رفيق الدرب

السيد فاضل آل درويش
العلاقات الاجتماعية حاجة ملحة في حياتنا فنحتاج إلى من ننسجم معه نفسيًا وفكريًا لخوض المواجهات وتحديات الحياة، يرفدنا بقوة فكرية تقدم لنا الأفكار والمناقشات التي تساعدنا على الوصول إلى قرارات مناسبة وحاسمة، كما نتلقّى منهم الدعم والتشجيع في تنفيذ خطواتنا على أرض الواقع، وهذا لا يلغي قوة الشخصية والاستقلالية والثقة بالنفس الإيجابية والاعتماد كليا على الآخرين، ولكن في أوقات الحيرة والضياع نحتاج إلى من يساعدنا على استرجاع توازننا وهدوئنا، بل في كل الأوقات يمثل الصديق الوفي رفيق درب وشريكًا في النجاح وتحقيق الإنجازات، وهذا الرفيق الناصح لا يمكن أن يأخذ مكانه في قربنا دون إخضاعه لمعايير وأسس للاختيار الموفق له، وهذا يعتمد على ما يمتلكه من قدرات تتناسب وطريق تفكيرنا وأسلوبنا في إدارة حياتنا، فهو ينير لنا الجانب المظلم ويضع أصابعنا على الثغرات ومناطق الزلل التي يمكن أن نقع فيها، ولا يختلف اثنان حول طبيعة الحياة الصعبة وما يواجهه الفرد من مشكلات متلاحقة قد تطيح بالإنسان المغتر بعقله وقدراته، وتلك العقبات والتقلبات التي نشعر معها بفداحة الأمر وصعوبته لا يمكن تجاوزها إلا بالتحليق بجناح الحكمة والبصيرة ونصيحة الصديق ونقده الإيجابي والواقعي.
ذلك الرفيق الذي تخلّص من ربقة الأنانية والتبلد الوجداني وعدم الشعور بمعاناة واحتياجات الآخرين من حوله هو من يستحق مرافقته في دروب الحياة، ولذا فهو ينفتح في وقته وجهوده على تقديم المساندة لأصدقائه، فنصحه يساعد في اختيارة الخطوة المناسبة وعدم التسرع في الاستجابة لصوت الانفعال الهائج المؤدي لاتخاذ خطوات متهورة يندم عليها بعد ذلك كثيرًا.
ومجرد حسن استماعه لمعاناتنا يعد خطوة مهمة في تنفيس الضغوط الحياتية والقدرة على استيعاب حجم المشكلة والتخفيف من المعاناة والآلام، وفي اللحظات الصعبة والمتأزّمة يكون أكبر داعم على تجاوزها بأقل الخسائر.
الدعم المعنوي الذي يقدمه الصديق لا يقتصر على الجانب الفكري وتنويره باتجاهات الحلول والمعالجات، بل يحتويه وجدانيا من خلال الوقوف معه بما يشعره بأنه ليس وحيدًا في وسط أمواج الحياة العاتية، يمنحك روح الأمل والتفاؤل بمستقبل تختفي منه الإخفاقات والآلام مع السعي الجدي على النهوض مجددًا، كما أنه يشاركك اللحظات الجميلة التي تجاوزت فيها المراحل الصعبة وحققت فيها نجاحًا، ويسهم في توجيهك نحو فعل الخيرات التي تعد رصيدا لك في الآخرة وفي علاقاتك المجتمعية الناجحة.
ومن الأدوار التي يؤديها هذا الرفيق الصالح المساندة في اتخاذ القرارات المناسبة بعيدًا عن العجلة والانفعالية تعد مهمة ليست بالسهلة ، حيث لا يعني ذلك ضعف إرادتك والاتكاء على الآخرين، بل هو إيجاد مساحة من الحلول والأفكار ومشاركة الصديق في توليدها ومن ثَمّ الاختيار المناسب بعدها، حيث رؤيتنا للأمور قد تكون من زاوية معينة ويعيننا هذا الصديق على النظرة من جميع الاتجاهات والأبعاد، فكم من صديق لعب دورًا كبيرًا في اكتشاف الأخطاء والتغيير نحو الأفضل وحسن إدارة الجهود والأوقات.