أقلام

رنة جوال

أمير الصالح

ترن ترن… ترن ترن… هكذا كان يُسمع صوت رنين الهاتف الأرضي في الماضي، حيث كان يتميز بنغمة واحدة فقط. ومع تطور ثورة الاتصالات وانتشار استخدام الهواتف المحمولة في كل مكان، أصبحنا نسمع الرنات في كل وقت ومكان، بما في ذلك الأماكن العامة وقاعات الجامعات، والمساجد، ووسائل النقل العام، والمجمعات، والمستشفيات، والأندية… الخ، حيث تتداخل الأصوات بشكل ملحوظ، فنسمع نغمات متعددة في آنٍ واحد أو بشكل متقطع كما أصبحنا في بعض الأحيان نسمع بوضوح كل ما يدور بين المتحدث والمتصل بسبب ارتفاع صوت كليهما.

ولرنات الهاتف المحول مجموعة متنوعة من النغمات الموسيقية بأنماطٍ مختلفة، منها الهادئة والصاخبة، والعادية والمليئة بالحيوية وموسيقى الراب، ومقاطع عزف الساكسفون.

كما أن هناك رنات ترانيم وآذان وأناشيد ونكات مضحكة وأصوات تغريد الطيور ونباح كلاب وأصوات غير لائقة وغيرها.

ومع تنوع هذه النغمات، نلاحظ بعض أصحاب الهواتف المحمولة لا يلقون بالاً بإغلاقها في أكثر اللحظات حساسية، سواء أثناء أداء الصلاة، أو خلال مناقشات هامة في قاعة اجتماعات، أو خلال شرح مراجع لطبيب الطوارئ عن حالة أحد أفراد أسرته في المستشفى مما تُشكل هذه الرنات مصدر إزعاج للجميع وتشتت انتباههم. وكذلك الحال مع المتحدثين ذوي الأصوات العالية، من تُشكّل أصواتهم مصدرًا لضوضاء غير مرغوبٍ بها.

ومن هذا المنطلق فإن من الأدب والذوق عند حضور أي اجتماع سواء كان ديني أو علمي أو عملي، أن يتم ضبط الهاتف المحمول على الوضع الصامت أو الهزاز، لتجنب تشتيت الانتباه، واحترام الحضور، والمحافظة على الهدوء.

وعلى المستوى الشخصي، أحرص دائمًا على أن يكون هاتفي المحمول صامتاً عند دخولي دور العبادة، أو عند زيارة المرضى في المستشفيات، أو عند تقديم واجب العزاء، أو خلال الجلسات العائلية، وذلك للاستمتاع بأجواء هادئة خالية من الإزعاج.

ففي تعاليمنا الدينية والتربوية آداب شاملة لكل جانب من جوانب الحياة، بدءًا من آداب الاختلاء، مرورًا بآداب السفر، وآداب الطعام، والطهارة، والحديث.

وبهذا، يمكن القول إن المجتمع المدني بحاجة إلى وضع إطار لاستحداث قواعد تنظم استخدام الهواتف المحمولة في الأماكن العامة. كما ينبغي التأكيد على ضرورة التزام مستخدمي الهواتف بتجنب إزعاج الآخرين، سواء بخفض أصواتهم أثناء المكالمات أو على الأقل بالتحدث في مكان جانبي.

تذكر دائمًا أن درجة اهتمامك بنفسك وبالآخرين، وكذلك التزامك بتعاليم دينك، تظهر من خلال سلوكك وتصرفاتك ومبادراتك اليومية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى