قراءة في كتاب الفروق بين الجنسين
عبد الله حسين اليوسف
قراءة في كتاب الفروق بين الجنسين (مبادئ الفهم والتفاهم – للمخطوبين الجدد! والأزواج -)، تأليف / السيد شاكر اليوسف ومشاركة ضياء نصار، الطبعة الأولى:1446هــ /2024م
جزء من المقدمة:
إنَّ من أهم ما يُسهم في إيجاد حياة زوجيةٍ مثالية رائقة هو محاولة كل طرف تفهم ما عليه الطرف الآخر من سجايا وصفات ذاتية أو طبعية ذات مساس بالهوية الخلقية ذكورية كانت أم أنثوية. وإذا لم يعرف الذكور والإناث أنهم مختلفون منذ البداية، فإن العلاقة بين الطرفين ستصاب بإشكالاتٍ كثيرة قد تُعرّض حياتهما الزوجية للتوتر الدائم، والتشنج المستمر وقد تنتهي بها إلى الانفصال والفرقة.
الرجل يهتم بذاته أكثر والمرأة تهتم بالآخرين أكثر.
الفوارق الأكثر أهمية الأهم فالمهم.
وهذا الفارق من أهم الفوارق الطبعية بين الجنسين ولهذا ذكرناه أولًا …
ففي حين أن الاهتمام بالآخرين هو محور حياة المرأة والصفة البارزة في سلوكها، وان المرأة تجد نفسها من خلال علاقاتها مع الآخرين، بينما يكون الرجل أكثر اعتدادًا بالذات، وهو يحاول أن يُثبت ذاته بذاته بقطع النظر عن الآخرين، وأحيانًا بالابتعاد عنهم.
أي أن الرجل يُفكر ويشعر ويتصرف ويؤكد ذاته من خلال ذاته أولًا وكهدف رئيس، وقد يؤكدها من خلال الآخرين كهدف ثانوي. وفي كثير من الأحيان نجد الرجل يشعر بأنه لا يمكنه إثبات نفسه إلا من خلال تحصين نفسه ضد الآخرين، وقد يلجأ أحيانًا إلى أسلوب الابتعاد عنهم.
إن هذا الاختلاف في الشعور بين الرجل والمرأة يجعل المرأة بطبيعتها تجهد نفسها للعناية بالآخرين وتلبية حاجاتهم (ينعكس ذلك من خلال رعايتها واهتمامها بتدبير شؤون المنزل والأسرة مثلًا) بينما يتصرف الرجل في أكثر الأحيان على نحو منفرد وحازم ويحاول دائمًا أن يحافظ على مسافة بينه وبين الآخرين في التعامل والعشرة، وهذا هو معنى قولنا “الرجل ذاتي الاهتمام والمرأة غيرية الاهتمام”، ولا نعني بذلك أن المرأة اجتماعية بالطبع، وأن الرجل غير اجتماعي، بل نعني به أن حاجة المرأة للعلاقات وللألفة حاجة رئيسة، فلهذا تجد أن المرأة هي من يعتمد أكثر على المكالمات الهاتفية من المحبين لأنها تجد ذاتها من خلال علاقاتها، وهي بحاجة لتقدير الآخرين، وهي مَن تُعاني أكثر عندما ينقطع الآخرون عن التواصل معها.
وعلى هذا الأساس نعرف لماذا قد تكون. علاقات المرأة مع مثيلاتها واسعة وشمولية وتتصف أحيانًا بأنها دون ضابط منتظم، بينما الرجل أكثر تدقيقًا من هذه الناحية طبعًا لا تخلو هذه القاعدة من استثناءات وشذوذ، فقد تتخذ المرأة أسلوب الرجل، وقد يستعير الرجل أسلوب المرأة،
وهنا نتساءل أي السلوكين أقرب إلى الصواب؟
الجواب: إن كلا السلوكين يتلاءم مع الوظيفة التي خلق الله تعالى من أجلها الرجل والمرأة، فليس في سلوك أي منهما نقص بل هو اختلاف فطري، قدره الخالق التدبير أمر الخليقة وإدارة شؤون الحياة.
لذا عندما تكون المرأة ممرضة تكون أكثر رعاية واعتناء بالمرضى من الرجل الممرض. كذلك تكون المرأة أكثر لياقة وجدارة من الرجل للعمل ضمن حقل التربية في دور الحضانة للأطفال. بينما نجد الرجل أكثر لياقة في حقول إدارة الأموال والأعمال، وأكثر دقة في تنظيم العقود، ووضع الشروط والقيود. وهذا كله مما تقتضيه الوظيفة الطبيعية التي خلق لها وركبت فيه، ف “كل ميسر لما خلق له “.
لكن المشكلة تنشأ عندما يترافق أو يتزاوج رجل ذو شعور قوي بالذات مع امرأة ذات شعور قوي بالآخرين مما يجعل ذات المرأة أكثر ضعفًا وتواضعًا أمام هذا الرجل، بل قد تكون مسحوقة وفانية في مقابله.
ولا شك أن الأليق بالرجل هنا هو الإدراك المتوازن للذات وللآخرين. وعلى ضوء هذا الفارق المهم لوحظت عدة نتائج أو فوارق فرعية مترتبة عليه وهي كما يلي:
أولًا: غالبا تكون المرأة أكثر فضولا من الرجل.
ثانيًا: غالبًا يكون الرجل أكثر تنافسًا، بينما المرأة أكثر تعاونًا.
ثالثًا: المرأة تحتاج إلى مزيد من القرب والتواصل والألفة، بينما قد يحتاج الرجل إلى مزيد من البعد والمسافة، وأحيانًا العزلة. فعندما تصاب المرأة بمشكلة تبحث عمن تشكو إليه، على العكس من الرجل الذي يبحث عن العزلة ويميل إلى الخلوة.
رابعًا: من الطبيعي أن يقيم الرجل حواجز بينه وبين الآخرين بينما تكون المرأة أكثر انفتاحًا وليونة. إن الحدود اللينة للمرأة قد تخلق اضطرابًا في طبيعة العلاقة، من جهة أين تنتهي هي وأين يبدأ الطرف الآخر.
خامسًا: الرجال أكثر استقلالية من النساء، فمعظم الرجال لا يحبون أن يحكمهم الآخرون ويرغبون أن يقوموا بالأشياء بطريقتهم دون تدخل، بينما حاجة المرأة للألفة تخلق اعتمادًا واتكالًا على الآخرين. لذلك المرأة تحب الرجل القوي في شخصيته، والقوي في جسده، والقوي في قدرته المالية، والقوي في كل شيء لتعتمد عليه.
سادسًا: غالبًا ما يأنف الزوج من تقديم الاعتذار والتأسف نتيجة صدور خطأ ما أو تصرف غير لائق، بينما من السهل على الزوجة أن تبادر إلى ذلك.
سابعًا: تعلمت المرأة أن ترفع من قيمة الآخرين ولو على حساب الذات، وتعلم الرجال أن يدعموا الذات ولو على حساب الآخرين؛ والصحيح هو التوازن في ذلك.
ثامنًا: إن البنت – حتى وهي صغيرة تبدأ – بالتصرف بطريقة مختلفة عن الصبي؛ فبينما هو مستقل أو عدواني، تكون هي جذابة وخجولة. إن كل أساليبها وتصرفاتها مع الآخرين هو لجلب الانتباه أو جذب الرعاية والحب لهذا تشعر البنت بالغبطة والاعتزاز عندما يمتدح الأبوان تصرفها في موقف ما أو أداء معين، أو حتى عندما يُظهران إعجابهما بفستانها أو حذائها الذي تلبسه؛ يظهر ذلك على قسمات وجهها عندما تطأطئ رأسها حياءً. ولذا كان من المهم أن يشبع الجانب العاطفي في البنت خصوصا من جانب الأب. أما الصبي فهو قد لا يعبأ كثيرًا بذمه عندما يبرز منه فعل عدواني أو أي عمل عبثي. إنه بذلك يُعبّر عن نزعته في الاستقلال. ولهذا نلاحظ أن البنات يتلمسن الحنان ويستشعرن الجوانب العاطفية في سن مبكرة أكثر من الذكور.
النتيجة:
أن الذكور والإناث مختلفون منذ البداية.
توصية للجنسين:
نقول للمرأة: لا تتوقعي أن يتصرف زوجك كصديقاتك اللاتي يبدين لك دائمًا مزيدًا من الحميمية والإعجاب.
ونقول للرجل: لا تتوقع أن تتصرف زوجتك كأصدقائك الذين يحتاجون مثلك لمزيد من المسافة، فالنساء يتقن للقرب دائمًا. وتذكر أن قول الرجل لزوجته “إني أحبك” لا يذهب من قلبها أبدًا، ومقولة “إنني أهتم بك طوال الوقت حتى وأنا الست. عك” تصنع العجائب. حاول أن تناديها دائما ب ” يا عزيزي ونحو ذلك.
أربع نصائح أساسية:
للزوج والزوجة….
1- كل منكما غريب عن الآخر ومختلف من ناحية الأفكار والثقافة والنشأة فليعطي كل منكما فرصةً ومجالًا من الوقت الدراسة الآخر والتعرف إليه.
2- التفاهم والإصغاء الجيد سر من أسرار نجاح العلاقة الزوجية.
3- لحل المشاكل يجب أن يتعلم كل منكما ثقافة التنازل والتسامح والإغضاء لتجري المياه في مجاريها. وأنت أيها الزوج بالخيار في كثير من الأحيان، إما أن تعيش سعيدًا أو مدققًا ومصححًا ومصوّبًا لكل صغيرة وكبيرة، الأحسن هو أن تعمل بالنصيحة القائلة “استمتع به على عوج”.
4- إذا كنت أو كنتِ ممن يعاني من أوضاع نفسية خاصة أو ضغوط ذهنية أو عصبية توجب لك أو لكِ ردود أفعال متشنجة وسريعة، ولا تستطيع التحكم في فوران الغضب والعصبية، فبادر لأخذ بعض العلاجات الآمنة والمتاحة بعد مراجعة الطبيب المختص.