركـن الـذي فيه الحجر الأسود يسمى بركن الحجر، وبعده الركن العراقي، فالركن الشامي، فالركن اليماني.

ميزاب الكعبة المشرفة:

الميزاب: هو مصبُّ المطَر على حِجر إسماعيل، ويُسمَّى «ميزاب الرحمة».

الشاذروان :

هـو جـدار قصير ناتئ ملاصق لجدار الكعبة المشرفة من ثلاثة جهات. وقد ذهب بعض علمائنا إلى أنه جزء من الكعبة المشرفة والله العالم.

في حجر إسماعيل:

من الملحوظ أن الطائف بالكعبة المشرفة في شدة الحر عندما يصل إلى نهاية حجر إسماعيل عليه السلام يشعر بـهـواء بارد منعش، وقد روي في تعليـل ذلـك عـن عمر بن عبد العزيز أنه قال: شكا إسماعيل عليه السلام إلى ربه عز وجل حـر مـكـة، فأوحى الله إليه: “إني سأفتح لك بابًا إلى الجنة إلى الموضع الذي تدفـن فـيه. يجرى عليك روحها إلى يوم القيامة”. والله العالم..

مقبرة المعلاة أو الحجون:

حوت هذه المقبرة شخصيات كبيرة على مر التاريخ. وأهم هذه الشخصيات: قصي بن كلاب، هاشم، عبد مناف، عبد المطلب، أبو طالب خديجة الكبرى، القاسم، والطيب، والطاهـر أبناء الرسول(ص) ، قيل: إن أبناء الرسول المدفونين في مكة اثنان، وهما عبد الله ويلقب بالطيب والقاسم وبلقب بالطاهر، وسمية أم عمار بن ياسر أول شهيدة في الإسلام.

مسجد الجن:

قيل فـي هـذا المكان استمع الجن إلى رسول اللہ (ص) وهو يقرأ القرآن الكريم، فنزل في ذلك قوله تعالى:

{ قُل أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ ٱستَمَعَ نَفَر مِّنَ ٱلجِنِّ فَقَالُوۤا۟ إِنَّا سَمِعنَا قُرءَانًا عَجَبا }[سُورَةُ الجِنِّ: ١]

جبل النور وغار حراء:

وهـو الجبل الذي كان يتعبد فيه رسول اللہ (ص) قبل البعثة، وفيه نزل الوحي. واعلم أن الجالس في غار حراء يشرف على مكة المكرمة، ويرى الكعبة المشرفة وبيت الله أمامه مباشرة.

جبل ثور:

يقع جنوب مكة المكرمة وهو الجبل الذي اختفى فيه الرسول (ص) ليلة الهجرة وهي الليلة التي بات فيها علي بن أبي طالب عليه السلام على فراش الرسول وفداه بنفسه.

نأمل تخصيص وقت لزيارة معرض الوحي في مكة المكرمة:

رحلة بصرية وسمعية ثرية، توثق قصة نزول القرآن الكريم على النبي محمد (ص)، وجانبًا من سيرة المجتمع المكي في بداية قصة الإسلام. ويقف الزائر لمعرض الوحي على جلال الزمان والمكان؛ حيث كان يصل النبي محمد إلى الموضع التاريخي وينقطع في عبادته بعيدًا عن الناس، ويتتبع المعرض قصة نزول الوحي على الأنبياء، ابتداءً من آدم وصولًا إلى نبي الإسلام، ويستفيض في عرض جوانب من سيرته. ينتقل بعدها الزائر للتعرف على كل ما يرتبط بقصة نزول الوحي كغار حراء وأم المؤمنين خديجة بنت خويلد رضي الله عنها، وجبريل عبر عرض تقني جذاب، يأخذ المشاهد في رحلة سمعية وبصرية ماتعة.

إن زيارة المعرض تعد تجربة ثقافية وروحية مميزة، خاصة لمن يرغب في فهم أعمق لمراحل نزول الوحي وأثره في حياة المسلمين.

للمزيد حول مواعيد الدخول تصفح الموقع التالي:

https://hihala.com/ar/e/revelation-exhibition/

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى