أقلام

حرب ضروس بين اليود والأكسجين في غلاف الأرض الجوي تفسر تأخر ظهور النباتات والحيوانات على الأرض 2 تريليون سنة

المترجم : عدنان أحمد الحاجي

لو أنت ممن يحب رائحة الورد في الربيع، وأصوات الطيور في الصيف، وألوان أوراق الشجر في الخريف، فإن الفضل في ذلك يعود إلى استقرار طبقة الأوزون. تقع طبقة الأوزون في طبقة الستراتوسفير (1) من الغلاف الجوي (2)، حيث تتكفل طبقة الأوزون بحماية الأرض من الأشعة فوق البنفسجية الضارة، وتلعب دورًا رئيسًا في الحفاظ على التنوع البيولوجي (3) على الكوكب.

والآن ربما تحصّلنا على فكرة أفضل عن السبب الذي جعل طبقة الأوزون تأخذ وقتًا طويلاً قبل أن تستقر – فترة ربت على 2 مليار سنة..

وبحسب دراسة جديدة أجريت بقيادة جامعة ييل، فإن الغلاف الجوي القديم للأرض (4) شهد معركة من نوع لعبة باتل رويال battle royal [سردية تعرض معركة بين طرفين يخوضان معركة بينهما حتى الموت (5)] بين اليود والأكسجين، مما أدى فعليًا إلى تأخر نشوء طبقة الأوزون المستقرة، والتي من شأنها حماية الحياة المعقدة من كمٍ هائل من أشعة الشمس فوق البنفسجية الضارة.

قد تحل نظرية جديدة ذُكرت في دراسة نشرت في مجلة وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم (6)، لغزًا حير العلماء لمئات السنين.

يظل أصل وتنوع الحياة المعقدة على الأرض أحد أكثر المسائل عمقًا وديمومة في العلوم الطبيعية،” كما قال جينجون ليو Jingjun Liu، طالب الدكتوراه في علوم الأرض والكواكب في جامعة ييل والمؤلف الأول للدراسة الجديدة (6).”

في الواقع، لقد تساءل العلماء منذ فترة طويلة عن سبب عدم ظهور النباتات الأرضية (النباتات الجينية أو الايمبريويات (7)) على الأرض وتأخرهاإلى ما قبل 450 مليون سنة مضت، بالرغم من أن أسلاف هذه النباتات، وهي البكتيريا الزرقاء المخضرة (8)، كانت موجودة من 2.7 مليار سنة مضت. وعلى نحو مماثل، لا توجد آثار أحفورية لحيوانات أو نباتات برية معقدة قبل العصر الكمبري [أول العصور الستة من حقبة الحياة القديمة (9)] (الممتدة بين ما قبل 541 إلى 485 مليون سنة مضت) بالرغم من وجود أدلة على وجود آثار أحفورية مجهرية (10) أقدم بكثير منها.

“التفسير الوحيد الموجود ينص على أن هذا التأخر هو سمة جوهرية للنشوء والتطور – أي أن هناك حاجة إلى فترة سحيقة جدًا من الزمن،” كما قال نوح بلاناڤسكي Noah Planavsky، أستاذ علوم الأرض والكواكب، وعضو هيئة التدريس في مركز ييل لاستخلاص (ويعرف أيضًا بـ حبس) الكربون الطبيعي، وأحد مؤلفي الدراسة الجديدة. “ولكن هذا المفهوم أخفق في تفسير كيف ولماذا نشأت الحياة المعقدة وتنوعت.”

وتشير الدراسة الجديدة (6) إلى أن شيئا خارج نطاق الحاجة إلى الزمن (طول الفترة الزمنية) كان مسؤولًا عن ذلك: وهو التأخر في استقرار طبقة الأوزون على الأرض، الناجم عن التركيزات المرتفعة لـ اليود البحري التي منعت من تشكل درع واقٍ من الأشعة فوق البنفسجية في الغلاف الجوي.

يعتمد إنتاج الأوزون على الأكسجين الجوي والأشعة فوق البنفسجية الخلفية. من المقبول، بشكل عام، بين العلماء أنه بمجرد أن أصبح للأرض تركيز مرتفع من الأكسجين في غلافها الجوي، شكلت الآرض طبقة أوزون في الغلاف الجوي سمحت للتطور البيولوجي بالتقدم بلا عوائق.

وقال ليو “لقد طعنّا في هذا النموذج وذلك بالنظر في مدى تأثير دورة اليود الناشئة على الأرض في وفرة الأوزون واستقراره”.

وفي إطار الدراسة، قام فريق بحثي بقيادة جامعة ييل بتحليل أنواع متعددة من الأدلة الجيولوجية المستقلة وتطوير نموذج للمحيط والغلاف الجوي لمحاكاة ديناميكيات اليود والأوزون للأرض في مراحلها الآولى (القديمة). وجد الباحثون أن تركيز محتوى اليود البحري المرتفع (الذي يتكون عندما يتحد اليود مع عنصر آخر لتكوين الملح) كان سائدًا طوال معظم تاريخ الأرض، وهو ما كان من شأنه أن يؤدي إلى انبعاثات كبيرة من اليود غير العضوي في الغلاف الجوي بعد ارتفاع تركيز الأكسجين – في وجود إمكانية استنفاد طبقة الأوزون.

آلية تدمير طبقة الأوزون بواسطة اليود تشبه عملية تدمير طبقة الأوزون بواسطة مركبات الكلورو فلورو كربون (CFCs ) (11) وتسببت في “ثقب الأوزون” فوق القارة القطبية الجنوبية. عندما تخضع مركبات الكلورو فلورو كربون للتحلل الضوئي، فإنها تطلق الكلور التفاعلي، الذي يدمر الأوزون في طبقة الستراتوسفير بواسطة التحفيز الكيميائي، مما أدى إلى استنفاده بنسبة 50% فوق القارة القطبية الجنوبية في ذروة مشكلة نفاد طبقة الأوزون فوق القارة.

وقال بلانافسكي: “الدورات المعتمدة على التحفيز الكيميائي لليود لتدمير طبقة الأوزون تقتفي عملية مماثلة وهي أسرع بكثير من تلك التي تنطوي على الكلور التفاعلي.” “تشير حساباتنا الضوكيميائية photochemical إلى أن الزيادة المعتدلة في انبعاثات اليود غير العضوي البحري قد تؤدي إلى استنفاد الأوزون في الغلاف الجوي بأكمله بعشرات أو حتى مئات المرات مقارنة بالمستويات الحديثة.”

وأشار ليو إلى أنه على نطاق عالمي، من المرجح أن مستويات الأوزون غير المستقرة والمنخفضة استمرت لفترة من 2.4 مليار سنة مضت إلى ما يقرب من نصف مليار سنة مضت. وقال ليو: “خلال هذه الفترة، حتى في ظل مستويات عالية من إنتاج الأكسجين، ربما كان مستوى الأوزون الجوي منخفضًا بشكل بالغ وغير مستقر على الأرجح، مما أدى إلى تدفقات دورية عالية أو مستمرة من الأشعة فوق البنفسجية الشمسية على سطح الأرض.”

شارك في تأليف الدراسة دالتون هارديستي Dalton Hardisty من جامعة ولاية ميشيغان، وجيمس كاستينغ James Kasting من جامعة ولاية بنسلفانيا، ومجتبى فخرائي Mojtaba Fakhraee من جامعة ييل.

مقطع فيديو عن الدراسة: https://youtu.be/VdaB9ucYy7k?si=dhroPfXuxU_1lV6O

مصادر من داخل وخارج النص

1- https://ar.wikipedia.org/wiki/ستراتوسفير

2- https://ar.wikipedia.org/wiki/غلاف_الأرض_الجوي

3- https://www.un.org/ar/climatechange/science/climate-issues/biodiversity

4- https://ar.wikipedia.org/wiki/غلاف_جوي_قديم

5- https://en-m-wikipedia-org.translate.goog/wiki/Battle_Royale_(novel)?_x_tr_sl=en&_x_tr_tl=ar&_x_tr_hl=ar&_x_tr_pto=rq

6- https://www.pnas.org/doi/10.1073/pnas.2412898121

7- https://ar.wikipedia.org/wiki/نباتات_جنينية

8- https://ar.wikipedia.org/wiki/بكتيريا_زرقاء

9- https://ar.wikipedia.org/wiki/العصر_الكمبري

10- https://ar.wikipedia.org/wiki/أحفوريات_مجهرية

11- https://ar.wikipedia.org/wiki/كلوروفلوروكربون

المصدر الرئيس

https://news.yale.edu/2025/01/06/earths-air-war-explaining-delayed-rise-plants-animals-land

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى